بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم
تفسير اليوم اية 78
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ
ملخص الاية
–قوله: { وجاهدوا في اللّه حق جهاده} أي بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم، كما قال تعالى: { اتقوا اللّه حق تقاته} ، وقوله: { هو اجتباكم} أي يا هذه الأمة اللّه اصطفاكم واختاركم على سائر الأمم، وفضلكم وشرفكم وخصكم بأكرم رسول وأكمل شرع، { وما جعل عليكم في الدين من حرج} أي ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم بشيء يشق عليكم إلا جعل اللّه لكم فرجاً ومخرجاً، ولهذا قال عليه السلام: (بعثت بالحنيفة السمحة) وقال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما أميرين إلى اليمن: (بشّرا ولا تنفّرا ويسّرا ولا تعسّرا)، والأحاديث في هذا كثيرة، ولهذا قال ابن عباس في قوله: { وما جعل عليكم في الدين من حرج} يعني من ضيق، وقوله: { ملة أبيكم إبراهيم} قال ابن جرير: نصب على تقدير { ما جعل عليكم في الدين من حرج} أي من ضيق بل وسَّعه عليكم كملة أبيكم إبراهيم، ويحتمل أنه منصوب على تقدير إلزموا ملة أبيكم إبراهيم. “”قلت””: وهذا المعنى في هذه الآية كقوله: { قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} الآية، وقوله: { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} ، قال ابن عباس في قوله: { هو سماكم المسلمين من قبل} قال: اللّه عزَّ وجلَّ. وقال ابن أسلم { هو سماكم المسلمين من قبل} يعني إبراهيم، وذلك لقوله: { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} ، وقد قال اللّه تعالى: { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} قال مجاهد: اللّه سماكم المسلمين في قبل في الكتب المتقدمة، وفي الذكر، { وفي هذا} يعني القرآن وكذا قال غيره. قلت وهذا هو الصواب لأنه تعالى قال: { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم حثهم وأغراهم على ماجاء به الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه بأنه ملة إبراهيم الخليل، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة، بما نوه به من ذكرها والثناء عليها، في سالف الدهر وقديم الزمان، في كتب الأنبياء يتلى على الأحبار والرهبان، فقال: { هو سماكم المسلمين من قبل} أي من قبل هذا القرآن { وفي هذا} ، روى النسائي عن الحارث الأشعري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم)، قال رجل: يا رسول اللّه وإن صام وصلى؟ قال: (نعم وإن صام وصلى) فادعوا بدعوة اللّه التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد اللّه) “”أخرجه النسائي في سننه””، ولهذا قال: { ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس} أي إنما جعلناكم هكذا أمة وسطاً، عدولاً خياراً مشهوداً بعدالتكم عند جميع الأمم لتكونوا يوم القيامة { شهداء على الناس} لأن جميع الأمم معترفة يومئذ بسيادتها وفضلها على كل أمة سواها، فلهذا تقبل شهادتهم عليهم يوم القيامة، في أن الرسل بلغتهم رسالة ربهم، والرسول يشهد على هذه الأمة أنه بلَّغها ذلك، وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا} ، وقوله: { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} أي قابلوا هذه النعمة العظيمة بالقيام بشكرها، فأدوا حق اللّه عليكم في أداء ما افترض، وترك ما حرم، ومن أهم ذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، { واعتصموا باللّه} أي اعتضدوا باللّه واستعينوا به وتوكلوا عليه وتأيدوا به، { هو مولاكم} أي حافظكم وناصركم ومظفركم على أعدائكم، { فنعم المولى ونعم النصير} : يعني نعم الولي، ونعم الناصر من الأعداء.
–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك
– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين
-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
تتحدث الاية عن
1-معنى { حَقَّ جِهَادِهِ.. } [الحج: 78] كالذي قلناه في{ مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [الحج: 74] لأن الجهاد أيضاً يحتاج إلى إخلاص، وأنْ تجعل الله في بالك، فربما خرجتَ لمجرد أن تدفع اللوم عن نفسك وحملتَ السلاح فعلاً ودخلت المعركة، لكن ما في بالك أنها لله وما في بالك إعلاء كلمة الله، كالذي يقاتل للشهرة وليرى الناس مكانته، أو يقاتل طمعاً في الغنائم، أو لأنه مغتاظ من العدو وبينه وبينه ثأر، ويريد أن ينتقم منه ، هذه وغيرها أمور تُخرِج القتال عن هدفه وتُفرغه من محتواه.لذلك لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمَنْ في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ” ” وهذا هو حق الجهاد، وأنت فيه حكَم على نفسك، لأن ميزان ذلك في يدك.
2-وقد تسأل: ولماذا الجهاد؟ قالوا: لأنك إذا انتفعتَ بالمنهج تطبيقاً له بعد التحقيق الذي أتى به الرسل تنفع نفسك، لكن ربك – عز وجل – يريد أنْ يُشيع النفع لمن معك أيضاً، وهذا لا يتأتّى إلا بالجهاد بالنفس أو المال أو أي شيء محبوب، وإلا فكيف ستربح الصفقة التي قال الله تعالى عنها:{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ.. } [التوبة: 111].وكما أن للجنود في ساحة القتال مهمة، كذلك لمن قعد ولم يخرج مهمة: الجندي حين يقتحم الأهوال والمخاطر ويُعرِّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه دخل المعركة وما عرَّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه ما دخل المعركة وما عرَّض نفسه للقتل إلا وهو واثق تمام الثقة، أن ما يذهب إليه بالقتل خير مما يناله بالجُبْن، وهذا يشجع الآخرين ويحثّهم على القتال.لذلك، في غزوة بدر لما سمع الصحابي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عن أجر الشهيد وكان في فمه تمرة يمصُّها، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، أليس بيني وبين الجنة إلا أنْ أُقتل في سبيل الله؟ قال: نعم، فألقى التمرة من فيه وخرج لتوِّه إلى الجهاد لأنه واثق تمام الثقة أن ما سيذهب إليه بالشهادة خير مما ترك.أما الذين بَقَوْا ولم يخرجوا، فمهمتهم أن يحملوا المنهج، وأنْ يحققوه، وإلا لو خرج الجميع إلى القتال واستشهدوا جميعاً، فمَنْ يحمل منهج الله وينشره؟
3-وجاءءت كلمة الجهاد عامة لتشمل كل أنواع الجهاد، فإذا ما أثمر الجهاد ثمرته وتعلبنا على الكفر فلم يَعُدْ هناك كفار، أو خَلَّوْا طريق دعوتنا وتركونا، وأحبوا أنْ يعيشوا في بلادنا أهل ذمة، فلا داعي – إذن – للقتال، ويتحول الجهاد إلى ميدان آخر هو جهاد النفس.لذلك قال تعالى بعدها: { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ.. } [الحج: 78] يعني: اختاركم واصطفاكم لتكونوا خير أمة أُخرجت للناس، وثمن هذا الاجتباء أن نكون أهلاً له، وعلى مستوى مسئوليته، وأنْ نحقق ما أراده الله منّا.كما ننصح جماعة من أهل الدعوة الذين حملوا رايتها، نقول لهم: لقد اختاركم الله، فكونوا أَهْلاً لهذا الاختيار، واجعلوا كلامه تعالى في محلّه.
4-ثم يقول سبحانه: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.. } [الحج: 78] يعني: ما اجتباكم ليُعنتكم، أو ليُضيِّق عليكم، أو ليُعسِّر عليكم الأمور، إنما جعَل الأمر كله يُسْر، وشرعه على قَدْر الاستطاعة، ورخَّص لكم ما يُخفِّف عنكم، ويُذهِب عنكم الحرج والضيق، فمَنْ لم يستطع القيام صلى قاعداً، ومَنْ كان مريضاً أفطر، والفقير لا زكاة عليه ولا حج.. الخ.كما قال سبحانه في موضع آخر:{ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] لكنه سبحانه ما أعنتكم ولا ضَيَّق عليكم، وما كلَّفكم إلا ما تستطيعون القيام به.
5-وقوله تعالى: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } [الحج: 78] كلمة (ملة) جاءت هكذا بالنصب، لأنها مفعول به لفعل تقديره: (الزموا) مِلة أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؛ لأنكم دعوته حين قال:
{ رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ.. } [البقرة: 128]
ومن دعوة إبراهيم عليه السلام:{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ.. } [البقرة: 129] لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يقول: ” أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرى عيسى “. يعني: من ذريته وذرية ولده إسماعيل{ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا.. } [البقرة: 128] أعطنا التكاليف، وكأنه مُتشوِّق إلى تكاليف الله، وهل يشتاق الإنسان للتكليف إنْ كان فيه ضيق أو مشقة؟وكذلك كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يعشقون تكاليف الإسلام ويسألون عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رغم قوله لهم: ” ذروني ما تركتكم ” إلا أنهم كانوا يسألون عن أمور الدين ليبنوا حياتهم الجديدة، لا على ما كانت الجاهلية تفعله، بل على ما أمر به الإسلام.ولنا مَلْحظ في قوله تعالى: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.. } [الحج: 78].نقول: الإسلام انقياد عَقَديٌّ للجميع، وفي أمة الإسلام مَنْ ليس من ذرية إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، لكن إبراهيم عليه السلام أبٌ لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أب لكل مَنْ آمن به؛ لأن أبوة الرسول أبوة عمل واتباع، كما جاء في قول الله تعالى في قصة نوح عن ابنه:{ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ.. } [هود: 46].ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لكل مَنْ آمن به سَمَّى الله زوجاته أمهات للمؤمنين، فقال سبحانه:{ ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.. } [الأحزاب: 6].وما دامت الأزواج أمهات، فالزوج أب، وبناءً على هذه الصلة يكون سيدنا إبراهيم عليه السلام أباً لأمة الإسلام، وإنْ كان فيهم مَنْ ليس من سلالته.ونجد البعض ممَّنْ يحبون الاعتراض على كلام الله يقولون في مسألة أبوة الرسول لأمته: لكن القرآن قال غير ذلك، قال في قصة زيد بن حارثة:{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ.. } [الأحزاب: 40] فنفى أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لأحد، وفي هذا ما يناقض كلامكم.نقول: لو فهمتم عن الله ما اعترضتُم على كلامه، فالله يقول: ما كان محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لأحدكم، بل هو أب للجميع، فالمنفيّ أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لواحد، لا أن يكون أباً لجميع أمته. وقال بعدها:{ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ}[الأحزاب: 40] وما دام رسول الله، فهو أب للكل.
6-ثم يقول تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ.. } [الحج: 78] يعني: إبراهيم عليه الصلاة والسلام سماكم المسلمين، فكأن هذه مسألة واضحة وأمْر معروف أنكم مسلمون منذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ.. } [الحج: 78].وفي موضع آخر يحدث تقديم وتأخير، فيقول سبحانه:{ لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143].لماذا؟ قالوا: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بلَّغ رسالة الله، وأشهد الله على ذلك حين قال: ” اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد ” أشهد أنِّي بلغتُ، وهو صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يريد من أمته أن يكون كل شخص فيها حاملاً لهذه الرسالة، مُبلِّغاً لها حتى يسمع كلام الرسول مَنْ لم يحضره ولم يَرَهُ، وهكذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم شهيداً على مَنْ آمن به، ومَنْ آمن شهيداً على مَنْْ بلّغه لذلك من شرف أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أولاً أنه لا يأتي بعده رسول؛ لأنهم مأمونون على منهج الله، وكأن الخير لا ينطفيء فيهم أبداً. وقلنا: إن الرسل لا يأتون إلا بعد أنْ يعُمَّ الفساد، ويفقد الناس المناعة الطبيعية التي تحجزهم عن الشر، وكذلك يفقدها المجتمع كله فلا ينهى أحد أحداً عن شر؛ عندها يتدخل الحق سبحانه برسول ومعجزة جديدة ليُصلح ما فسد.فختام الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم شهادة أن الخير لا ينقطع من أمته أبداً، ومهما انحرف الناس سيبقى جماعة على الجادة يحملون المنهج ويتمسكون به ويكونون قدوة لغيرهم. لذلك حدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم هذه المسألة فقال: ” الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً ” فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته.
7-ثم يعود السياق إلى الأمر بالصلاة: { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ.. } [الحج: 78] لأنها الفريضة الملازمة للمؤمن، وفيها إعلاء الولاء المكرر في اليوم خمس مرات، وبها يستمر ذِكْر الله على مدى الزمن كله لا ينقطع أبداً في لحظة من لحظات الزمن حين تنظر إلى العالم كله، وتضم بعضه إلى بعض. والمتأمل في الزمن بالنسبة للحق – تبارك وتعالى – يجده دائماً لا ينقطع، فاليوم مثلاً عندنا أربع وعشرون ساعة، واليوم عند الله ألف سنة مما تعدُّون، واليوم في القيامة خمسون ألف سنة، وهناك يوم اسمه يوم الآن أي: اللحظة التي نحن فيها، وهو يوم الله الذي قال عنه:{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [الرحمن: 29] لذلك يقول: ما شغل ربك الآن وقد صَحَّ أن القلم قد جَفَّ؟ قال: ” أمور يبديها ولا يبتديها، يرفع أقواماً، ويضع آخرين “.فيوم الآن يوم عام، لا هو يوم مصر، ولا يوم سوريا، ولا يوم اليابان إذن: في كل لحظة يبدأ لله يوم ينتهي يوم، فيومه تعالى مستمر لا ينقطع.ونقرأ في الحديث النبوي الشريف: ” إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسِيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل “. نهار مَنْ؟ وليل مَنْ؟ فالنهار والليل في الزمن دائم لا ينقطع، وفي كل لحظة من لحظات الزمن ينتهي يوم ويبدأ يوم، وينتهي ليل ويبدأ ليل. إذن: فالله تعالى يده مبسوطة دائماً لا يقبضها أبداً، كما قال سبحانه:{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ.. } [المائدة: 64]
8-ثم يقول سبحانه: { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } [الحج: 78] الجئوا إليه في الشدائد، وهذا يعني أنكم ستُواجهون وتُضطهدون، فما من حامل منهج لله إلا اضُطهد، فلا يؤثر فيكم هذا ولا يفُتُّ في عَضُدكم، واجعلوا الله ملجأكم ومعتصمكم في كل شدة تداهمكم، كما قال سبحانه:{ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } [هود: 43].واعتصامكم بالله أمر لا تأتون إليه بأنفسكم إنما { هُوَ مَوْلاَكُمْ } [الحج: 78] يعني: المتولّي لشأنكم، وما دام هو سبحانه مولاكم { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }
جزء تعليم القراءة والتلاوة
–مد متصل:شُهَدَاءَ
-مد صلة كبرى:جِهَادِهِ ۚ هُوَ
-إظهار:شَهِيدًا عَلَيْكُمْ
رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين