تفسير سورة الحج الاية 78

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 78

وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ

ملخص الاية

–قوله: { وجاهدوا في اللّه حق جهاده} أي بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم، كما قال تعالى: { اتقوا اللّه حق تقاته} ، وقوله: { هو اجتباكم} أي يا هذه الأمة اللّه اصطفاكم واختاركم على سائر الأمم، وفضلكم وشرفكم وخصكم بأكرم رسول وأكمل شرع، { وما جعل عليكم في الدين من حرج} أي ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم بشيء يشق عليكم إلا جعل اللّه لكم فرجاً ومخرجاً، ولهذا قال عليه السلام: (بعثت بالحنيفة السمحة) وقال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما أميرين إلى اليمن: (بشّرا ولا تنفّرا ويسّرا ولا تعسّرا)، والأحاديث في هذا كثيرة، ولهذا قال ابن عباس في قوله: { وما جعل عليكم في الدين من حرج} يعني من ضيق، وقوله: { ملة أبيكم إبراهيم} قال ابن جرير: نصب على تقدير { ما جعل عليكم في الدين من حرج} أي من ضيق بل وسَّعه عليكم كملة أبيكم إبراهيم، ويحتمل أنه منصوب على تقدير إلزموا ملة أبيكم إبراهيم. “”قلت””: وهذا المعنى في هذه الآية كقوله: { قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} الآية، وقوله: { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} ، قال ابن عباس في قوله: { هو سماكم المسلمين من قبل} قال: اللّه عزَّ وجلَّ. وقال ابن أسلم { هو سماكم المسلمين من قبل} يعني إبراهيم، وذلك لقوله: { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} ، وقد قال اللّه تعالى: { هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا} قال مجاهد: اللّه سماكم المسلمين في قبل في الكتب المتقدمة، وفي الذكر، { وفي هذا} يعني القرآن وكذا قال غيره. قلت وهذا هو الصواب لأنه تعالى قال: { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج} ثم حثهم وأغراهم على ماجاء به الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه بأنه ملة إبراهيم الخليل، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة، بما نوه به من ذكرها والثناء عليها، في سالف الدهر وقديم الزمان، في كتب الأنبياء يتلى على الأحبار والرهبان، فقال: { هو سماكم المسلمين من قبل} أي من قبل هذا القرآن { وفي هذا} ، روى النسائي عن الحارث الأشعري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم)، قال رجل: يا رسول اللّه وإن صام وصلى؟ قال: (نعم وإن صام وصلى) فادعوا بدعوة اللّه التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد اللّه) “”أخرجه النسائي في سننه””، ولهذا قال: { ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس} أي إنما جعلناكم هكذا أمة وسطاً، عدولاً خياراً مشهوداً بعدالتكم عند جميع الأمم لتكونوا يوم القيامة { شهداء على الناس} لأن جميع الأمم معترفة يومئذ بسيادتها وفضلها على كل أمة سواها، فلهذا تقبل شهادتهم عليهم يوم القيامة، في أن الرسل بلغتهم رسالة ربهم، والرسول يشهد على هذه الأمة أنه بلَّغها ذلك، وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا} ، وقوله: { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} أي قابلوا هذه النعمة العظيمة بالقيام بشكرها، فأدوا حق اللّه عليكم في أداء ما افترض، وترك ما حرم، ومن أهم ذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، { واعتصموا باللّه} أي اعتضدوا باللّه واستعينوا به وتوكلوا عليه وتأيدوا به، { هو مولاكم} أي حافظكم وناصركم ومظفركم على أعدائكم، { فنعم المولى ونعم النصير} : يعني نعم الولي، ونعم الناصر من الأعداء.

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-معنى { حَقَّ جِهَادِهِ.. } [الحج: 78] كالذي قلناه في{  مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [الحج: 74] لأن الجهاد أيضاً يحتاج إلى إخلاص، وأنْ تجعل الله في بالك، فربما خرجتَ لمجرد أن تدفع اللوم عن نفسك وحملتَ السلاح فعلاً ودخلت المعركة، لكن ما في بالك أنها لله وما في بالك إعلاء كلمة الله، كالذي يقاتل للشهرة وليرى الناس مكانته، أو يقاتل طمعاً في الغنائم، أو لأنه مغتاظ من العدو وبينه وبينه ثأر، ويريد أن ينتقم منه ، هذه وغيرها أمور تُخرِج القتال عن هدفه وتُفرغه من محتواه.لذلك لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمَنْ في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ” ” وهذا هو حق الجهاد، وأنت فيه حكَم على نفسك، لأن ميزان ذلك في يدك.

2-وقد تسأل: ولماذا الجهاد؟ قالوا: لأنك إذا انتفعتَ بالمنهج تطبيقاً له بعد التحقيق الذي أتى به الرسل تنفع نفسك، لكن ربك – عز وجل – يريد أنْ يُشيع النفع لمن معك أيضاً، وهذا لا يتأتّى إلا بالجهاد بالنفس أو المال أو أي شيء محبوب، وإلا فكيف ستربح الصفقة التي قال الله تعالى عنها:{  إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ.. } [التوبة: 111].وكما أن للجنود في ساحة القتال مهمة، كذلك لمن قعد ولم يخرج مهمة: الجندي حين يقتحم الأهوال والمخاطر ويُعرِّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه دخل المعركة وما عرَّض نفسه للموت، فهذا يعني أنه ما دخل المعركة وما عرَّض نفسه للقتل إلا وهو واثق تمام الثقة، أن ما يذهب إليه بالقتل خير مما يناله بالجُبْن، وهذا يشجع الآخرين ويحثّهم على القتال.لذلك، في غزوة بدر لما سمع الصحابي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عن أجر الشهيد وكان في فمه تمرة يمصُّها، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، أليس بيني وبين الجنة إلا أنْ أُقتل في سبيل الله؟ قال: نعم، فألقى التمرة من فيه وخرج لتوِّه إلى الجهاد لأنه واثق تمام الثقة أن ما سيذهب إليه بالشهادة خير مما ترك.أما الذين بَقَوْا ولم يخرجوا، فمهمتهم أن يحملوا المنهج، وأنْ يحققوه، وإلا لو خرج الجميع إلى القتال واستشهدوا جميعاً، فمَنْ يحمل منهج الله وينشره؟

3-وجاءءت كلمة الجهاد عامة لتشمل كل أنواع الجهاد، فإذا ما أثمر الجهاد ثمرته وتعلبنا على الكفر فلم يَعُدْ هناك كفار، أو خَلَّوْا طريق دعوتنا وتركونا، وأحبوا أنْ يعيشوا في بلادنا أهل ذمة، فلا داعي – إذن – للقتال، ويتحول الجهاد إلى ميدان آخر هو جهاد النفس.لذلك قال تعالى بعدها: { هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ.. } [الحج: 78] يعني: اختاركم واصطفاكم لتكونوا خير أمة أُخرجت للناس، وثمن هذا الاجتباء أن نكون أهلاً له، وعلى مستوى مسئوليته، وأنْ نحقق ما أراده الله منّا.كما ننصح جماعة من أهل الدعوة الذين حملوا رايتها، نقول لهم: لقد اختاركم الله، فكونوا أَهْلاً لهذا الاختيار، واجعلوا كلامه تعالى في محلّه.

4-ثم يقول سبحانه: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.. } [الحج: 78] يعني: ما اجتباكم ليُعنتكم، أو ليُضيِّق عليكم، أو ليُعسِّر عليكم الأمور، إنما جعَل الأمر كله يُسْر، وشرعه على قَدْر الاستطاعة، ورخَّص لكم ما يُخفِّف عنكم، ويُذهِب عنكم الحرج والضيق، فمَنْ لم يستطع القيام صلى قاعداً، ومَنْ كان مريضاً أفطر، والفقير لا زكاة عليه ولا حج.. الخ.كما قال سبحانه في موضع آخر:{  وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] لكنه سبحانه ما أعنتكم ولا ضَيَّق عليكم، وما كلَّفكم إلا ما تستطيعون القيام به.

5-وقوله تعالى: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } [الحج: 78] كلمة (ملة) جاءت هكذا بالنصب، لأنها مفعول به لفعل تقديره: (الزموا) مِلة أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؛ لأنكم دعوته حين قال:
{  رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ.. } [البقرة: 128]
ومن دعوة إبراهيم عليه السلام:{  رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ.. } [البقرة: 129] لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يقول: ” أنا دعوة أبي إبراهيم، وبُشْرى عيسى “. يعني: من ذريته وذرية ولده إسماعيل{  وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا.. } [البقرة: 128] أعطنا التكاليف، وكأنه مُتشوِّق إلى تكاليف الله، وهل يشتاق الإنسان للتكليف إنْ كان فيه ضيق أو مشقة؟وكذلك كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يعشقون تكاليف الإسلام ويسألون عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رغم قوله لهم: ” ذروني ما تركتكم ” إلا أنهم كانوا يسألون عن أمور الدين ليبنوا حياتهم الجديدة، لا على ما كانت الجاهلية تفعله، بل على ما أمر به الإسلام.ولنا مَلْحظ في قوله تعالى: { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.. } [الحج: 78].نقول: الإسلام انقياد عَقَديٌّ للجميع، وفي أمة الإسلام مَنْ ليس من ذرية إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، لكن إبراهيم عليه السلام أبٌ لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أب لكل مَنْ آمن به؛ لأن أبوة الرسول أبوة عمل واتباع، كما جاء في قول الله تعالى في قصة نوح عن ابنه:{  إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ.. } [هود: 46].ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لكل مَنْ آمن به سَمَّى الله زوجاته أمهات للمؤمنين، فقال سبحانه:{  ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ.. } [الأحزاب: 6].وما دامت الأزواج أمهات، فالزوج أب، وبناءً على هذه الصلة يكون سيدنا إبراهيم عليه السلام أباً لأمة الإسلام، وإنْ كان فيهم مَنْ ليس من سلالته.ونجد البعض ممَّنْ يحبون الاعتراض على كلام الله يقولون في مسألة أبوة الرسول لأمته: لكن القرآن قال غير ذلك، قال في قصة زيد بن حارثة:{  مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ.. } [الأحزاب: 40] فنفى أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لأحد، وفي هذا ما يناقض كلامكم.نقول: لو فهمتم عن الله ما اعترضتُم على كلامه، فالله يقول: ما كان محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لأحدكم، بل هو أب للجميع، فالمنفيّ أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أباً لواحد، لا أن يكون أباً لجميع أمته. وقال بعدها:{  وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ}[الأحزاب: 40] وما دام رسول الله، فهو أب للكل.

6-ثم يقول تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ.. } [الحج: 78] يعني: إبراهيم عليه الصلاة والسلام سماكم المسلمين، فكأن هذه مسألة واضحة وأمْر معروف أنكم مسلمون منذ إبراهيم عليه الصلاة والسلام: { وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ.. } [الحج: 78].وفي موضع آخر يحدث تقديم وتأخير، فيقول سبحانه:{  لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143].لماذا؟ قالوا: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بلَّغ رسالة الله، وأشهد الله على ذلك حين قال: ” اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد ” أشهد أنِّي بلغتُ، وهو صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يريد من أمته أن يكون كل شخص فيها حاملاً لهذه الرسالة، مُبلِّغاً لها حتى يسمع كلام الرسول مَنْ لم يحضره ولم يَرَهُ، وهكذا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم شهيداً على مَنْ آمن به، ومَنْ آمن شهيداً على مَنْْ بلّغه لذلك من شرف أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أولاً أنه لا يأتي بعده رسول؛ لأنهم مأمونون على منهج الله، وكأن الخير لا ينطفيء فيهم أبداً. وقلنا: إن الرسل لا يأتون إلا بعد أنْ يعُمَّ الفساد، ويفقد الناس المناعة الطبيعية التي تحجزهم عن الشر، وكذلك يفقدها المجتمع كله فلا ينهى أحد أحداً عن شر؛ عندها يتدخل الحق سبحانه برسول ومعجزة جديدة ليُصلح ما فسد.فختام الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم شهادة أن الخير لا ينقطع من أمته أبداً، ومهما انحرف الناس سيبقى جماعة على الجادة يحملون المنهج ويتمسكون به ويكونون قدوة لغيرهم. لذلك حدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم هذه المسألة فقال: ” الخير فيَّ حصراً، وفي أمتي نثراً ” فالخير كله والكمال كله في شخص رسول الله، ومنثور في أمته.

7-ثم يعود السياق إلى الأمر بالصلاة: { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ.. } [الحج: 78] لأنها الفريضة الملازمة للمؤمن، وفيها إعلاء الولاء المكرر في اليوم خمس مرات، وبها يستمر ذِكْر الله على مدى الزمن كله لا ينقطع أبداً في لحظة من لحظات الزمن حين تنظر إلى العالم كله، وتضم بعضه إلى بعض. والمتأمل في الزمن بالنسبة للحق – تبارك وتعالى – يجده دائماً لا ينقطع، فاليوم مثلاً عندنا أربع وعشرون ساعة، واليوم عند الله ألف سنة مما تعدُّون، واليوم في القيامة خمسون ألف سنة، وهناك يوم اسمه يوم الآن أي: اللحظة التي نحن فيها، وهو يوم الله الذي قال عنه:{  كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [الرحمن: 29] لذلك يقول: ما شغل ربك الآن وقد صَحَّ أن القلم قد جَفَّ؟ قال: ” أمور يبديها ولا يبتديها، يرفع أقواماً، ويضع آخرين “.فيوم الآن يوم عام، لا هو يوم مصر، ولا يوم سوريا، ولا يوم اليابان إذن: في كل لحظة يبدأ لله يوم ينتهي يوم، فيومه تعالى مستمر لا ينقطع.ونقرأ في الحديث النبوي الشريف: ” إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسِيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل “. نهار مَنْ؟ وليل مَنْ؟ فالنهار والليل في الزمن دائم لا ينقطع، وفي كل لحظة من لحظات الزمن ينتهي يوم ويبدأ يوم، وينتهي ليل ويبدأ ليل. إذن: فالله تعالى يده مبسوطة دائماً لا يقبضها أبداً، كما قال سبحانه:{  بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ.. } [المائدة: 64]

8-ثم يقول سبحانه: { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } [الحج: 78] الجئوا إليه في الشدائد، وهذا يعني أنكم ستُواجهون وتُضطهدون، فما من حامل منهج لله إلا اضُطهد، فلا يؤثر فيكم هذا ولا يفُتُّ في عَضُدكم، واجعلوا الله ملجأكم ومعتصمكم في كل شدة تداهمكم، كما قال سبحانه:{  لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } [هود: 43].واعتصامكم بالله أمر لا تأتون إليه بأنفسكم إنما { هُوَ مَوْلاَكُمْ } [الحج: 78] يعني: المتولّي لشأنكم، وما دام هو سبحانه مولاكم { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–مد متصل:شُهَدَاءَ

-مد صلة كبرى:جِهَادِهِ ۚ هُوَ

-إظهار:شَهِيدًا عَلَيْكُمْ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 77

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

الاية اية سجدة فرجاءا لا تنسوا السجود وقول دعاء السجود:

سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته { فتبارك الله أحسن الخالقين } – اللهم أكتب لي بها عندك أجراً ، وضع عني بها وزراً ، واجعلها لي عندك ذخراً ، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك ونبيك سيدنا داود علية السلام

تفسير اليوم اية 77

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩

ملخص الاية

–اختلف في هذه السجدة الثانية على قولين وقد قدمنا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (فضلت سورة الحج بسجدتين فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما)، وقوله:{ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } أي صلوا { واعبدوا ربكم } وحدوه { وافعلوا الخير } كصلة الرحم ومكارم الأخلاق { لعلكم تفلحون } تفوزون بالبقاء في الجنة

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-النداء في ضَرْب المثل السابق كان للناس كافَّة؛ لأنه يريد أنْ يَلفِت عُبَّاد الأصنام إلى هذا المثَل، ويُسْمعهم إياه، أمَّا هنا فالكلام عن منهج ودستور مُوجَّه، خاصّة إلى الذين آمنوا، لأنه لا يُكلَّف بالحكم إلا مَنْ آمن به، أما مَنْ كفر فليس أَهْلاً لحمل هذه الأمانة؛ لذلك تركه ولم ينظم له حركة حياته. وكما قلنا في رجل المرور أنه يساعد مَن استعان به ووثق فيه، فيدلّه ويرشده، أما مَنْ شكَّ في كلامه وقلّلَ من شأنه يتركه يضل في مفترق الطرق.فإذا ناداك ربك بما يكلفك به، فاعلم أن الجهة مُنفكّة، كما في قوله تعالى:
{  يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ.. } [النساء: 136].وقد اعترض على أسلوب القرآن في هذه الآية بعض الذين يأخذون الآيات على ظاهرها، يقولون: كيف يخاطبهم بيا أيها الذين آمنوا ثم يقول: آمِنوا، كيف وهم يؤمنون بالفعل؟قالوا: المراد يا أيها الذين آمنوا قبل سماع الحكم الجديد ظَلُّوا على إيمانكم في الحكم الجديد، واستمِرّوا على إيمانكم؛ لذلك إذا طلبتَ شيئاً ممَّنْ هو موصوف به فاعلم أن المراد الدوام عليه.كما أن هناك فَرْقاً بين الإيمان بالحكم وبين تنفيذ الحكم، فقد تؤمن بالحكم أنه من الله ولا تشكّ فيه ولا تعترض عليه، لكنك لا تنفذه وتعصاه، فمثلاً في الحج يقول تعالى:{  وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ.. } [آل عمران: 97] الذي لله تعالى على عباده أنْ يحجوا البيت{  مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.. } [آل عمران: 97] وهذا شرط ضروري، فلا تكليفَ بلا استطاعة، ثم يقول:{  وَمَن كَفَرَ } [آل عمران: 97].فهل يعني هذا أن مَنْ لم يحج فهو كافر؟قالوا: لا، لأن المراد: لله على الناس حكم يعتقده المؤمن، بأن لله على الناس حج البيت، فمن اعتقد هذا الاعتقاد فهو مؤمن، أما كونه ينفذه أو لا ينفذه هذه مسألة أخرى.

2-ثم يبدأ أول ما يبدأ في التكليف بمسألة الصلاة: { ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ.. } [الحج: 77] لقد جاء الرسل من عند الله بتكاليف كثيرة، لكن خَصَّ هنا الصلاة لأنها التكليف الذي يتكرر كل يوم خمس مرات، أما بقية التكاليف فهي موسمية: فالصوم شهر في العام كله، والحج مرة في العمر كله لمن استطاع، والزكاة عند خروج المحصول لمن يملك النصاب أو عند حلول الحَوْل.إذن: تختلف فريضة الصلاة عن باقي الفرائض؛ لذلك خَصَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في قوله: ” العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَنْ تركها فقد كفر “. ويقول: ” الصلاة عماد الدين “. وخصَّها الحق – تبارك وتعالى – بظرف تشريعي خاص، حيث فُرِضت الصلاة بالمباشرة، وفُرِضت باقي الفرائض بالوحي.وضربنا لذلك مثلاً – ولله المثل الأعلى – قلنا: إن رئيس العمل يمكن أن يرسل لك ورقة يقول: افعل كذا وكذا، فإنْ كان أمراً هاماً اتصل بك تليفونياً، وأخبرك بما يريد لأهميته، فإنْ كان الأمر أهم من ذلك وجاء من جهة أعلى يقول لك: تعال عندي لأمر هام، ويُكلِّفك به مباشرة، وكذلك على حسب الأهمية يوجد ظرف التشريع.فالصلاة لم تأت بالوحي كباقي الفرائض، إنما جاءت مباشرة من المُوحِي سبحانه وتعالى؛ لأنها ستكون صلة بين العبد وربه، فشاء أن يُنزّهَها حتى من هذه الواسطة، ثم ميَّزها على غيرها من التكاليف، فجعلها الفريضة التي لا تسقط عن المسلم بحال أبداً. فقد تكون فقيراً فلا تلزمك الزكاة، وغير مستطيع فلا يلزمك حج، ومريض أو مسافر فلا يلزمك صوم.أما الصلاة فلا يُسقِطها عنك شيء من هذا كله، فإنْ كنت غير قادر على القيام فلك أنْ تُصلِّي قاعداً أو مضطجعاً أو راقداً، تشير بطرفك لركوعك وسجودك، ولو حتى تجري أفعال الصلاة على قلبك، المهم أن تظلّ ذاكراً لربك متصلاً به، لا يمر عليك وقت إلا وهو سبحانه في بالك.وقلنا: إن ذكر الله في الأذان والإقامة والصلاة ذِكْر دائم في كل الوقت لا ينقطع أبداً، فحين تصلي أنت الصبح مثلاً غيرك يصلي الظهر، وحين تركع غيرك يسجد، وحين تقول: بسم الله الرحمن الرحيم. غيرك يقول: الحمد لله رب العالمين.. الخ.فهي عبادة متداخلة دائمة لا تنقطع أبداً؛ لذلك يقول أحد أهل المعرفة مخاطباً الزمن: يا زمن فيك كل الزمن. يعني: في كل جزئية من الزمن الزمن كله، كأنه قال: يا ظُهْر، وفيك العصر، وفيك المغرب، وفيك العشاء، وهكذا العالم كله يدور بعبادة لله لا تنتهي.

3-وذكر من الصلاة الركوع والسجود؛ لأنهما أظهر أعمال الصلاة، لكن الركوع والسجود حركات يؤديها المؤمن المخلص، ويؤديها المنافق، وقد كان المنافقون أسبق الناس إلى الصفوف الأولى؛ لذلك أراد الحق سبحانه أنْ يُميِّز هذا من هذا، فقال: { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ.. } [الحج: 77].فليست العبرة في حركات الركوع والسجود، إنما العبرة في التوجّه بها إلى الله، وإخلاص النية فيها لله، وإلا أصبحت الصلاة مجرد حركات لا تعدو أن تكون تمارين رياضية كما يحلو للبعض أن يقول: الصلاة فيها تمارين رياضية تُحرِّك كل أجزاء الجسم، نعم هي كما تقولون رياضة، لكنها ليست عبادة، العبادة أن تؤديها لأن الله تعالى أمرك بها.

4-ثم يقول تعالى: { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الحج: 77].والخير كلمة عامة تشمل كل أوامر التكليف، لكن جاءت مع الصلاة على سبيل الإجمال، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالخير – إذن – كلمة جامعة لكل ما تؤديه وظائف المناهج من خير المجتمع؛ لأن المنهج ما جاء إلا لينظم حركة الحياة تنظيماً يتعاون ويتساند لا يتعاند، فإنْ جاء الأمر على هذه الصورة سَعِد المجتمع بأَسْره.ولا تنْسَ أن المنهج حين يُضيِّق عليك ويُقيِّد حركتك يفعل ذلك لصالحك أنت، وأنت المستفيد من تقييد الحركة؛ لأن ربك قيّد حركتك وضيَّق عليك حتى تُلحِق الشر بالآخرين، وفي الوقت نفسه ضيّق على الآخرين جميعاً أن يتحركوا بالشر ناحيتك، وأنت واحد وهم كثير، فمن أجل تقييد حركتك قيّد لك حركة الناس جميعاً، فمَنِ الكاسب في هذه المسألة.الشرع قال لك: لا تسرق وأنت واحد وقال للناس جميعاً: لا تسرقوا منه، وقال لك: غُضّ بصرك عن محارم الغير وأنت واحد. وقال لكل غير: غُضُّوا أبصاركم عن محارم فلان، فكل تكليف من الله للخَلْق يعود عليك.فالمعنى: { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } [الحج: 77] أي: الذي لا يأتي منه فساد أبداً، وما دامت الحركات صادرة عن مراد لهوى واحد فإنها تتساند وتتعاون، فإنْ كان لك هوى ولغيرك هوى تصادمتْ الأهواء وتعاندت، والخير: كل ما تأمر به التكاليف المنهجية الشرعية من الحق تبارك وتعالى.

5-ثم يقول سبحانه: { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الحج: 77] لكن، أين سيكون هذا الفَلاَح: في الدنيا أم في الآخرة؟الفلاَح يكون في الدنيا لمن قام بشرع الله والتزم منهجه وفعل الخير، فالفَلاح ثمرة طبيعية لمنهج الله في أيِّ مجتمع يتحرك أفرادُه في اتجاه الخير لهم وللغير، مجتمع يعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” وعندها لن ترى في المجتمع تزاحماً ولا تنافراً ولا ظلماً ولا رشوة.. الخ هذا الفلاح في الدنيا، ثم يأتي زيادة على فلاح الدنيا فلاح الآخرة.إذن: لا تظنوا التكاليف الشرعية عِبْئاً عليكم؛ لأنها في صالحكم في الدنيا، وبها فلاح دنياكم، ثم يكون ثوابها في الآخرة مَحْض الفضل من الله.وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إلى هذه المسألة فقال: ” لا يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أنْ يتغمّدني الله برحمته ” ذلك لأن الإنسان يفعل الخير في الدنيا لصالحه وصالح دنياه التي يعيشها، ثم ينال الثواب عليها في الآخرة من فضل الله كما قال تعالى:{  وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ.. }
[النساء: 173].

6-وقوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الحج: 77] نعرف أن لعل أداة للترجي، وهو درجات بعضها أرْجى من بعض، فمثلاً حين تقول: لعل فلاناً يعطيك، فأنت ترجو غيرك ولا تضمن عطاءه، فإنْ قلت: لعلِّي أعطيك. فالرجاء – إذن – في يدك، فهذه أرجى من سابقتها، لكن ما زلنا أنا وأنت متساويين، وربما أعطيك أو لا، إنما حين تقول: لعل الله يعطيك فقد رجوْتَ الله، فهذه أرجى من سابقتها، فإذا قال الله تعالى بذاته: لعلي أعطيك فهذا أقوى درجات الرجاء وآكدها؛ لأن الوعد من الله والرجاء فيه سبحانه لا يخيب.ثم يقول الحق سبحانه: { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–مد منفصل:يَا أَيُّهَا

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 76

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 76

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ

ملخص الاية

– يخبر تعالى أنه يختار من الملائكة رسلاً فيما يشاء من شرعه وقدره ومن الناس لإبلاغ رسالته، { إن اللّه سميع بصير} أي سميع لأقوال عباده بصير بهم، عليم بمن يستحق ذلك منهم كما قال: { اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} ، وقوله: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى اللّه ترجع الأمور} أي يعلم ما يفعل برسله فيما أرسلهم به، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم، فهو سبحانه رقيب عليهم شهيد على ما يقال لهم، حافظ لهم، ناصر لجنابهم.  

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-{ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } [الحج: 76] ما أمامهم، ويعلم أيضاً ما خلفهم، فليعمل الإنسان ما يشاء، فعِلْم الله محيط به.

2-{ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [الحج: 76] فالمرجع في النهاية إليه سبحانه، فالحق – تبارك وتعالى – لم يخلق خَلْقه ليتركهم هَمَلاً، إنما خلقهم لحكمة، وجعل لهم نهاية يُجازَي فيها كُلٌّ بعمله، فمَن تعب ونصب في سبيل دعوة الله وتحمّل المشاقّ في مساندة رسل الله فله جزاؤه، ومَنْ جابههم وعاندهم سواء بالأقوال السَّابّة الشاتمة المستهزئة، أو بالأفعال التي تعوق دعوتهم، فله أيضاً ما يستحق من العقاب.

3-وبعد أن حدَّثنا ربنا عز وجل عن الإلهيات وعن الرسل التي تُبلِّغ عنه سبحانه، يُحدثنا عن المنهج الذي سيأتون به لينظم حركة حياتنا، هذا المنهج موجز في افعل كذا، ولا تفعل كذا، وهو لا يشمل في أوامره ونواهيه كل حركات الحياة. فالأوامر والنواهي محصورة في عِدَّة أمور، والباقي مباح؛ لأن الله تعالى وضع الأوامر والنواهي في الأصول التي تعصم حركة الحياة من الأهواء والنزوات، وترك الباقي لاختيارك تفعله على أيِّ وجه تريد.لذلك نرى العلماء يجتهدون ويختلفون في مثل هذه الأمور التي تركها الله لنا، ولو أراد سبحانه لأنزل فيها حكماً محكماً، لا يختلف عليه أحد. ولك أن تقول: ولماذا ترك الحق سبحانه هذه الأمور تتضارب فيها الأقوال، وتختلف فيها الآراء، وتحدث فيها نزاعات بين الناس؟قالوا: هذا مراد الله؛ لأن الله تعالى خلق الإنسان مُسخَّراً في أشياء، ومختاراً في أشياء أخرى، فللناس أن يتركوا المجتهد يجتهد ما وسعه الاجتهاد، ثم يحكمون على ما وصل إليه أنه حق، وآخر يجتهد ويقررون أنه باطل؛ لأن الله لو أراده على لون واحد لقاله، إنما تركه محتملاً للآراء.إذن: أراد سبحانه أن تكون هذه الآراء لأن الإنسان كما هو محكوم بقهر في كثير من الكونيات وله اختيار في بعض الأمور، كذلك الحال في التكليف، فهو مقهور في الأصول التي لو حاد عنها يفسد العالم، ومختار في أمور أخرى يصحّ فِعْلها ويصحّ تَرْكها.يقول تعالى في هذا المنهج: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 75

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 75

اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

ملخص الاية

–يخبر تعالى أنه يختار من الملائكة رسلاً فيما يشاء من شرعه وقدره ومن الناس لإبلاغ رسالته، { إن اللّه سميع بصير} أي سميع لأقوال عباده بصير بهم، عليم بمن يستحق ذلك منهم كما قال: { اللّه أعلم حيث يجعل رسالته} ، وقوله: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى اللّه ترجع الأمور} أي يعلم ما يفعل برسله فيما أرسلهم به، فلا يخفى عليه شيء من أمورهم، فهو سبحانه رقيب عليهم شهيد على ما يقال لهم، حافظ لهم، ناصر لجنابهم.  

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-إذن: المرحلة الثانية في الإيمان بعد الإيمان بالقمة الإلهية الإيمان بالرسل { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ.. } [الحج: 75].والاصطفاء: اختيار نخبة من كثير، واختيار القليل من الكثير دليل على أنها الخلاصة والصفوة، كما يختلف الاصطفاء باختلاف المصطفي، فإنْ كان المصطفِي هو الله تعالى فلا بُدَّ أنْ يختار خلاصة الخلاصة.والاصطفاء سائر في الكون كله، يصطفي من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، ويصطفي من الزمان، ويصطفي من المكان، كما اصطفى رمضان من الزمان، والكعبة من المكان. ولم يجعل الحق سبحانه الاصطفاء لتدليل المصطفى على غيره، إنما ليُشيع اصطفاءَه على خَلْق الله، فما اصطفى رمضان على سائر الزمن – لا ليدلل رمضان – إنما لتأخذ منه شحنة تُقوِّي روحك، وتُصفِّيها بقية الأيام، لتستفيد من صالح عملك فيها.

2-وقد يتكرر الاصطفاء مع اختلاف متعلق الاصطفاء؛ لذلك وقف المستشرقون عند قول الله تعالى:{  يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَالَمِينَ } [آل عمران: 42].يقولون: ما فائدة تكرار الاصطفاء هنا؟ ولو تأملنا الآية لوجدنا فَرْقاً بين الاصطفاء الأول والآخر: الاصطفاء الأول اصطفاء؛ لأنْ تكوني عابدة تقية متبتلة منقطعة في محرابك لله، أما الاصطفاء الآخر فاصطفاء على نساء العالمين جميعاً، بأن تكوني أماً لمولود بلا أب، فمُتعلِّق الاصطفاء – إذن – مختلف.وتنقسم الملائكة في مسألة الاصطفاء إلى ملائكة مُصْطفاة، وملائكة مُصْطَفًى منها. وفي آية أخرى يقول تعالى:{  جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً.. }
[فاطر: 1] يعني: كلهم لهم رسالة مع عوالم أخرى غيرنا.

3-أما في الآية التي معنا، فالكلام عن الملائكة الذين لهم صلة بالإنسان أمثال جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، والحفظة الكاتبين والمكلفين بحفظ الإنسان عليهم السلام، فالله تعالى يصطفي هؤلاء، أما الباقون منهم فالله مصطفيهم لعبادته فهم مُهيِّمون لا يدرون عن هذا الخلق شيئاً، وهم الملائكة العالون الذين قال الله عنهم في الحديث عن إبليس اعوذ بالله منة :{  أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } [ص: 75] يعني: الذين لم يشملهم الأمر بالسجود؛ لأن لهم مهمة أخرى.

4-ثم يقول تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [الحج: 75] السمع يتعلق بالأصوات، والبصر يتعلق بالأفعال، وهما كما قلنا عُمْدة الحواسِّ كلها، والحق سبحانه في قوله: { سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [الحج: 75] يُبيّن لنا أن رسله سيُوَاجَهُون بأقوال تؤذيهم واستهزاء، وسيُقَابلون بأفعال تعرقل مسيرة دعوتهم، فليكُنْ هذا معلوماً حتى لا يفُتّ في عَضُدهم، وأنا معهم سميع لما يُقال، بَصير بما يفعل، فهُمْ تحت سمعي وبصري وكلاءتي.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام: رُسُلًا وَمِنَ

إقلاب:سَمِيعٌ بَصِيرٌ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 74

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 74

مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

ملخص الاية

{ ما قدروا الله } عظموه { حقَّ قدره } عظمته إذ أشركوا به ما لم يمتنع من الذباب ولا ينتصف منه { إن الله لقوي عزيز } غالب . 

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-يعني: هؤلاء الكفار الذين عبدوا من دون الله آلهة لا تستطيع أن تخلق ذباباً، ولا تستطيع حتى أنْ تردَّ من الذباب ما أخذه، هؤلاء ما عرفوا لله قدره، ولو عرفوا قَدْر الله ما عبدوا غيره.والقَدْر: يعني مقدار الشيء،وقلنا: إن مقادير الأشياء تختلف حسب ما تريده من معرفة المقادير، فالطول مثلاً له مقياس يُقَاس به مقدار الطول، لكن هذا المقياس يختلف باختلاف المقيس، فإنْ أردتَ أنْ تقيسَ المسافة بين القاهرة والأسكندرية مثلاً لا تستخدم المللي أو السنتيمتر ولا حتى المتر، إنما تستخدم الكيلومتر، فإنْ أردت شراء قطعة من القماش تقول متر، أما إنْ أردتَ صورة شخصية تقول سنتيمتر.إذن: لكل شيء مقدار يُقدَّر به، ومعيار يُقاس به، فإنْ أردتَ المسافة تقيس الطول، فإنْ أردت المساحة تقيس الطول في العرض، فإنْ أردتَ الحجم تقيس الطول في العرض في الارتفاع، الطول بالمتر والمساحة بالمتر المربع، والحجم بالمتر المكعب. كذلك في الوزن تُقدِّره بالكيلو أو الرطل أو الجرام.. إلخ.وقدر تأتي بمعنى: ضيَّق، كما جاء في قوله تعالى:{  وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ.. } [الفجر: 16].ويقول الحق سبحانه وتعالى:{  وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ.. } [الطلاق: 7].والمقدار كما يكون في الماديات يكون أيضاً في المعنويات، فمثلاً تعبر عن الزيادة المادية تقول: فلان كبر يعني شَبَّ وزاد، أما في المعنويات فيقول الحق سبحانه: كَبُر
{  كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ.. } [الكهف: 5] يعني: عَظُمتْ.

2-والحق – تبارك وتعالى – ليس مادة؛ لأنه سبحانه فوق المادة، فمعنى المقدار في حقه تعالى عظمته في صفات الكمال فيه { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.. } [الحج: 74] ما عظّموه حَقَّ التعظيم الذي ينبغي له، وما عرفوا قَدْره، ولو عرفوا ما عبدوا غيره، ولا عبدوا أحداً معه من هذه الآلهة التي لا تخلق ذباباً، ولا حتى تسترد ما أخذه منهم الذباب، فكيف يُسَوُّون هؤلاء بالله ويقارنونهم به عز وجل؟ إنهم لو عرفوا لله تعالى قَدْره لاستحيوا من ذلك كله.

3-ثم تُذيَّل الآية بقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج: 74] فما مناسبة هاتين الصفتين للسياق الذي نحن بصدده؟قالوا: لأن الحق – سبحانه وتعالى – تكلَّم في المثَل السابق عَمَّنْ انصرفوا عن عبادته سبحانه إلى عبادة الأصنام وقال:{  ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } [الحج: 73] فقال في مقابل هذا الضعف إن الله لقويُّ، قوة عن العابد؛ لأنه ليس في حاجة إلى عبادته، وقوة عن المعبود لأنه لو شاء حَطَّمه، وما دُمْتم انصرفتم عن الله وعبدتم غيره، فهذا فيه مُضارَّة، وكأن هناك معركة، فإنْ كان كذلك فالله عزيز لا يغالب.

4-والآية: { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.. } [الحج: 74] وردتْ في عدة مواضع في كتاب الله، منها:{  وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ.. } [الأنعام: 91] فلم يعرفوا لله تعالى قَدْره لأنهم اتهموه، وله سبحانه كمال العدل، فكيف يُكلف عباده بعبادته، ولا يبلغهم برسول؟ وهو سبحانه القائل:{  وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15].فحين يقولون:{  مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ.. } [الأنعام: 91] كأنهم يصِفُون الحق سبحانه بأنه يُعذِّب الناس دون أنْ يُبلِّغهم بشيء. ويردّ عليهم في هذه المسألة:{  قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ.. } [الأنعام: 91].

5-وفي موضع آخر:{  وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ.. } [الزمر: 67].ونقول: قَدّرَه حَقَّ قدره، وقَدَره قَدْره، كأن الأمور تختلف في تقدير الأشياء، فمثلاً تنظر إلى حجرة فتقول: هذه تقريباً 5×4هذا تقدير إجمالي تقريبي، إنما إنْ أخذت المقياس وقدَّرْتَ تقديراً حقيقياً، فقد تزيد أو تنقص، فالأول تقول: قدَّرْت الحجرة قَدْرها. والآخر تقول: قدرت الحجرة حَقَّ قَدرها وعليه فإنك إنْ أردت أنْ تُقدِّر الله تعالى حَقَّ قَدْره فإنك تقدِّره على قَدْر استيعاب العقل البشري، إنما قَدْره تعالى حقيقة فلا تحيط به؛ لأن كمالاته تعالى لا تتناهى ولا تُدرَك إدراكاً تاماً.ومن ذلك ما سبق أن ذكرناه عن علم اليقين وعين اليقين وحقِّ اليقين ولما نزل قوله تعالى{  يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قال بعض الصحابة: ومَنْ يقدر على ذلك إنها مسألة صعبة أن نتقي الله التقوى الكاملة التي يستحقها عز وجل فأنزل الله تعالى{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]ونزلت {لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [البقرة:286] وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أثنى على الله تعالى يقول: ” سبحانك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك “. لماذا؟ لأنه لا يملك أحد مهما أُوتِي من بلاغة الأسلوب أنْ يُثني على الله الثناء المناسب الذي يليق به سبحانه، ومن رحمة الله تعالى بعباده أن تحمل عنهم هذه المسألة فأثنى الحق سبحانه على نفسه، وعلَّمنا كيف نثني عليه سبحانه، فإذا ما تحدث البليغ وأثنى على الله بفنون القول والثناء، فإن العييَّ الذي لا يجيد الكلام يطمئن حيث يُثِني على ربه بما علمه من الثناء، وما وضعه من صيغ يقولها الفيلسوف، ويقولها راعي الشاة.ولولا أن الله تعالى علَّمنا صيغة الحمد في سورة الفاتحة فقال:{  ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الفاتحة: 2] ما تعلمنا هذه الصيغة، فتعليم الله لعباده صيغة الحمد في ذاتها نعمة تستحق الحمد، والحمد يستحق الحمد، وهكذا في سلسلة لا تنتهي، ليظل الحق – تبارك وتعالى – محموداً دائماً، ويظل العبد حاملاً دائماً.وبعد أن تكلم الحق سبحانه عن مسألة الألوهية وما ينبغي لها من صفات الكمال المطلق، وحذر أنْ نُدخِل عليها ما ليس منها وما لا يستحقها، وهذه قمة العقائد، وبعد أن نؤمن بالإلهيات بهذا الصفاء ونُخلِّص إيماننا من كل ما يشوبه لا بُدَّ من البلاغ عن هذه القوة الإلهية التي آمنا بها، والبلاغ يكون بإرسال الرسل لذلك قال سبحانه { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إظهار: لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

مد صلة كبرى:قَدْرِهِ ۗ إِنَّ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 73

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 73

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

ملخص الاية

– يقول تعالى منبهاً على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها { يا أيها الناس ضرب مثل} أي لما يعبده الجاهلون باللّه المشركون به { فاستمعوا له} أي أنصتوا وتفهموا { إن الذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له} أي لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد، على أن يقدروا على خلق ذباب واحد ما قدروا على ذلك؛ كما قال أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: (قال اللّه عزَّ وجلَّ: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة، فليخلقوا شعيرة) “”أخرجاه في الصحيحين ورواه الإمام أحمد””، ثم قال تعالى أيضاً: { وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه} أي هم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه، لو سلبها شيئاً من الذي عليها من الطيب، ثم أرادت أن تستنفذه منه لما قدرت على ذلك، هذا والذباب من أضعف مخلوقات اللّه وأحقرها، ولهذا قال: { ضعف الطالب والمطلوب} ، قال ابن عباس: الطالب الصنم، والمطلوب الذباب ؛ واختاره ابن جرير، وقال السدي وغيره: الطالب العابد والمطلوب الصنم،

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-قُلنْا: الضرب إيقاع شيء على شيء بقوة، ومنه نقول: ضربنا الدينار يعني: بعد أن كان قطعة من الذهب أو الفضة مثلاً أصبح عملةً معروفة متداولة.والمثل: تشبيه شيء غير معلوم بشيء آخر معلوم وعجيب وبديع يَعْلَق في الذهن، كما نصف لك إنساناً لم تَرَهُ بإنسان تعرفه نقول هو مثل فلان وهكذا كل التشبيهات شيء تريد أن تعلمه للمخاطب وهو لا يعلمه.ومنه قوله تعالى:{  مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } [البقرة: 17]وقوله تعالى:
{  فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[الأعراف: 176]وقوله تعالى:{  مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }
[العنكبوت: 41] إذن: الأمثال إعلام بشيء معلوم ليصل العلم فيه إلى شيء مجهول وكلمة (مثَل) استقلَّتْ بأن يكون المثَل بديعاً في النسج، بليغاً موجزاً، بحيث تتناقله الألسنة بسرعة في كلمات معدودة.
فلو وجدَت مثلاً تلميذاً مُهملاً تكاسل طوال العام، ولم يذاكر، فلما حضر الامتحان راح يجتهد في المذاكرة، فتقول له: (قبل الرماء تملأ الكنائن) يعني: قبل أنْ تصطاد بالسهام يجب أنْ تُعِدّها أولاً وتملأ بها كنانتك، فهذا مثَلٌ يُضرَب للاستعداد للأمر قبل حلوله.ومن أمثلة أهل الريف يقولون: (أعْطِ العيش لخبازه ولو يأكل نصفه) ويُضرب لمن يجعل الصنعة عند غير صانعها والمتخصص فيها.ويقولون فيمَنْ يُقصِّر في الأمر المنوط به: (باب النجار مخلع).وحين ترسل مَنْ يقضي لك حاجة فيفلح فيها ويأتي بالنتيجة المرجوة يقول لك: (أبدى المخْضُ عن الزبد) والمخضُ عملية خَضِّ اللبن في القِرْبة لفَصْل الزُّبْد عن اللبن.وهكذا، المثل قَوْل موجز بليغ قيل في مناسبته، ثم استعمله الناس لخِفَّته وجماله وبلاغته في المواقف المشابهة، والمثَل يظل على حالة الأول لا يغير، ويجب الالتزام بنصِّه مع المفرد والمثنى والجمع، ومع المذكر والمؤنث، فمثلاً إنْ أرسلتَ رسولاً يقضي لك حاجة، فعندما يعود تقول له: (ما وراءك يا عصام) هكذا بالكسر في خطاب المؤنث مع أنه رجل، لماذا؟ لأن المثَل قيل أول ما قيل لمؤنث، فظلَّ على هذه الصيغة من التأنيث حتى ولو كان المخاطَبُ مذكَّراً.وقصة هذا المثَل أن الحارث ملك كندة أراد أن يتزوج أم إياس، وبعثَ مَنْ تخطبها له، وكان اسمها عصام، فلما ذهبت إليها قالت لها أمها: إن فلانة جاءت تخطبك لفلان، فلا تخفي عنها شيئاً، ودعيها تشمُّك إنْ أرادت، وناطقيها فيما استنطقتْك به، فلما دخلتْ على الفتاة وأرادت أن ترى جسمها خلعتْ ثوبها، وكشفتْ عن جسمها، فقالت المرأة: (ترك الخداع من كشف القناع) فسارت مثلاً، ثم عادت إلى الحارث فاستقبلها متعجلاً ردَّها فقال: (ما وراءكِ يا عصام) يعني: ما الخبر؟ فظلَّ المثل هكذا للمؤنث، وإن خُوطِب به المذكر.والحق – تبارك وتعالى – يضرب لكم هذا المثل ويقول: خذوه في بالكم، وانتبهوا له، وافتحوا له آذانكم جيداً واعقلوه؛ لأنه سينفعكم في علاقتكم برسول الله وبالمؤمنين.

2-والخطاب هنا مُوجَّه للناس كافّة، لم يخُصّ أحداً دون أحد: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ.. } [الحج: 73] فلم يقُل يا أيها المؤمنون؛ لأن هذا المثَلَ مُوجَّه إلى الكفار، فالمؤمنون ليسوا في حاجة إليه { فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ.. } [الحج: 73] يعني: انصتوا وتفهَّموا مراده ومرماه، لتسيروا في حركتكم على وَفْق ما جاء فيه، وعلى وَفْق ما فهمتم من مغزاه.

3-فما هو هذا المثَل؟{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ.. } [الحج: 73].أي: الذين تعبدونهم وتتجهون إليهم من دون الله { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً.. } [الحج: 73] وهو أصغر المخلوقات { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ.. } [الحج: 73] يعني: تضافرَتْ جهودهم، واجتمع أمرهم جميعاً لا واحداً واحداً، وهذا ترقٍّ في التحدي، حيث زاد في قوة المعاند.كما ترقَّى القرآن في تحدِّي العرب، فتحداهم أولاً بأنْ يأتوا بمثل القرآن، ولأن القرآن كثير تحدّاهم بعشر سور فما استطاعوا، فتحدَّاهم بسورة واحدة فلم يستطيعوا.ثم يترقى في التحدي فيقول: اجمعوا كل فصحائكم وبلغائكم، بل والجن أيضاً يساعدونكم ولن تستطيعوا:{  قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ.. } [الإسراء: 88].

4-وقوله تعالى: { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً.. } [الحج: 73] جاءت بنفي المستقبل فلم يقُلْ مثلاً: لم يخلقوا، فالنفي هنا للتأبيد، فهم ما استطاعوا في الماضي، ولن يستطيعوا أيضاً فيما بعد حتى لا يظن أحد أنهم ربما تمكّنوا من ذلك في مستقبل الأيام، ونفي الفعل هكذا على وجه التأبيد؛ لأنك قد تترك الفعل مع قدرتك عليه، إنما حين تتحدَّى به تفعل لتردّ على هذا التحدِّي،فأوضح لهم الحق سبحانه أنهم لم يستطيعوا قبل التحدي، ولن يستطيعوا بعد التحدي.

5-ثم يقول تعالى: { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ.. } [الحج: 73] فقد تقول: إن عملية الخَلْق هذه عملية صعبة لا يُتحدَّى بها، لذلك تحداهم بما هو أسهل من الخَلْق { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ.. } [الحج: 73] وهل يستطيع أحد أن يُعيد ما أخذه الذباب من طعامه على جناحيه أو رجله أو خرطومه؟وكانوا يذبحون القرابين عند الأصنام، ويضعون أمامها الطعام ليباركوه، فكانت الدماء تسيل عندها وتتناثر عليها، فيحطّ عليها الذباب، ويأخذ من هذه الدماء على أَرْجُله النحيفة هذه أو على أجنحته أو على خرطومه، فتحدَّاهم أن يعيدوا من الذباب ما أخذه، وهذه مسألة أسهل من مسألة الخَلْق.ولك أنْ تُجرِّب أنت هذه العملية، إذا وقع ذباب على العسل الذي أمامك، فلا بُدَّ أن يأخذ منه شيئاً ولو كان ضئيلاً لا يُدرَك ولا يُوزَن ولا تكاد تراه، لكن أتستطيع أنْ تُمسِك الذبابة وتردّ ما أخذتْ منك؟

6-لذلك يقول تعالى بعدها: { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } [الحج: 73] يعني: كلاهما ضعيف، فالذباب في ذاته ضعيف وهم كذلك ضعفاء، بدليل أنهم لن يقدروا على هذه المسألة، لكن هناك ضعيف يدَّعي القوة،وضعيف قوته في أنه مُقِرٌّ بضعفه، فالذباب وإنْ كان ضعيفاً إلا أن الله تعالى قال فيه:{  إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا.. } [البقرة: 26] يعني: ما فوقها في الصِّغر، ليس المراد ما فوقها في الكبر كالعصفور مثلاً.ثم يقول الحق سبحانه: { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–إدغام بغنة:لَنْ يَخْلُقُوا-ذُبَابًا وَلَوِ

-إخفاء: مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا 

إدغام كامل:شَيْئًا لَا

مد منفصل:يَا أَيُّهَا

مد صلة كبرى:لَهُ ۚ إِنَّ-لَهُ ۖ وَإِنْ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 72

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 72

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۗ قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكُمُ ۗ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

ملخص الاية

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات} أي وإذا ذكرت لهم آيات القرآن والحجج والدلائل الواضحات على توحيد اللّه { يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا} أي يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة من القرآن ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء { قل} أي يا محمدصل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لهؤلاء { أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها اللّه الذين كفروا} أي النار وعذابها ونكالها أشد وأشق، وأطم وأعظم مما تخَّوفون به أولياء اللّه المؤمنين في الدنيا، وعذاب الآخرة على صنيعكم هذا أعظم مما تنالون منهم إن نلتم بزعمكم وإرادتكم، وقوله: { وبئس المصير} أي وبئس النار مقيلاً ومنزلاً ومرجعاً ومؤئلاً ومقاماً { إنها ساءت مستقرا ومقاما}

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-تصور هذه الآية حال الكفار عند سماعهم لكتاب الله وآياته من رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أو صحابته، فإذا سمعوها { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ.. } [الحج: 72] أي: الكراهية تراها وتقرؤها في وجوههم عُبُوساً وتقطيباً وغضباً وانفعالاً، ينكر ما يسمعون، ويكاد أن يتحول الانفعال إلى نزوع غضبي يفتك بمَنْ يقرأ القرآن لما بداخلهم من شر وكراهية لما يتلى عليهم.

2-لذلك قال تعالى بعدها: { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا.. } [الحج: 72] والسَّطْو: الفَتْك والبطش؛ لأن العمل الوجداني الذي يشغل نفوسهم يظهر أولاً على وجوههم انفعالاً يُنبيء بشيء يريدون إيقاعه بالمؤمنين، ثم يتحول الوجدان إلى نزوع حركي هو الفتك والبطش.

3-(قُلْ) في الرد عليهم: ماذا يُغضِبكم حتى تسطوا علينا وتكرهوا ما نتلو عليكم من كتاب الله والغيظ والكراهية عند سماعهم القرآن دليل على عدم قدرتهم على الرد بالحجة، وعدم قدرتهم أيضاً على الإيمان؛ لذلك يتقلَّبون بين غيظ وكراهية.

4-لذلك يخاطبهم بقوله: { قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ.. } [الحج: 72] يعني: مالي أراكم مغتاظين من آيات الله كارهين لها الآن، والأمر ما يزال هيِّناً؟ أمجرد سماع الآيات يفعل بكم هذا كلّه؟ فما بالكم حينما تباشرون النار في الآخرة، الغيظ الذي تظنونه شرّاً فتسطُون علينا بسببه أمر بسيط، وهناك أشرّ منه ينتظركم { ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ.. } [الحج: 72]وما أشبه هذا بموقف الصِّدِّيق أبي بكر حينما أوقف صناديد قريش بالباب، وقدّم عليهم المستضعفين من المؤمنين فغضبوا لذلك وورِمَتْ أنوفهم فقال لهم: أَوَرِمتْ أنوفكم أنْ قدمتهم عليكم الآن، فكيف بكم حين يُقدمهم الله عليكم في دخول الجنة؟

5-وكلمة { وَعَدَهَا.. } [الحج: 72] الوعد دائماً يكون بالخير، أما هنا فاستُعملَتْ على سبيل الاستهزاء بهم والتقليل من شأنهم، كما قال في آية أخرى:{  فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الانشقاق: 24] فساعةَ أن يسمع البُشْرى يستشرف للخير، فيفاجئه العذاب، فيكون أنكَى له.ومن ذلك أيضاً قوله تعالى:{  وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ.. } [الكهف: 29] لأن انقباض النفس ويأسها بعد بوادر الانبساط أشدّ من العذاب ذاته.وقوله: { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [الحج: 72] أي: ساءت نهايتكم ومرجعكم.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–إدغام بغنة:بِشَرٍّ مِنْ

-إخفاء:بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ

إقلاب:أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 71

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 71

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ

ملخص الاية

–  يقول مخبراً عن المشركين فيما جهلوا وكفروا، وعبدوا من دون اللّه ما لم ينزل به سلطاناً، يعني حجة وبرهاناً كقوله: { ومن يدع مع اللّه إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه أنه لا يفلح الكافرون} ، ولهذا قال ههنا { ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم} أي ولا علم لهم فيما اختلقوه وائتفكوه، وإنما هو أمر تلقوه عن آبائهم وأسلافهم بلا دليل ولا حجة، وأصله مما سوَّل لهم الشيطان اعوذ بالله منة وزينه لهم، ولهذا توعدهم تعالى بقوله: { وما للظالمين من نصير} أي من ناصر ينصرهم من اللّه فيما يحل بهم من العذاب والنكال

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-كأن العبادة – وهي: طاعة أمر واجتناب نهي – يجب أن تكون صادرة من أعلى منا جميعاً، فليس لأحد منا أن يُشرِّع للآخر، فيأمره أو ينهاه؛ لأن الأمر من المساوى لك لا مُرجح له، وله أنْ يقول لك: لماذا أنت تأمر وأنا أطيع؟ أما إنْ جاء الأمر من أعلى منك فأنت تطيع بلا اعتراض، ومعك الحجة أن الأمر من أعلى منك فأنت تطيع بلا اعتراض، ومعك الحجة أن الأمر من أعلى، تقول: أبي أمرني بكذا وكذا، أو ربي أمرني بكذا وكذا، أو نهاني عن كذا وكذا.إذن: كل دليل على حكم الفعل أو الترك لا بُدَّ أنْ يكون مصدره من الحق سبحانه وتعالى فهو الأعلى مني ومنك، وإذا انصعْتَ لأمره ونهيه فلا حرجَ عليَّ ولا ضرر؛ لأنني ما انصعت لمساوٍ إنما انصعت لله الذي أنا وأنت عبيد له، ولا غضاضةَ في أن نتبع حكمه.لذلك في حِكَم أهل الريف يقولون: (اللي الشرع يقطع صباعه مَيْخُرش دم) لماذا؟ لأنك ما قطعته أنت إنما قطعه الله، فليس الأمر تسلط أو جبروت من أحد، وليس فيه مذلّة ولا استكانة لأحد.

2-ومعنى: { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ.. } [الحج: 71] يعني: يعبدون غيره تعالى { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً.. } [الحج: 71] السلطان: إما سلطان قَهْر، أو سلطان حجة، سلطان القهر أن يقهرك ويجبرك على ما لم تُرِدْ فِعْله، أما سلطان الحجة فيقنعك ويُثبِت لك بالحجة أن تفعل باختيارك، وهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله ليس لها سلطان، لا قَهْر ولا حُجّة.لذلك؛ في جدل إبليس أعوذ بالله منة يوم القيامة للذين اتبعوه يقول لهم:{  وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي.. } [إبراهيم: 22] يعني: كنتم على إشارة فاستجبتم لي، وليس لي عليكم سلطان، لا قوة أقهركم بها على المعصية، ولا حجة أقنعكم بها.

3-ثم يقول تعالى: { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ.. } [الحج: 71] يعني: علم الاجتهاد الذي يستنبط الأحكام من الحكم المُجْمل الذي يُنزله الحق تبارك وتعالى، وهذه هي حجة العلم التي قال الله تعالى عنها:{  وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ.. } [النساء: 83] يعني: أهل العلم.إذن: العبادة لا بُدَّ أن تكون بسلطان من الله نصاً قاطعاً وصريحاً لا يحتمل الجدل، وإما أنْ تكونَ باجتهاد أُولِي العلم.

4-وقوله تعالى: { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [الحج: 71] لم يقُلْ سبحانه: لن ينتصر الظالمون، ولم ينْفِ عنهم النصر؛ لأن هذه مسألة مُسلمة إنما لا يفزع لنصرتهم أحد، فلن ينتصروا ولن ينصرهم أحد، ولا يفزع أحد لينصر أحداً إلا إذا كان المنصور ضعيفاً.ثم يقول سبحانه: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–إدغام بغنة:سُلْطَانًا وَمَا-عِلْمٌ ۗ وَمَا

-مد صلة صغرى:بِهِ سُلْطَانًا -بِهِ عِلْمٌ ۗ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 70

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 70

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

ملخص الاية

–خبر تعالى عن كمال علمه بخلقه، وأنه محيط بما في السماوات وما في الأرض، وأنه تعالى علم الكائنات كلها قبل وجودها وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (إن اللّه قدّر مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) “”أخرجه مسلم عن عبد اللّه بن عمرو””، وفي السنن من حديث جماعة من الصحابة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: (قال أول ما خلق اللّه القلم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال ابن عباس: خلق اللّه اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام، وقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش تبارك وتعالى: اكتب فقال القلم: وما أكتب؟ قال علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة، فجرى القلم بما هو كائن في علم اللّه إلى يوم القيامة فذلك قوله: { ألم تعلم أن اللّه يعلم ما في السماء والأرض} ، وهذا من تمام علمه تعالى علم الأشياء قبل كونها وقدرها وكتبها أيضاً، فيعلم قبل الخلق أن هذا يطيع باختياره وهذا يعصي باختياره وكتب ذلك عنده، وأحاط بكل شيء علماً، وهو سهل عليه يسير لديه، ولهذا قال تعالى: { إن ذلك في كتاب إن ذلك على اللّه يسير} .  

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-هذه قضية حكم بها الحق سبحانة لنفسه، ولم يدَّعِها أحد، فلا يعلم ما في السماء والأرض إلا الله، وهذه الآية جاءت بعد الحكم في المنازعة فربما اعترض أحد وقال: ما دام الأمر من الله أحكاماً تنظم حركة الحياة وقد جاء كل رسول بها، فما ضرورة أنْ يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم للناس كافة.وقلنا: إن الدين نوعان: نوع لا يختلف باختلاف الرسل والأمم والعصور، وهذا في القضايا العامة الشاملة التي لا تتغير، وهي العقائد والأصول والأخلاق، ونوع آخر يختلف باختلاف العصور والأمم، فيأتي الحكم مناسباً لكل عصر، ولكل أمة.وما دام الحق سبحانه هو الذي سيحكم بين الطرفين قال: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ.. } [الحج: 70] أعلم كل شيء كائن في الوجود ظاهره وباطنه، فأنا أحكُم عن علم وعن خبرة.

2-{ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ.. } [الحج: 70] والعلم شيء، والكتاب شيء آخر، فما دام الله تعالى يعلم كل شيء، وما دام سبحانه لا يضل ولا ينسى، فما ضرورة الكتاب؟قالوا: الكتاب يعني به اللوح المحفوظ الذي يحوي كل شيء.وفي آية أخرى قال{  كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ * فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } [عبس: 11 – 15].حتى القرآن نفسه في ذلك الكتاب:{  بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } [البروج: 21 – 22].وقال تعالى:{  يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } [الرعد: 39] ويقول تعالى:{  وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 59].فضرورة الكتاب ليدلّك وليدلّ الملائكة المطَّلعين على أن الأشياء التي تحدث مستقبلاً كتبها الله أزلاً، فالذي كتب الشيء قبل أنْ يكون، ثم جاء الشيء موافقاً لما أكبر دليل على عِلْمه وإحاطته.إذن: مجيء الكتاب لا ليساعدنا على شيء، إنما ليكون حُجَّة عليك، فيقال لك:{  ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [الإسراء: 14] ها هو تاريخك، وها هي قصتك، ليس كلاماً من عندنا، وإنما فعلْك والحجة عليك.

3-وعِلْم الله تعالى في قوله: { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ.. } [الحج: 70] يحمل الوعد والوعيد في وقت واحد، وهذا من عجائب الأداء القرآني، أنْ يعطي الشيء ونقيضه، كيف؟ هَبْ أن عندك ولديْن اعتدى أحدهما على الآخر في غَيبتك، فلما عُدْتَ أسرعا بالشكوى، كل من صاحبه، فقلتَ لهما: اسكتا لا أسمع لكما صوتاً. وقد عرفت ما حدث وسأرتب لكل منكما ما يناسبه وما يستحقه على وَفْق ما علمت، لا شكَّ عندها أن المظلوم سيفرح ويستبشر، وأن الظالم سيخاف ويتغير لونه.إذن: فعلم الله بكل شيء في السماء والأرض وإحاطته سبحانه بما يجري بين خَلْقه وَعْد للمحق، ووعيد للمبطل.ثم يقول سبحانه: { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

–مد متصل:السَّمَاءِ 

-إظهار:كِتَابٍ ۚ إِنَّ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحج الاية 69

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 69

اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ

ملخص الاية

{ الله يحكم بينكم } أيها المؤمنون والكافرون { يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون } بأن يقول كل من الفريقين خلاف قول الآخر 

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تتحدث الاية عن

1-لاحظ أن الحق سبحانه لم يقُلْ: يحكم بيننا وبينكم كما يقتضي المعنى؛ لأنكما طرفان تتجادلان. وكأن الحق – تبارك وتعالى – يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: أتركهم فسوف يختلفون هم فيما بينهم، ولن يظل الخلاف معك؛ لأن الخلاف في شيء واحد ينشأ عن هوى النفس، وهوى النفس ينشأ من الحرص على السلطة الزمنية، يعني: أرحْ نفسك، فربُّك سيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.ثم يقول الحق سبحانه: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين