تفسير سورة الحجر الاية 99

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 99

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

تتحدث الاية عن:

-العبادة هي إطاعة العابد لأوامر المعبود إيجاباً أو سَلْباً، وتطبيق ” افعل ” و ” لا تفعل ” 

-النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : (ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). 

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-قوله: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} ، قال البخاري عن سالم بن عبد اللّه { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} قال: الموت وهكذا روي عن مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم أنهم فسروا اليقين بالموت , والدليل على ذلك قوله تعالى إخباراً عن أهل النار أنهم قالوا: { وكنا نكذب بيوم الدين , حتى أتانا اليقين} . وفي الصحيح: (أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير) قاله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات، فقالت أم العلاء: رحمة اللّه عليك، فشهادتي عليك لقد أكرمك اللّه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (وما يدريك أن اللّه أكرمه) الحديث . ويستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتاً فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا – هم وأصحابهم – أعلم الناس باللّه وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا أكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة؛ وإنما المراد باليقين ههنا الموت، كما قدمناه، وللّه الحمد والمنة. سورة النحل بسم اللّه الرحمن الرحيم.  

تفسير القرطبى

1-فيه مسألة واحدة : وهو أن اليقين الموت. أمره بعبادته إذ قصر عباده في خدمته، وأن ذلك يجب عليه. فإن قيل : فما فائدة قوله { حتى يأتيك اليقين} وكان قوله { واعبد ربك} كافيا في الأمر بالعبادة. قيل له : الفائدة في هذا أنه لو قال { واعبد ربك} مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا؛ وإذا قال { حتى يأتيك اليقين} كان معناه لا تفارق هذا حتى تموت. فإن قيل : كيف قال سبحانه { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} ولم يقل أبدا؛ فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله : أبدا؛ لاحتمال لفظ الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد. وقد تقدم هذا المعنى. والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. ويتركب على هذا أن الرجل إذا قال لامرأته : أنت طالق أبدا، وقال : نويت يوما أو شهرا كانت عليه الرجعة. ولو قال : طلقتها حياتها لم يراجعها. والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العلاء الأنصارية، وكانت من المبايعات، وفيه : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (أما عثمان – أعني عثمان بن مظعون – فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به) وذكر الحديث. انفرد بإخراجه البخاري رحمه الله وكان عمر بن عبدالعزيز يقول : ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم لا يستعدون له؛ يعني كأنهم فيه شاكون. وقد قيل : إن اليقين هنا الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك؛ قال ابن شجرة؛ والأول أصح، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن. والله أعلم. وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : (ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).

تفسير الشيخ الشعراوى

1-ونعرف أن العبادة هي إطاعة العابد لأوامر المعبود إيجاباً أو سَلْباً، وتطبيق ” افعل ” و ” لا تفعل ” ، وكثيرٌ من الناس يظنون أن العبادة هي الأمور الظاهرية في الأركان الخمسة من شهادة أن لا إله إلا الله، وإقامة الصلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان؛ وحِجّ البيت لِمَن استطاع إليه سبيلاً.ونقول: لا، فهذه هي الأُسس التي تقوم عليها العبادة. أي: أنها البِنْية التي تقوم عليها بقية العبادة، وهكذا تصبح العبادة هي، كُل ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، أي: أن حركة الحياة كلها ـ حتى كَنْس الشوارع، وإماطة الأذى عن الطريق ـ هي عبادة، كل ما يُقصد به نَفْع الناس عبادة، كي لا يصبح المسلمون عالة على غيرهم.وفي إقامة الأركان إظهارٌ لقوة المسلمين، حين يُظهِرون كامل الولاء لله بإقامة الصلاة خمس مرات في اليوم الواحد، فيترك المسلم عمله فَوْر أنْ يسمع النداء بـ ” الله أكبر ” فيخرج المسلم من صراعات الحياة، ويعلن الولاء للخالق المنعم.وحين يصوم المسلم شهراً في السنة؛ فهو يُعلِن الولاء للخالق الأكرم، ويصوم عن أشياء كثيرة كانت مُبَاحة؛ وأوَّل ما يأتي موعد الإمساك من قَبْل صلاة الفجر بقليل؛ فهو يمتنع فوراً.وهذا الامتثال لأوامر الحق سبحانه يُذكِّرك بنعمه عليك؛ فأنت في يومك العادي لا تقرب المُحرَّمات التي أخذتْ وقتاً أثناء بدايات الدين إلى أن امتنع عنها المسلمون، فلا أحدَ من المسلمين يُفكِّر في شُرْب الخمر؛ ولا أحدَ منهم يُفكِّر في لعب المَيْسِر، وانطبعتْ تلك الأمور؛ وصارتْ عادة سلوكية في إلْف ورتَابة عند غالبية المسلمين مِمَّنْ يُنفِّذون شريعة الله، ويُطبّقون ” افعل ” و ” لا تفعل “.وعندما يأتي الصوم فأنت تمتنع عن أشياء هي حلال لك طوال العالم، وتقضي أي نهار في رمضان ونفسُك تستشرف سماع أذان المغرب لِتُفطر.وهكذا تمتثل للأمر بالامتناع والإمساك والأمر بالإفطار، وذلك لِيعُوّدك على الكثير من الطاعات التي تصير عند المؤمنين عادةً؛ وسبحانه يريد أنْ يُديم عليك لذَّة التكليف العبادي.

2-وبعْضٌ من الناس يذهبون مذاهب الخطأ عندما يفسرون بأهوائهم قوله الحق:{ وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } [الحجر: 99].ويقول الواحد من هؤلاء مخادعاً الغير ” لقد وصلت إلى مرتبة اليقين ” ، ويمتنع عن أداء الفروض من صلاة وصوم وزكاة وحِجِّ إلى بيت الله الحرام رغم استطاعته، ويدَّعِي أن التكليف قد سقط عنه؛ لأن اليقين قد وصله.ونقول لمن يدَّعي ذلك: أَتُخادع الله ورسوله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ؟ وكُلُّنا يعلم أن رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ظَلَّ يُؤدِّي الفرائض حتى آخر يوم في حياته. وكُلُّنا يعلم أن اليقين المُتفق عليه والمُتيقن من كل البشر، ولا خلافَ عليه أبداً هو الموت.أما اليقين بالغيبيات فهو من خُصوصيات المؤمن؛ فما أنْ بلغه أمرها من القرآن فقد صَدَّقها، ولم يسأل كيف يتأتَّى أمرُها. والمثَلُ الواضح هو سيدنا أبو بكر الصديق علية السلام حينما كانوا يُحدِّثونه بالأمر الغريب من رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فكان يقول ” مادام قد قال فقد صدق “.أما الكافر ـ والعياذ بالله ـ فهو يشكُّ في كل شيء غيبيّ أو حتى ماديّ ما لم يكن محسوساً لديه، ولكن ما أنْ يأتيه الموت حتى يعلمَ أنه اليقين الوحيد.ولذلك نجد عمر بن عبد العزيز يقول: ” ما رأيت يقيناً أشبه بالشكِّ من يقين الناس بالموت “.وكلنا نتيقن أننا سوف نموت؛ لكِنَّا نُزحزِح مسألة اليقين هذه بعيداً عَنَّا رَغْم أنها واقعةٌ لا محالةَ. فإذا ما جاء الموت، نقول: ها هي اللحظة التي لا ينفع فيها شيء إلا عمل الإنسان إنْ كان مؤمناً مُؤدِّياً لحقوق الله.ولذلك أقول دائماً: إن اليقين هو تصديق الأمر تصديقاً مؤكداً، بحيث لا يطفو إلى الذهن لِيُناقش من جديد، بعد أن تكون قد علمته من مصادر تثق بصدق ما تَبلغك به.أما عَيْن اليقين؛ فهي التي ترى الحدث فتتيقّنه، أو هو أمر حقيقيّ يدخل إلى قلبك فَتُصدقه، وهكذا يكون لليقين مراحل: أمر تُصدِّقه تَصديقاً جازماً فلا يطفو إلى الذهن لِيُناقَش من جديد، وله مصادر عِلْم مِمَّنْ تثق بصدقه، أو: إجماع من أناس لا يجتمعون على الكذب أبداً؛ وهذا هو ” علم اليقين “؛ فإنْ رأيتَ الأمر بعينيك فهذا هو حق اليقين.والمؤمن يُرتِّب تصديقه وتيقّنه على ما بلغه من رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.وها هو الإمام عليّ ـ كرَّم الله وجهه وأرضاه ـ يقول: ” ولو أن الحجاب قد انكشف عن الأمور التي حدثنا بها رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم غيباً ما ازددتُ يقيناً “.” وها هو سيدنا حارثة ـ رضي الله عنه ـ يقول: ” كأنِّي أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون، فيقول له رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” عرفت فالزم “. وذلك هو اليقين كما آمنَ به صحابة رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

—-

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الاية 98

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 98

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ

تتحدث الاية عن:

-فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ –سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم

–كان رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إذا حزبه أمر صلى.

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-ولهذا قال: { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} ، ولهذا كان رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إذا حزبه أمر صلى.

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى { فسبح} أي فافزع إلى الصلاة، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس. وذلك تفسير لقوله { وكن من الساجدين} لا خفاء أن غاية القرب في الصلاة حال السجود، كما قال رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء). 

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وهكذا يمكن أن تُذْهب عنك أيَّ ضيق، أن تسبح الله. وإذا ما جافاكَ البِشْر أو ضايقك الخَلْق؛ فاعلم أنك قادر على الأُنْس بالله عن طريق التسبيح؛ ولن تجد أرحم منه سبحانه، وأنت حين تُسبِّح ربك فأنت تُنزِّهه عن كُلِّ شيء وتحمده، لتعيش في كَنَف رحمته.ولذلك نجده سبحانه يقول في موقع آخر:{  فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات: 143-144].ولذلك إذا ضاق صدرك في الأسباب فاذهب إلى المُسبِّب.ونحن دائماً نقرن التسبيح بالحمد، فالتنزيه يكون عن النقائص في الذات أو في الصفات أو في الأفعال، وسبحانه كاملٌ في ذاته وصفاته وأفعاله، فذاتُه لا تُشْبِه أيَّ ذات، وصفاته أزلية مُطْلقة، أما صفات الخَلْق فهي موهبة منه وحادثة.وأفعال الحق لا حاكمَ لها إلا مشيئته سبحانه، ولذلك نجده جَلَّ وعَلا يقول في مسألة التسبيح:{  سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا} [يس: 36] وهو القائل: { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } (الروم: 17]وكُلٌّ من المساء والصباح آية منه سبحانه؛ فحين تغيب الشمس، فهذا إذْنٌ بالراحة، وحين تصبح الشمس فهذا إِذْنٌ بالانطلاق إلى العمل، وتسبيح المخلوق للخالق هو الأمر الذي لا يشارك اللهَ فيه أحدٌ من خَلْقه أبداً.فكأن سَلْوى المؤمن حين تضيق به أسباب الحياة أنْ يفزَع إلى ربه من قسوة الخَلْق؛ ليجد الراحة النفسية؛ لأنه يَأْوي إلى رُكْن شديد.ونجد بعضاً من العارفين بالله وهم يشرحون هذه القضية ليوجدوا عند النفس الإيمانية عزاءً عن جَفْوة الخَلْق لهم؛ فيقولون: ” إذا أوحشك من خَلْقه فاعلم أنه يريد أن يُؤنسك به “.وأنت حين تُسبِّح الله فأنت تُقِرّ بأن ذاته ليستْ كذاتِك، وصفاته ليست كصفاتك، وأفعاله ليست كأفعالك؛ وكل ذلك لصالحك أنت؛ فقدرتك وقدرة غيرك من البشر هي قدرة عَجْز وأغيار؛ أما قدرته سبحانه فهي ذاتية فيه ومُطْلقة وأَزلية، وهو الذي يأتيك بكُل النِّعم.ولهذا فعليك أنْ تصحبَ التنزيه بالحمد، فأنت تحمد ربك لأنه مُنزَّه عن أنْ يكونَ مثلك، والحمد لله واجب في كل وقت؛ فسبحانه الذي خلق المواهب كلها لِتخدُمَك، وحين ترى صاحب موهبة وتغبطه عليها، وتحمد الله أنه سبحانه قد وهبه تلك الموهبة؛ فخيْرُ تلك النعمة يصِل إليك.وحين تُسبِّح بحمد الله؛ فسبحانه لا يُخلِف وَعْده لك بكل الخير؛ فَكُلُّنا قد نُخلِف الوعد رغماً عَنَّا، لأننا أغيار؛ أما سبحانه فلا يُخلِف وعده أبداً؛ ولذلك تغمرك النعمة كلما سبَّحْتَ الله وحمدته.

2-وزِدْ خضوعاً للمُنْعِم، فاسجُدْ امتثالاً لأمره تعالى:{ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } [الحجر: 98].فالسجود هو المَظْهر الواسع للخضوع، ووجه الإنسان ـ كما نعلم ـ هو ما تظهر به الوجاهة؛ وبه تَلْقَى الناس؛ وهو أول ما تدفع عنه أيَّ شيء يُلوِّثه أو ينال من رضاك عنه.ومَنْ يسجد بأرقى ما فيه؛ فهذا خضوع يُعطي عِزّة، ومَنْ يخضع لله شكراً له على نعمه فسبحانه يعطيه من العزة ما يكفيه كل أَوْجُه السجود، وكُلُّنا نذكر قَوْل الشاعر:

وَالسُّجـود الذِي تَـْجتـوِيه فِـيهِ     مِـْن أُلـوفِ السُّـجـودِ نَـَجـاةٌ

والسجود هو قمة الخضوع للحق سبحانه. والإنسان يكره لفظ العبودية؛ لأن تاريخ البشرية حمل كثيراً من المظالم نتيجة عبودية البشر للبشر. وهذا النوع من العبودية يعطي ـ كما نعلم ـ خَيْر العبد للسيد؛ ولكن العبوديةَ لله تعطي خَيْره سبحانه للعباد، وفي ذلك قِمَّة التكريم للإنسان.ويقول سبحانه من بعد ذلك: { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

—-

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الايتين96-97

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الايتين 96 -97

الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ

تتحدث الاية عن:

عكرمة بن أبي جهل؛ يُصَاب في موقعة اليرموك؛ فيضع رأسه على فَخذِ خالد بن الوليد ويسأله: يا خالد، أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؟ فيرد خالد: ” نعم “. فيُسلِم الروح مُطْمئناً

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ… }وفي هذا القول الكريم يتجلَّى تقدير الحق سبحانه لمشاعر النبوة صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فالحق يُكلِّفه أنْ يفعلَ كذا وكذا، وسبحانه يعلم أيضاً ما يعانيه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في تنفيذ أوامر الحق سبحانه.

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-وقوله تعالى: { الذين يجعلون مع اللّه إلها آخر فسوف يعلمون} تهديد شديد ووعيد أكيد لمن جعل مع اللّه معبوداً آخر

2- وقوله: { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي وإنا لنعلم يا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض، فلا يضيقنك ذلك، ولا يثنينّك عن إبلاغك رسالة اللّه وتوكل عليه، فإنه كافيك وناصرك عليهم

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى: { الذين يجعلون مع اللّه إلها آخر فسوف يعلمون} هذه صفة المستهزئين. وقيل : هو ابتداء وخبره { فسوف يعلمون} .  

2-قوله تعالى { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك} أي قلبك؛ لأن الصدر محل القلب. { بما يقولون} أي بما تسمعه من تكذيبك ورد قولك، وتنال. ويناله أصحابك من أعدائك.  

تفسير الشيخ الشعراوى

1-أي: أن هؤلاء المشركين الذين يَهْزءون بك لهم عذابهم؛ ذلك أنهم أشركوا بالله سبحانه، وحين يقول الحق سبحانه:{ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الحجر: 96].ففي هذا القول استيعاب لكل الأزمنة، أي: سيعلمون الآن ومن بعد الآن، فكلمة ” سوف ” تتسع لكل المراحل، فالحق سبحانه لم يأخذهم جميعاً في مرحلة واحدة، بل أخذهم على فترات.فحين يأخذ المُتطرِّف في الإيذاء؛ قد يرتدع مَنْ يُؤذِي، ويتراجع عن الاستمرار في الإيذاء، وقد يتحوّل بعضهم إلى الإيمان؛ فمَنْ كانت شِدّته على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم تصبح تلك الشدة في جانب الرسول  صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم .وها هو المثَلُ واضح في عكرمة بن أبي جهل؛ يُصَاب في موقعة اليرموك؛ فيضع رأسه على فَخذِ خالد بن الوليد ويسأله: يا خالد، أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؟ فيرد خالد: ” نعم ” فيُسلِم الروح مُطْمئناً.وهؤلاء المستهزئون؛ قد أشركوا بالله؛ فلم تنفعهم الآلهة التي أشركوها مع الله شيئاً، وحين يتأكد لهم ذلك؛ فَهُمْ يتأكدون من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فيما أبلغ عن الحق سبحانه.

2-ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ}وفي هذا القول الكريم يتجلَّى تقدير الحق سبحانه لمشاعر النبوة صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فالحق يُكلِّفه أنْ يفعلَ كذا وكذا وسبحانه يعلم أيضاً ما يعانيه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في تنفيذ أوامر الحق سبحانه ورد هذا المعنى أيضاً في قوله سبحانه { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام: 33] فأنت يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أكرم من أنْ تكذبَ، فقد شهدوا لك بحُسْن الصدق عبر معايشتهم لك من قبل الرسالة.وهنا يقول سبحانه:{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } [الحجر: 97].ومعنى ضيق الصدر أنْ يقِلّ الهواء الداخل عَبْر عملية التنفُّس إلى الرئتين فمن هذا الهواء تستخلص الرئتان الأوكسجين وتطرد ثاني أوكسيد الكربون  ويعمل الأكسجين على أنْ يُؤكسِدَ الغذاء لِينتجَ الطاقة؛ فإنْ ضاق الصَّدْر صارت الطاقة قليلة.والمثَل يتضح لِمَنْ يصعدون السُّلَّم العالي لأيّ منزل أو أيّ مكان؛ ويجدون أنفسهم ينهجون؛ والسبب في هذا النهجَ هو أن الرئة تريد أنْ تُسرِعِ بالتقاط كمية الهواء أكبر من تلك التي تصل إليها، فيعمل القلب بشدة اكثر كي يُتيح للرئةِ أن تسحبَ كمية أكبر من الهواء.أما مَنْ يكون صدره واسعاً فهو يسحب ما شاء من الهواء الذي يتيح للرئة أن تأخذَ الكمية التي تحتاجها من الهواء، فلا ينهج صاحب الصدر الواسع.

3-فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حين كان يُكذِّبه أحد، أو يستهزيء به أحد كان يضيق صَدْره فتضيق كمية الهواء اللازمة للحركةولذلك يُطمئِنه الحق سبحانه أن مَدَده له لا ينتهي وأنت تلحظ عملية ضيق الصدر في نفسك حين يُضايقك أحد فتثور عليه؛ فيقول لك لماذا يضيق صدرك؟ وَسِّع صدرك قليلاً والحق سبحانه يقول في موقع آخر:{  فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } [الأنعام: 125] أي: يُوسّع صدره، وتزداد قدرته على فَهْم المعاني التي جاء بها الدين الحنيف.ويقول أيضاً:{  وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } [الأنعام: 125].وهنا نجد أن الحق سبحانه يشرح عملية الصعود وكأن فيها مجاهدةً ومكابدةً وهذا يخالف المسألة المعروفة بأنك إذا صعدتَ إلى أعلى وجدتَ الهواء اكثرَ نقاءً.وقد ثبت أن الإنسان كلما صعد إلى أعلى في الفضاء فلن يجد هواء.ويدلُّ الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم على علاج لمسألة ضيق الصدر حين يُحزنه أو يؤلمه مُكذّب، أو مُسْتهزيء؛ فيقول سبحانه: { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ.. }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إظهار: إِلَٰهًا آخَرَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الايتين94-95

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الايتين 94 -95

فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

تتحدث الاية عن:

– والمعنى : اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله عز وجل؛ فإن الله كافيك من أذاك كما كفاك المستهزئين

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-يقول تعالى آمراً رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه والصدع به، وهو مواجهة المشركين به، كما قال ابن عباس في قوله: { فاصدع بما تؤمر} : أي أمضه؛ وفي رواية افعل ما تؤمر . وقال مجاهد: هو الجهر بالقرآن في الصلاة. وعن عبد اللّه بن مسعود: ما زال النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مستخفياً حتى نزلت: { فاصدع بما تؤمر} فخرج هو وأصحابه.

2-وقوله: { وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين} أي بلغ ما أنزل إليك من ربك، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات اللّه { ودوا لو تدهن فيدهنون} ولا تخفهم، فإن اللّه كافيك إياهم، وحافظك منهم، كقوله تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} . وعن أنَس مرَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فغمزه بعضهم، فجاء جبريل علية السلام- أحسبه قال: فغمزهم – فوقع في أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا “”أخرجه الحافظ البزار في قوله تعالى: { إنا كفيناك المستهزئين} “”. وقال محمد بن إسحاق: كان عظماء المستهزئين خمسة نفر، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم، من بني أسد بن عبد العزى أبو زمعة كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: (اللهم أعم بصره وأثكله ولده)، ومن بني زهرة الأسود بن عبد يغوث ، ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة ، ومن بني سهم العاص بن وائل ، ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة . فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الاستهزاء أنزل اللّه تعالى: { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين – إلى قوله – فسوف يعلمون}

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى { فاصدع بما تؤمر} أي بالذي تؤمر به، أي بلغ رسالة الله جميع الخلق لتقوم الحجة عليهم، فقد أمرك الله بذلك. والصدع : الشق. وتصدع القوم أي تفرقوا؛ ومنه { يومئذ يصدعون} [الروم : 43] أي يتفرقون. وصدعته فانصدع أي انشق. أصل الصدع الفرق والشق. قال أبو ذؤيب يصف الحمار وأتنه : وكأنهن ربابة وكأنه يسر ** يفيض على القداح ويصدع أي يفرق ويشق. فقوله { اصدع بما تؤمر} قال الفراء : أراد فاصدع بالأمر، أي أظهر دينك، فـ { ما} مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر. وقال ابن الأعرابي : معنى اصدع بما تؤمر، أي اقصد. وقيل { فاصدع بما تؤمر} أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرقون بأن يجيب البعض؛ فيرجع الصدع على هذا إلى صدع جماعة الكفار.

2-قوله تعالى { وأعرض عن المشركين} أي عن الاهتمام باستهزائهم وعن المبالاة بقولهم، فقد برأك الله عما يقولون. وقال ابن عباس : (هو منسوخ بقوله { فاقتلوا المشركين} التوبة : 5]). وقال عبدالله بن عبيد : ما زال النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مستخفيا حتى نزل قوله تعالى { فاصدع بما تؤمر} فخرج هو وأصحابه. وقال مجاهد : أراد الجهر بالقرآن في الصلاة. { وأعرض عن المشركين} لا تبال بهم. قال ابن إسحاق : لما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين. الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون} . والمعنى : اصدع بما تؤمر ولا تخف غير الله؛ فإن الله كافيك من أذاك كما كفاك المستهزئين، وكانوا خمسة من رؤساء أهل مكة، وهم الوليد بن المغيرة وهو رأسهم، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة. والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن الطلاطلة، أهلكهم الله جميعا، قيل يوم بدر في يوم واحد؛ لاستهزائهم برسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم. وسبب هلاكهم فيما ذكر ابن إسحاق : أن جبريل علية السلام  أتى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وهم يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ووجعت عينه، فجعل يضرب برأسه الجدار. ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه حَبَنا. (يقال : حبِن (بالكسر) حَبَنا وحُبِن للمفعول عظم بطنه بالماء الأصفر، فهو أحبن، والمرأة حبناء؛ قاله في الصحاح). ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، وكان أصابه قبل ذلك بسنين، وهو يجر سبله، وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقض به فقتله. ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله، فمرج على حمار له يريد الطائف، فربض به على شبرمة فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته. ومر به الحارث بن الطلاطلة، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله. وقد ذكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا. وقيل : إنهم المراد بقوله تعالى { فخر عليهم السقف من فوقهم} [النحل : 26] شبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم؛ على ما يأتي.  

تفسير الشيخ الشعراوى

1-أي: افرغ لِمُهمتك؛ فالصّدع تصنع شقاً في متماسك، كما نشق زجاجاً بالمشرط الخاص بذلك، أو ونحن نصنع شقاً في حائط. والرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد جاء لِيشقَّ الكفر ويهدم الفساد القوي المتماسك الذي يَقْوي بقوة صناديد قريش.وقد شاع ذلك المصطلح ” الصدع ” في الزجاج؛ لأن أيَّ شقٍّ في أيِّ شيء من الممكن أنْ يلتئمَ إلا في الزجاج؛ لأنه يصعب أن يجمع الإنسان الفتافيت والقطع الصغيرة التي تنتج من صدعه، وقد جاء الإيمان ليصدع بنيان الكفر والفساد المتماسك.

2-وقول الحق سبحانه:{ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [الحجر: 94].أي: أَعْطِهم عرض كتفيك، ولا تسأل عنهم؛ فَهُم لن يُسلِموا لك، ذلك أنهم مستفيدون من الفساد الذي جِئْتَ أنت لتهدمه، ولكنهم سيأتون لك تباعاً بعد أن تتثبت دعوتُك، وتصل قلوبهم إلى تيقُّن أن ما جئتَ به هو الحق.والمثَل هو إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص؛ فقد قالا: ” لقد استقر الأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ، ولم تَعُدْ معارضتنا له تفيد أحداً ” ، ودخلاَ الإسلام.

3-ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { إِنَّا كَفَيْنَاكَ}.فبعد أنْ قال له:{  وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } [الحجر: 94] وبعد أن ثبت لكل مَنْ عاش تلك الفترة أن كل مُستهزيء بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد ناله عقاب من السماء. فها هو ذا الوليد بن المغيرة الذي يتبختَّر في ثيابه؛ فيسير على قطعة من الحديد، فيأنَفُ أن ينحنيَ لِيُخلّص ثوبه الذي اشتبك بقطعة الحديد؛ فتُجرح قدمه وتُصاب بالغرغرينا ويقطعونها له، ثم تنتشر الغرغرينا في كُلِّ جسده إلي أنْ يموتَ.وها هو الثاني الأسود بن عبد يغوث يُصاب بمرض في عينيه؛ ويُصاب بالعمَى، وكذلك الحارث بن الطلاطلة، والعاصي بن وائل.وكل مستهزيء برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد ناله عقابٌ ما، ومَنْ لم تُصِبْه عاهة أو آفة صرعتْه سيوف المسلمين في بدر، لدرجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد حدد المواقع التي سيلْقى فيها كل واحد من صناديد قريش حَتْفه؛ فقال: هنا مصرع فلان، وهناك مصرع فلان. وقد أوضح صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم تلك المواقع من قبل أن تبدأ المعركة، ونعلم أن الحرب تتطلب كَراً وفَراً، ولكن ما تنبأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد حدث بالضبط.ويُحدِّد الحق سبحانه نوعية هؤلاء المستهزئين بقوله: { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الايتين 92-93

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الايتين  92-93

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ

تتحدث الاية عن:

–قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة) قيل : يا رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وما إخلاصها؟ قال : (أن تحجزه عن محارم الله). رواه زيد بن أرقم

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-وقال ابن عمر في قوله: { لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} قال: عن { لا إله إلا اللّه} “”ورد فيه حديث مرفوع رواه الترمذي عن أنَس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في قوله: { فوربك لنسألهم أجمعين} قال: عن { لا إله إلا اللّه} “”، وقال ابن مسعود: والذي لا إله غيره ما منكم من أحد إلا سيخلو اللّه به يوم القيامة، فيقول: ابن آدم ماذا غرك مني بي؟ ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ وقال أبو جعفر، عن أبي العالية في قوله: { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} قال: يسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وعماذا أجابوا المرسلين، وقال ابن عيينة: عن عملك وعن مالك، وقال ابن أبي حاتم، عن معاذ بن جبل قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: (يا معاذ إن المرء يسأل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى كحل عينيه، وعن فتات الطينة بأصبعه فلا ألفينك يوم القيامة وأحد غيرك أسعد بما آتاك اللّه منك) وقال ابن عباس في قوله: { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} ، ثم قال: { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} قال: لا يسألهم هل عملتم كذا؟ لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول لم عملتم كذا وكذا؟

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى { فوربك لنسألنهم أجمعين} أي لنسألن هؤلاء الذين جرى ذكرهم عما عملوا في الدنيا. وفي البخاري : وقال عدة من أهل العلم في قوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون} عن لا إله إلا الله. قلت : وهذا قد روي مرفوعا، روى الترمذي الحكيم قال : حدثنا الجارود بن معاذ قال حدثنا الفضل بن موسى عن شريك عن ليث عن بشير بن نهيك عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في قوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعمون} قال : (عن قول لا إله إلا الله) قال أبو عبدالله : معناه عندنا عن صدق لا إله إلا الله ووفائها؛ وذلك أن الله تعالى ذكر في تنزيله العمل فقال { عما كانوا يعملون} ولم يقل عما كانوا يقولون، وإن كان قد يجوز أن يكون القول أيضا عمل اللسان، فإنما المعني به ما يعرفه أهل اللغة أن القول قول والعمل عمل. وإنما قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (عن لا إله إلا الله) أي عن الوفاء بها والصدق لمقالها. كما قال الحسن البصري : ليس الإيمان بالتحلي ولا الدين بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال. ولهذا ما قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة) قيل : يا رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وما إخلاصها؟ قال : (أن تحجزه عن محارم الله). رواه زيد بن أرقم. وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (إن الله عهد إلي ألا يأتيني أحد من أمتي بلا إله إلا الله لا يخلط بها شيئا إلا وجبت له الجنة) قالوا : يا رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وما الذي يخلط بلا إله إلا الله؟ قال : (حرصا على الدنيا وجمعا لها ومنعا لها، يقولون قول الأنبياء ويعملون أعمال الجبابرة). وروى أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا آثروا صفقة دنياهم على دينهم ثم قالوا لا إله إلا الله ردت عليهم وقال الله كذبتم)  أسانيدها في نوادر الأصول. قلت : والآية بعمومها تدل على سؤال الجميع ومحاسبتهم كافرهم ومؤمنهم، إلا من دخل الجنة بغير حساب على ما بيناه في كتاب (التذكرة). فإن قيل : وهل يسأل الكافر ويحاسب؟ قلنا : فيه خلاف وذكرناه في التذكرة. والذي يظهر سؤال، للآية وقوله { وقفوهم إنهم مسؤولون} [الصافات : 24] وقوله { إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم} [الغاشية : 25 – 26]. فإن قيل : فقد قال تعالى { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون} [القصص : 78] وقال { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان} [الرحمن : 39]، وقال { ولا يكلمهم الله} [البقرة : 174]، وقال { إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين : 15]. قلنا : القيامة مواطن، فموطن يكون فيه سؤال وكلام، وموطن لا يكون ذلك فيه. قال عكرمة : القيامة مواطن، يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها. وقال ابن عباس : (لا يسألهم سؤال استخبار واستعلام هل عملتم كذا وكذا؛ لأن الله عالم بكل شيء، ولكن يسألهم سؤال تقريع وتوبيخ فيقول لهم : لم عصيتم القرآن وما حجتكم فيه؟ واعتمد قطرب هذا القول. وقيل { لنسألنهم أجمعين} يعني المؤمنين المكلفين؛ بيانه قوله تعالى { ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} [التكاثر : 8]. والقول بالعموم أولى كما ذكر. والله أعلم.

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وهنا يُقسِم الحق سبحانه بصفة الربوبية التي تعهدتْ رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بالتربية والرعاية ليكون أهلاً للرسالة أنه لن يُسلِمه لأحد، وهو سبحانه مَنْ قال:{  وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [طه: 39].أي: أن كل رسول هو مصنوع ومَحْميّ بإرادته سبحانه؛ وتلك عناية الحماية للمنهجية الخاصة، وعناية المصطفين الذين يحملونَ رسالته إلى الخَلْق؛ فقد رزق سبحانه خَلْقه جميعاً؛ والرسل إنما يأتون لمهمة تبليغ المنهج الذي يُدير حركة الحياة؛ لذلك لا بُدَّ أن يُوفّر لهم الحق سبحانه عناية من نوع خاص وقَوْل الحق سبحانه هنا:{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 92].يُبيِّن لنا أنه سيسألهم سبحانه عن أدقِّ التفاصيل؛ ومجرد توجيه السؤال إليهم فيه لَوْن من العذاب.

2-ويحاول البعض مِمَّنْ يريدون أنْ يعثروا على تعارض في القرآن أن يقولوا كيف يقولَ الله مرة:{فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [الرحمن: 39]ويقول في اكثر من موقع بالقرآن أنه سيسأل هؤلاء المُكذِّبين فكيف يُثبِت السؤالَ مرة وينفيه مرة أخرى؟ونقول لهؤلاء: أنتم تستقبلون القرآن بسطحية شديدة، فهذا الذي تقولون إنه تعارض إنما هو مجرد ظاهر من الأمر، وليس تعارضاً في حقيقة الأمر.ونحن نعلم أن السؤال ـ أيّ سؤال ـ له مُهِمتان، المُهِمة الأولى: أن تعلم ما تجهل. والمهمة الثانية: لتقرَّ بما تعلم.والحق سبحانه حين ينفي سؤالاً فهو ينفي أن أحداً سيُخبره بما لا يعلم سبحانه؛ وحين يثبت السؤال؛ فهذا يعني أنه سيسألهم سؤالَ الإقرار.وهكذا نعلم أن القرآن إذا أثبت حدثاً مرة ونفَاهُ مرة أخرى، فاعلم أن الجهة مُنفكّة، أي: أن جهة النفي غَيْر جهة الإثبات، وكُلٌّ منهما لها معنًى مختلف.وقوله هنا:{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 92].يعني أن الضَّال والمُضِلْ، والتابع والمتبوع سَيُسألون عَمَّا عملوا. ثم يقول الحق سبحانه: { عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

3-والعمل كما نعلم هو اتجاه جارحة إلى مُتعلّقها؛ فجارحةُ العين مُتعلِّقها أنْ ترى؛ وجارحةُ اللسان مُتعلِّقها أن تتكلم، وجارحةُ اليد إما أنْ تُربّت، وإما أنَ تبطشَ.وهكذا فكُلُّ ما تصنعه ملكَاتُ الإدراك في النفس البشرية نُسمِّيه عملاً. وسبق أن علمنا أن العمل ينقسم إلى قول وفعل.ويقول الحق سبحانه:{  وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة: 74].أي: تذكَّروا أن الله سبحانه وتعالى لا يغيب عنه شيء، وأن كل ما تعملونه يعلمه، وأنكم ملاقونه يوم القيامة ومحتاجون إلى رحمته ومغفرته.ويقول سبحانه من بعد ذلك: { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

 

 

تفسير سورة الحجر الاية 91

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 91

الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ

تتحدث الاية عن:

– وقوله: { الذين جعلوا القرآن عضين} أي جزأوا كتبهم المنزلة عليهم، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1- وقوله: { الذين جعلوا القرآن عضين} أي جزأوا كتبهم المنزلة عليهم، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، قال البخاري عن ابن عباس: { جعلوا القرآن عضين} قال: هم أهل الكتاب جزأوه فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وروي عن مجاهد والحسن والضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير نحو ذلك . وقال عكرمة: العضه، السحر بلسان قريش، تقول للساحرة: إنها العاضهة، وقال مجاهد: عضوه أعضاء قالوا: سحر، وقالوا: كهانة، وقالوا: أساطير الأولين، وقال عطاء: قال بعضهم: ساحر، وقالوا: مجنون، وقالوا: كاهن، فذلك العضين. وقال محمد بن إسحاق، عن ابن عباس: إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش، وكان ذا شرف فيهم، وقد حضر الموسم، فقال لهم يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قولكم بعضه بعضاً، فقالوا: وأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأياً نقول به، قال: بل أنتم قولوا لأسمع، قالوا: نقول كاهن، قال: ما هو بكاهن، قالوا: فنقول مجنون، قال: ما هو بمجنون، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، قالوا: فنقول ساحر، قال: ما هو بساحر، قالوا: فماذا تقول؟ قال: واللّه إن لقوله لحلاوة فما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول أن تقولوا: هو ساحر، فتفرقوا عنه بذلك، وأنزل اللّه فيهم: { الذين جعلوا القرآن عضين} أصنافاً

تفسير القرطبى

1-هذه صفة المقتسمين. وقيل : هو مبتدأ وخبره { لنسألنهم} . وواحد العضين عضة، من عضيت الشيء تعضية أي فرقته؛ وكل فرقة عضة. وقال بعضهم : كانت في الأصل عضوة فنقصت الواو، ولذلك جمعت عضين؛ كما قالوا : عزين في جمع عزة، والأصل عزوة. وكذلك ثبة وثبين. ويرجع المعنى إلى ما ذكرناه في المقتسمين. قال ابن عباس : (آمنوا ببعض وكفروا ببعض). وقيل : فرقوا أقاويلهم فيه فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا. عضوته أي فرقته. قال الشاعر – هو رؤبة – : وليس دين الله بالمعضَّى أي بالمفرق. ويقال : نقصانه الهاء وأصله عضهة؛ لأن العضه والعضين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر : عاضه وللساحرة عاضهة. قال الشاعر : أعوذ بربي من النافثا ** ـت في عُقَد العاضه المُعْضه وفي الحديث : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم العاضهة والمستعضهة، وفسر : الساحرة والمستسحرة. والمعنى : أكثروا البهت على القرآن ونوعوا الكذب فيه، فقالوا : سحر وأساطير الأولين، وأنه مفترى، إلى غير ذلك. ونظير عضة في النقصان شفة، والأصل شفهة. كما قالوا : سنة، والأصل سنهة، فنقصوا الهاء الأصلية وأثبتت هاء العلامة وهي للتأنيث. وقيل : هو من العضه وهي النميمة. والعضيهة البهتان، وهو أن يعضه الإنسان ويقول، فيه ما ليس فيه. يقال عضهه عضها رماه بالبهتان. وقد أعضهت أي جئت بالبهتان. قال الكسائي : العضة الكذب والبهتان، وجمعها عضون؛ مثل عزة وعزون؛ قال تعالى { الذين جعلوا القرآن عضين} . ويقال : عضوه أي آمنوا بما أحبوا منه وكفروا بالباقي، فأحب كفرهم إيمانهم. وكان الفراء يذهب إلى أنه مأخوذ من العضاة، وهي شجر الوادي ويخرج كالشوك.

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وكلمة (عضين) تعني القطع؛ فيُقال للجزار حين يذبح الشاة أو العجل أنه قد جعله عِضين. أي: فصَل كُلَّ ذراع عن الآخر، وكذلك قطع الفخذ؛ أي: أنه جعل الذبيحة قِطَعاً قِطَعاً بعد أنْ كانت أعضاء مُتصلة.وكذلك كان القرآن حينما نزل كياناً واحداً؛ فأراد بعض من الكفار أن يُقطِّعوه إلى أجزاء. والمقصود هنا هم جماعة من اليهود وجماعة من النصارى الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم وأرادوا أنْ يُقطِّعوا القرآن كما فعلوا مع الكتابين اللذين نزلا على سيدنا موسى علية السلام، وهما التوراة؛ والإنجيل الذي جاء به سيدنا عيسى علية السلام.وقد قال الحق سبحانه فيهما:{  وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } [المائدة: 13].أي: أن بعضاً من اليهود قد نَسُوا بعضاً من التوراة، وكذلك نسى البعض من أتباع عيسى بعضاً من الإنجيل الذي نزل عليه.وإنْ وجدنا لهم العذر في النسيان؛ فماذا عن الذي كتموه من تلك الكتب؟ وماذا عن الذي بدَّلوه وحرَّفوه من كلمات تلك الكتب؟ وماذا عن الذي أضافوه عليه، ولم ينزل من عند الله؟ وقد فضح سبحانه كل ذلك في القرآن.أو: أن اليهود استقبلوا القرآن استقبالَ مَنْ يُصدِّق بعضه مِمَّا لا يتعبهم، وكذَّبوه في البعض الذي يتعبهم، فقد كذَّبوا مثلاً أن كتابهم قد بشَّرهم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم وهكذا نرى كيف حاولوا أن يجعلوا القرآن عِضين، أي: قطعاً مفصولة عن بعضها البعض، وقد حاولوا ذلك بعد أن تبيَّن لهم أن القرآن مُؤثِّر وفاعل.

2-وشاء الحق سبحانه للقرآن أن يحمل النذارة والبشارة؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم نذير بالقرآن المبين الواضح لِمَنِ اقتسموا الأمر بالنسبة لسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم – فقِسْم منهم تفرَّغ للاستهزاء بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم ومَنْ آمنوا معه؛ وجماعة أخرى قسَّمتْ أعضاءها ليجلسوا على أبواب مكة أثناء موسم الحج، ويستقبلون القادمين للحج من البلاد المختلفة ليحذروهم من الاستماع لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلمومن هؤلاء مَنْ وصف الرسولَ صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم بالجنون؛ ومنهم مَنْ وصف القرآن بأنه شِعْر؛ ومنهم مَنْ وصفَ الرسول صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم بأنه ساحر.ثم يقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

 

تفسير سورة الحجر الاية 90

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 90

كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ

تتحدث الاية عن:

–سبحانه قد أنزل كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، واستقبله الناس استقباليْنِ فمنهم مَنِ استمع إلى القرآن الكريم فتبصَّر قول الحق وآمن والصنف الآخر استمع إلى القرآن، فكانت قلوبهم كالحجارة

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-وقوله: { المقتسمين} أي المتحالفين، أي تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كقوله تعالى إخباراً عن قوم صالح إنهم: { قالوا تقاسموا باللّه لنبيتنه وأهله} الآية، أي نقتلهم ليلاً، قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت} ، { أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة} فكأنهم لا يكذبون بشيء من الدنيا إلا أقسموا عليه فسموا مقتسمين. قال عبد الرحمن بن زيد: المقتسمون أصحاب صالح الذين تقاسموا باللّه لنبيتنه وأهله، وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: (إنما مثلي ومثل ما بعثني اللّه به كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به من الحق)

تفسير القرطبى

1-واختلف في { المقتسمين} على أقوال سبعة : الأول : قال مقاتل والفراء : هم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا أعقاب مكة وأنقابها وفجاجها يقولون لمن سلكها : لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة؛ فإنه مجنون، وربما قالوا ساحر، وربما قالوا شاعر، وربما قالوا كاهن؛ وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق، فأماتهم الله شر ميتة، وكانوا نصبوا الوليد بن المغيرة حكما على باب المسجد، فإذا سألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : صدق أولئك. الثاني : قال قتادة : هم قوم من كفار قريش اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرا، وبعضه سحرا، وبعضه كهانة، وبعضه أساطير الأولين. الثالث : قال ابن عباس : (هم أهل الكتاب آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه). وكذلك قال عكرمة : هم أهل الكتاب، وسموا مقتسمين لأنهم كانوا مستهزئين، فيقول بعضهم : هذه السورة لي وهذه السورة لك. وهو القول الرابع. الخامس : قال قتادة : قسموا كتابهم ففرقوه وبددوه وحرفوه. السادس : قال زيد بن أسلم : المراد قوم صالح، تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين؛ كما قال تعالى { تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} [النمل : 49]. السابع : قال الأخفش : هم قوم اقتسموا أيمانا تحالفوا عليها. وقيل : إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج؛ ذكره الماوردي.

تفسير الشيخ الشعراوى

1-ونعلم أنه سبحانه قد أنزل كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، واستقبله الناس استقباليْنِ فمنهم مَنِ استمع إلى القرآن الكريم فتبصَّر قول الحق وآمن وفي هؤلاء قال الحق سبحانه {  وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ } [المائدة: 83].والصنف الآخر استمع إلى القرآن، فكانت قلوبهم كالحجارة، وفيهم قال الحق سبحانه:{  وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } [محمد: 16].ذلك أن قلوبهم مُمْتلئة بالكفر؛ وقد دخلوا ومعهم حكم مُسْبق، فلم يقيموا ميزانَ العدل ليقيسوا به فائدة ما يسمعون.ولذلك أوضح الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ألا يحزن، فالمسألة لها سوابق مع غيرك من الرسل؛ فقد نزل كل رسول بكتاب يحمل المنهج، ولكن الناس استقبلوا تلك الكتب كاستقبال قومك لِمَا نزل إليك بين كافر ومؤمن، واختلفوا في أمور الكُتب المنزَّلة إلى رسلهم.وكان انقسامهم كانقسام قومك حول الكتاب المُنزَّل إليك، فلا تحزنْ إنِ اتهموك بأنك ساحرٌ، أو أن ما نزل إليك كتابُ شعر، أو أنك تمارس الكهانة؛ أو فقدوا القدرة على الحكم عليك واتهموك بالجنون.وهكذا قَسَّموا القرآن المُنزَّل من الله سبحانه إلى أقسام هي: السِّحْر، والكهانة، والشعر، والجنون، كما فعل من قبلهم أقوام أخرى فمنهم مَنْ قال وأثبته القرآن عليهم{ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [الشعراء: 27]وهكذا تعلم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أنك لست بِدْعاً من الرسل، ذلك أن الرسل لا يأتون أقوامهم إلا وقد طَمَّ الفساد والبلاء، ولا يوجد فساد إلا بانتفاع واحد بالفساد بينما يضرُّ بالآخرين.وإذا ما جاء رسول ليصلح هذا الفساد يهُبُّ أهل الاستفادة من الفساد ليقاوموه ويضعوا أمامه العراقيل؛ مثلما حدث معك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حين قال بعضهم:{  لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } [فصلت: 26].ومثل هذا القول إنما يدلُّ على أنهم لو صَفُّوا نفوسهم، واستمعوا للقرآن لاهتدوا لذلك يقول لهم سادتهم:{  وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: 26] أي: شَوِّشوا عليه.وهكذا فالاقتسام الذي استقبل به الكفار القرآن الكريم سبق وأنْ حدث مع الرسل الذين سبقوك.ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة 

-مد منفصل:كَمَا أَنْزَلْنَا 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الاية 89

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 89

وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ

تتحدث الاية عن:

قال صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : ” إنما مثَلي ومثَل ما بعثني اللهُ به كمثَلِ رجلٍ أتى قوماً فقال: يا قوم، إني رأيتُ الجيشَ بعينيَّ، وإني أنا النذير العُرْيان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فَأدْلجوا فانطلقوا على مهلهِم فَنجَوْا، وكذَّبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثَل مَنْ أطاعني فاتَّبع ما جِئْتُ به، ومثَل مَنْ عصاني وكذَّب بما جئتُ به من الحقِّ “.

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-يأمر تعالى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يقول للناس: { إني أنا النذير المبين} البين النذارة، نذير للناس من عذاب أليم، كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها، وما أنزل اللّه عليهم من العذاب والانتقام.

تفسير القرطبى

1-في الكلام حذف؛ أي إني أنا النذير المبين عذابا، فحذف المفعول، إذ كان الإنذار يدل عليه، كما قال في موضع آخر { أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} [فصلت : 13]. وقيل : الكاف زائدة، أي أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين؛ كقوله { ليس كمثله شيء} [الشورى : 11] وقيل : أنذرتكم مثل ما أنزلنا بالمقتسمين. وقيل : المعنى كما أنزلنا على المقتسمين، أي من العذاب وكفيناك المستهزئين، فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين الذين بغوا، فإنا كفيناك أولئك الرؤساء الذين كنت تلقى منهم ما تلقى

تفسير الشيخ الشعراوى

1-ونعلم أن الرسل مُبشرِّين ومُنذرِين؛ ولسائل أنْ يقولَ: ولماذا تأتي صيغة الإنذار دائماً؟ وأقول: إن مَنْ يؤمن هو مَنْ يتلقَّى البشارة؛ أما مَنْ عليه أنْ يتوقَّع النِّذارة فهو الكافر المُنكِر.وفي الإنذار تخويفٌ بشيء ينالُ منك في المستقبل؛ وعليك أنْ تَعُد العُدَّة لتبتعد بنفسك أن تكون فيه، والتبشير يكون بأمر تتمناه النَّفْس وبالإنذار والتبشير يتضح الموقف بجلاء، ويُحَاط الإنسان بكل قضايا الحياة؛ ويتضح مسَار كُل أمرٍ من الأُمورِ.وبذلك يكون الحق سبحانه في الآيتين السابقتين قد امتنَّ على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بأنه قد آتاه السبع المثاني والقرآن العظيم؛ ولذلك يوصيه ألاَّ تطمح نفسه إلى ما أوتي بعضٌ من الكفار من جاه ومال، فالقرآن عزُّ الدنيا والآخرة.ويوصيه كذلك بألا يحزنَ عليهم نتيجة انصرافهم عن دعوته، فليس عليه إلا البلاغ، وأن يتواضعَ صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم للمؤمنين ليزداد ارتباطهم به، فهم خير من كل الكافرين برسالته صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم . ثم يُوصيه الحق سبحانه أن يُبلغ الجميع أنه نذير وبشير، يوضح ما جاء في القرآن من خير يعُمَّ على المؤمنين، وعقاب ينزل على الكافرين.وقد قال صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : ” إنما مثَلي ومثَل ما بعثني اللهُ به كمثَلِ رجلٍ أتى قوماً فقال: يا قوم، إني رأيتُ الجيشَ بعينيَّ، وإني أنا النذير العُرْيان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فَأدْلجوا فانطلقوا على مهلهِم فَنجَوْا، وكذَّبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثَل مَنْ أطاعني فاتَّبع ما جِئْتُ به، ومثَل مَنْ عصاني وكذَّب بما جئتُ به من الحقِّ “. ويقول سبحانه من بعد ذلك: { كَمَآ أَنْزَلْنَا… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

 

 

تفسير سورة الحجر الاية 88

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 88

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

تتحدث الاية عن:

وهنا يُوضِّح الحق سبحانه: إياكَ أنْ تَمُدَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم، لأننا أعطيناك أعلى عطاءٍ، وهو معجزة القرآن حارس القيم، والذي يضمُّ النَّهْج القويم

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

-يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : كما آتيناك القرآن العظيم فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه، فلا تغبطهم بما هم فيه، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزناً عليهم في تكذيبهم لك ومخالفتهم دينك-وقوله: { لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} أي استغن بما آتاك اللّه من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية. ومن ههنا ذهب ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصحيح: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) إلى أنه يستغنى به عما عداه، وهو تفسير صحيح ولكن ليس هو المقصود من الحديث كما تقدم في أول التفسير، وقال ابن أبي حاتم عن أبي رافع صاحب النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: ضاف النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ضيف، ولم يكن عند النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم شيء يصلحه، فأرسل إلى رجل من اليهود: (يقول لك محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أسلفني دقيقاً إلى هلال رجب)، قال: لا، إلا برهنٍ، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فأخبرته فقال: (أما واللّه إني لأمين من في السماء، وأمين من في الأرض، ولئن أسلفني أو باعني لأودين إليه)، فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية { لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا} إلى آخر الآية، كأنه يعزيه عن الدنيا. قال ابن عباس: { لا تمدن عينيك} قال: نهي الرجل أن يتمنى ما لصاحبه. وقال مجاهد: { إلى ما متعنا به أزواجا منهم} هم الأغنياء.  

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى { لا تمدن عينيك} المعنى : قد أغنيتك بالقرآن عما في أيدي الناس؛ فإنه ليس منا من لم يتغن بالقرآن؛ أي ليس منا من رأى أنه ليس يغني بما عنده من القرآن حتى يطمح بصره إلى زخارف الدنيا وعنده معارف المولى. يقال : إنه وافى سبع قوافل من البصرة وأذرعات ليهود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها البر والطيب والجوهر وأمتعة البحر، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل الله، فأنزل الله تعالى { ولقد آتيناك سبعا من المثاني} أي فهي خير لكم من القوافل السبع، فلا تمدن أعينكم إليها. وإلى هذا صار ابن عيينة، وأورد قوله عليه السلام : (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) أي من لم يستغن به. وقد تقدم هذا المعنى في أول الكتاب. { أزواجا منهم} أي أمثالا في النعم، أي الأغنياء بعضهم أمثال بعض في الغنى، فهم أزواج. هذه الآية تقتضي الزجر عن التشوف إلى متاع الدنيا على الدوام، وإقبال العبد على عبادة مولاه. ومثله { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه} [طه : 131] الآية. وليس كذلك؛ فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أنه قال : (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة). وكان صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم متشاغل بالنساء، جبلة الآدمية وتشوف الخلقة الإنسانية، ويحافظ على الطيب، ولا تقر له عين إلا في الصلاة لدى مناجاة المولى. ويرى أن مناجاته أحرى من ذلك وأولى. ولم يكن في دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الرهبانية والإقبال على الأعمال الصالحة بالكلية كما كان في دين سيدنا عيسى علية السلام ، وإنما شرع الله سبحانه حنيفية سمحة خالصة عن الحرج خفيفة على الآدمي، يأخذ من الآدمية بشهواتها ويرجع إلى الله بقلب سليم. ورأى الفراء والمخلصون من الفضلاء الانكفاف عن اللذات والخلوص لرب الأرض والسماوات اليوم أولى؛ لما غلب على الدنيا من الحرام، واضطر العبد في المعاش إلى مخالطة من لا تجوز مخالطته ومصانعة من تحرم مصانعته، فكانت القراءة أفضل، والفرار عن الدنيا أصوب للعبد وأعدل؛ قال صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (يأتي على الناس زمان يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن).

2-قوله تعالى { ولا تحزن عليهم} أي ولا تحزن على المشركين إن لم يؤمنوا. وقيل : المعنى لا تحزن على ما متعوا به في الدنيا فلك في الآخرة أفضل منه. وقيل : لا تحزن عليهم إن صاروا إلى العذاب فهم أهل العذاب. { واخفض جناحك للمؤمنين} أي ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم. وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه بسط جناحه ثم قبضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفا لتقريب الإنسان أتباعه. ويقال : فلان خافض الجناح، أي وقور ساكن. والجناحان من ابن آدم جانباه؛ { واضمم يدك إلى جناحك} [طه : 22] وجناح الطائر يده. وقال الشاعر : وحسبك فتية لزعيم قوم ** يمد على أخي سقم جناحا أي تواضعا ولينا.  

تفسير الشيخ الشعراوى

1-والمَدُّ: هو مَطُّ الشيء وزيادته. وللعيْن مسافات تُرَى فيها المرائي؛ كُل عَيْن حَسْب قدرتها، فهناك مَنْ يتمتع ببصر قوي وحادّ، وهناك مَنْ ليس كذلك.ويتراوح الناس في قدرة إبصارهم حسب توصيف وضعه الأطباء؛ ليعالجوا ذلك على قَدْر استطاعتهم العلمية. وفي المثَل اليومي نسمع مَنْ يقول ” فلان عنده بُعْد نظر ” أي: يملك قدرة على أن يقيسَ رُدود الأفعال، ويتوقّع ما سوف يحدث، وما يترتَّب على نتائج أيِّ فعل.والمراد بمَدِّ العين ليس إخراج حبة العين ومدِّها؛ ولكن المراد إدامة النظر والإمعان، ولكن الحق سبحانه عبَّر في القرآن هذا التعبير، وكأن الإنسان سيخرج حبَّة عينه ليجري بها، وليُمعِن النظر، وهذا ما يفهم من منطوق الآية، والمنطوق يشير إلى المفهوم المراد، وهذا عين الإعجاز.

2-وكلمة ” متاع ” تفيد أن شيئاً يُتمتَّع به وينتهي، ولذلك يُوصَف متاع الدنيا في القرآن بأنه متَاعُ الغرور، أي: أنه متاع موقوت بلحظة.وقول الحق سبحانه:{ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ} [الحجر: 88].هي جَمْع زَوْج، وسبق أنْ أوضحنا أن كلمة زوج هي مفرد، والذكَر والأنثى حين يتلاقيان يصبح اسمهما زوجين والحق سبحانه هو القائل {سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } [يس: 36] والأزواج كلُّها تعني الفرد، ومعه الفرد من كل صنف من الأصناف. المراد بكلمة أزواج هنا أن المخالفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم كانوا شِلَلاً شِللاً؛ ضال ومضل؛ وضال آخر معه مُضِل.ولحظة الحساب سيقول كل منهم:{  قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } [الصافات: 51].وهكذا كانت كلمة ” أزواج ” تدل على أصناف متعددة من الذين يقفون معاندين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ومُنكِرين لمنهجه.وفي موقع آخر من القرآن يكشف سبحانه عَمَّنْ أغوتْهم الشياطين، ويحشرهم الحق سبحانه مع الشياطين اعوذ بالله منهم في نار جهنم:{  وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } [الأنعام: 128].أي: يا معشرَ الجنِّ قد استطعتُم أنْ تُوحوا لكثير من الإنس بالغواية والمعصية، ليكونوا أولياءكم، وهكذا نجد أن كل جماعة تتفق على شيء نُسمِّيهم أزواجاً.

3-وهنا يُوضِّح الحق سبحانه: إياكَ أنْ تَمُدَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم، لأننا أعطيناك أعلى عطاءٍ، وهو معجزة القرآن حارس القيم، والذي يضمُّ النَّهْج القويم.ويتابع سبحانه:{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } [الحجر: 88].ويُقال: حزنت منه، وحَزِنت عليه، وحَزِنت له؛ فمَنْ ناله ما يُحزن، ولم يَصْدُر عنك هذا السبب في حزنه؛ فأنت تقول له ” حَزِنت لك “.وآخر ارتكب فِعْلاً يُسِيء إلى نفسه؛ فأنت تحزن عليه. ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حَزِن عليهم؛ فقد كان يُحِبّ أنْ يؤمنوا، وأنْ يتمتعوا بالنعمة التي يتمتع هو بها.ولذلك نجد الحق سبحانه يقول عن رسوله صلى الله عليه وسلم:{  لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [التوبة: 128].فمِنْ رأفته صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم صَعُبَ على نفسه أنْ ينَال قومه مشقةٌ؛ فالرحمة والرأفة مصدرها ما وهبه الله إياه من فَهْم لقيمة نعمة الإيمان.وفي آية أخرى يقول سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:{  فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً }
[الكهف: 6].أي: أنه لن ينقصَ منك شيء في حالة عدم إيمانهم، ولن يزيدك إيمانهم أجراً؛ ذلك أن عليك البلاغَ فقط؛ فلماذا تحزن على عدم إيمانهم؟وقول الحق سبحانه هنا:{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } [الحجر: 88].دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم كان حريصاً على أن يُؤمِن قومه، محبةً فيهم، وليتعرَّفوا على حلاوة الإيمان بالله. وكان صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يتألم ويحز في نفسه عدم إيمانهم، لدرجة أن الحق سبحانه قال له في آية أخرى:{  لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [الشعراء: 3-4].وهنا يُوضِّح الحق سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن إيمانهم ليس أمراً صعباً عليه سبحانه؛ ذلك أنه قادر أنْ ينزِّل آية من السماء تجعلهم خاضعين؛ مؤمنين؛ لكنه سبحانه يحب أن يأتيه خَلْقُه محبةً، وأن يُحسِنوا استخدام ما وهبهم من خاصية الاختيار.فسبحانه لا يقهر أحداً على الإيمان به؛ فالإيمان عَمَل قلوب، وسبحانه لا يريد قوالب، وإنما يريد قلوباً خاشعة، ولو شاء سبحانه من خَلْقه أنْ يأتوه طواعية؛ فالقهر من القاهر يُثبِت له القدرة، ولكن أنْ يأتيَ الخَلْق إلى خالقهم طواعية؛ فهذا يُثبت له المحبوبية.والحق سبحانه يريد أن يكون الإيمان نابعاً من محبوبية العابد للمعبود؛ ولذلك يقول الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:{ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ… } [الحجر: 88].

4-ثم يُوجِّه له الأمر بأنْ يُوجّه طاقة الحنان والمودَّة التي في قلبه إلى مَنْ يستحقها، وهم المؤمنون برسالته صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؛ وعليه أنْ يخفضَ جناحه للمؤمنين.فكُلُّ حركة من الإنسان هي نزوع يتحرَّك من بعد وُجدْان، والوُجْدان يُولِّد طاقة داخلية تُهيئ للنزوع وتدفع إليه، فإن حزن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لعدم إيمان صناديد قريش برسالته؛ فهذا الحُزْن إنما يخصم ويأخذ من طاقته؛ فيأتيه الأمر من الحق سبحانه أن يُوفِّر طاقته، وأنْ يُوجِّهها لمَنْ آمن به؛ وأن يخفِضَ جناحه لهم.وخَفْض الجناح هو التواضُع؛ ذلك أن الجناحَ هو الجانب، فحين يأتيك إنسانٌ تريد أنْ تتكبَّر عليه؛ فهو يقول ” فلان لَوَى عنِّي جانبه “.وهكذا يأمر الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يتواضع مع المؤمنين؛ وأنْ يتوجه إليهم لا باستقامة قالبه، بل أن ينزل هذا القالب قليلاً وكلمة: { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ} [الحجر: 88] مأخوذة من خَفْض جناح الطائر، فالطائر يرفع جناحه عند الطيران، ولكن ما أنْ يلمسَ هذا الطائر فَرْخَه الصغير حتى يَخفِض جناحه له ليضمه إليه.إذن: فالطاقة التي كنتَ تُوجِّهها يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إلى مَنْ لا يستحق؛ عليك أنْ تُوجِّهها لِمَنْ يستحقها، فيكفيك أن تُبلِّغ الناس جميعاً برسالتك؛ ومَنْ يؤمن منهم هو مَنْ يستحق طاقةَ حنانِك ورحمتك.وخَفْض الجناح لِمَنْ آمن برسالتك لا يورثه كِبْراً عليك؛ بل يزيده أدباً معك.وقد جاء في الأثر: ” إذا عَزَّ أخوك فَهُنْه ” أي: أنك إذا رأيتَ أخاك في وضع يعِزّ عليك، فَهُنْ له أنت.ومن قبل الإسلام قال الشاعر العربي:

صَفَحْنَا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ     وقُلْنا القَوْمُ إخْوانُ
عَسَى الأيامُ أنْ يَرْجِعْـ     ـنَ قَوْماً كَالذِي كَانُوا
فَلمَّا صَرَّح الشَّر     فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيَانُ
مَشَيْنَا مِشْيَةَ الليْثِ     غَدا والليْثُ غَضْبَان
بِضَرْبٍ فِيهِ تَوْهِينٌ     وتَخْضِيعٌ وإقرانُ
وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ     غَدَا والزِّق مَلآنُ
وَفِي الشَّرِّ نَجَاة حِيـ     ـينَ لاَ يُنجِيكَ إحسَانُ
وَبعضُ الحلمِ عِنْدَ الجَهـ     ـلِ لِلْذلةِ إذْعَانُ

ونجد القرآن حينما يطبع خلق المؤمن بالله وبالمنهج؛ لا يطبعه بطابع واحد يتعامل به مع كل الناس بل يجعل طَبْعه الخُلقي مطابقاً لموقف الناس منه فيقول:{  أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [المائدة: 54].ويقول أيضاً في وصف المؤمنين:{  أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [الفتح: 29].وهكذا لم يطبع المؤمن على الشدة والعزة، بل جعله يتفاعل مع المواقف؛ فالموقف الذي يحتاج إلى الشدة فهو يشتد فيه؛ والموقف الذي يحتاج إلى لِينٍ فهو يلين فيه.والحكمة الشاعرة تقول:

وَوَضْعُ النَّدى في مَوضْعِ السَّيف بالعلي مضر     كَوَضْـعِ السَّـيْفِ فِي مَوْضـعِ النَّـدَى

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: { وَقُلْ إِنِّيۤ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة 

لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

-إدغام بغنة: أَزْوَاجًا مِنْهُمْ 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

 

تفسير سورة الحجر الاية 87

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 87

وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ

أسباب نزول الاية

قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ} . [87].
قال الحسين بن الفضل: إن سبع قوافل وافت من بُصْرَى وأذْرُعَات ليهود قُرَيْظَة والنَّضِير في يوم واحد، فيها أنواع من البَزِّ وأوعية الطِّيب والجواهر وأمتعة البحر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها فأنفقناها في سبيل الله. فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل. ويدل على صحة هذا قوله تعالى على أثرها: { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ} الآية.

تتحدث الاية عن:

-حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  : (الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني). قال : هذا حديث حسن صحيح

-قوله تعالى { والقرآن العظيم} فيه إضمار تقديره : وهو أن الفاتحة القرآن العظيم لاشتمالها على ما يتعلق بأصول الإسلام.

-اللهم لك الشكر ولك الحمد إنك غفور رحيم

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  : كما آتيناك القرآن العظيم فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه، فلا تغبطهم بما هم فيه، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزناً عليهم في تكذيبهم لك ومخالفتهم دينك، { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} أي ألن لهم جانبك، كقوله: { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} ، وقد اختلف في السبع المثاني ما هي؟ فقال ابن مسعود وابن عباس: هي السبع الطوال، يعنون (البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس) وهو قول ابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير والضحّاك وغيرهم ، وقال سعيد: بين فيهن الفرائض والحدود والقصاص والأحكام، وقال ابن عباس: بيَّن الأمثال والخبر والعبر، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ، وأعطي موسى منهن ثنتين، والقول الثاني : أنها الفاتحة وهي سبع آيات. قال ابن عباس: والبسملة هي الآية السابعة، وقد خصكم اللّه بها، وقال قتادة: ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب وأنهن يثنين في كل ركعة مكتوبة أو تطوع، اختاره ابن جرير، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد أورد البخاري رحمه اللّه ههنا حديثين: أحدهما عن أبي سعيد بن المعلى قال: مرّ بي النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت فأتيته، فقال: (ما منعك أن تأتيني؟) فقلت: كنت أصلي، فقال: (ألم يقل اللّه: { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للّه والرسول إذا دعاكم} ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد)؟ فذهب النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  ليخرج فذكرت فقال: ( { الحمد للّه رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) الثاني عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  : (أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم)، فهذا نص في الفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك لما فيها من هذه الصفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضاً، كما قال تعالى: { اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني} فهو مثاني من وجه ومتشابه من وجه وهو القرآن العظيم أيضاً، كما أنه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأشار إلى مسجده والآية نزلت في مسجد قباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة واللّه أعلم. 

تفسير القرطبى

1-اختلف العلماء في السبع المثاني؛ فقيل : الفاتحة؛ قاله علي بن أبي طالب وأبو هريرة والربيع بن أنس وأبو العالية والحسن وغيرهم، وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  من وجوه ثابتة، من حديث أبي بن كعب وأبي سعيد بن المعلى. وقد تقدم في تفسير الفاتحة. وخرج الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  : (الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني). قال : هذا حديث حسن صحيح. وهذا نص، وقد تقدم في الفاتحة. وقال الشاعر : نشدتكم بمنزل القرآن ** أم الكتاب السبع من مثاني وقال ابن عباس : (هي السبع الطول : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال والتوبة معا؛ إذ ليس بينهما التسمية). روى النسائي حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل { سبعا من المثاني} قال : السبع الطول، وسميت مثاني لأن العبر والأحكام والحدود ثنيت فيها. وأنكر قوم هذا وقالوا : أنزلت هذه الآية بمكة، ولم ينزل من الطول شيء إذ ذاك. وأجيب بأن الله تعالى أنزل القرآن إلى السماء الدنيا ثم أنزل منها نجوما، فما أنزله إلى السماء الدنيا فكأنما أتاه محمدا صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  وإن لم ينزل عليه بعد. وممن قال إنها السبع الطول : عبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد. وقال جرير : جزى الله الفرزدق حين يمسي ** مضيعا للمفصل والمثاني وقيل : (المثاني القرآن كله؛ قال الله تعالى { كتابا متشابها مثاني} [الزمر : 23]). هذا قول الضحاك وطاووس وأبو مالك، وقاله ابن عباس. وقيل له مثاني لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه. وقالت صفية بنت عبدالمطلب ترثي رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  : فقد كان نورا ساطعا يهتدى به ** يخص بتنزيل القران المعظم أي القرآن. وقيل : المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن من الأمر والنهي والتبشير والإنذار وضرب الأمثال وتعديد نعم وأنباء قرون؛ قال زياد بن أبي مريم. والصحيح الأول لأنه نص. وقد قدمنا في الفاتحة أنه ليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من تسمية غيرها بذلك؛ إلا أنه إذا ورد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  وثبت عنه نص في شيء لا يحتمل التأويل كان الوقوف عنده. قوله تعالى { والقرآن العظيم} فيه إضمار تقديره : وهو أن الفاتحة القرآن العظيم لاشتمالها على ما يتعلق بأصول الإسلام. وقد تقدم في الفاتحة. وقيل : الواو مقحمة، التقدير : ولقد آتيناك سبعا من المثاني القرآن العظيم. ومنه قول الشاعر : إلى الملك القرم وابن الهمام ** وليث الكتيبة في المزدحم وقد تقدم عند قوله { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة : 238]  

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وهنا يمتنُّ الحق سبحانه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  بأنه يكفيه أنْ أنزلَ عليه القرآن الكتاب المعجزة المنهج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خَلْفه فالقرآن يضمُّ الكريم كمالاتِ الحق التي لا تنتهي فإذا كان سبحانه قد أعطاك ذلك فهو أيضاً يتحمَّل عنك كُلَّ ما يُؤلِمك والحق سبحانه هو القائل {  وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } [الحجر: 97]ويقول له الحق أيضاً {  قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ } [الأنعام: 33]وأزاح الحق سبحانه عنه هموم اتهامهم له بأنه ساحر أو مجنون وقال له سبحانه{  فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }  [الأنعام: 33] ويكشف له سبحانه إنهم يؤمنون أنك يا سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم صادق، ولكنهم يتظاهرون بتكذيبك ويتمثَّل امتنانُ الحق سبحانه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أنه أنزل عليه السَّبْع المثاني، واتفق العلماء على أن كلمة ” المثاني ” تعني فاتحة الكتاب، فلا يُثنَّى في الصلاة إلا فاتحة الكتاب.

2-ونجده سبحانه يَصِف القرآنَ بالعظيم؛ وهو سبحانه يحكم بعظمة القرآن على ضَوْء مقاييسه المُطْلقة؛ وهي مقاييس العظمة عنده سبحانه.والمثَل الآخر على ذلك وَصفْه سبحانه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم :{  وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4].وهذا حُكْم بالمقاييس العُلْيا للعظمة، وهكذا يصبح كُلّ متاع الدنيا أقلَّ مِمَّا وهبه الحق سبحانه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ، فلا ينظرَنَّ أحدٌ إلى ما أُعطِىَ غيره؛ فقد وهبه سبحانه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم .ونلحظ أن الحق سبحانه قد عطف القرآن على السَّبْع المثاني، وهو عَطْف عام على خَاصٍّ؛ كما قال الحق سبحانه:{  حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } [البقرة: 238].ونفهم من هذا القول أن الصلاة تضمُّ الصلاة الوُسْطى أيضاً وكذلك مثل قول الحق ما جاء على لسان رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم {  رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } [نوح: 28] وهكذا نرى عَطْف عام على خاص وعَطْف خاص على عام أو أنْ نقولَ إن كلمة قرآن  تُطلَق على الكتاب الكريم المُنزَّل على رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  من أول آية في القرآن إلى آخر آية فيه ويُطلق أيضاً على الآية الواحدة من القرآن؛ فقول الحق سبحانه  {مُدْهَآمَّتَانِ } [الرحمن:64].هي آية من القرآن؛ وتُسمَّى أيضاً قرآناً.ونجده سبحانه يقول:{  إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } [الإسراء: 78].ونحن في الفجر لا نقرأ كل القرآن، بل بعضاً منه، ولكن ما نقرؤه يُسمَّى قرآناً، وكذلك يقول الحق سبحانه:{  وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } [الإسراء: 45].وهو لا يقرأ كُلَّ القرآن بل بعضه، إذن: فكلُّ آية من القرآن قرآن.

3-وقد أعطى الحق سبحانه رسوله صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  السَّبْع المثاني والقرآن العظيم، وتلك هي قِمَّة العطايا؛ فلله عطاءاتٌ متعددة؛ عطاءات تشمل الكافر والمؤمن، وتشمل الطائع والعاصي، وعطاءات خاصة بمَنْ آمن به؛ وتلك عطاءات الألوهية لمَنْ سمع كلام ربِّه في ” افعل ” و ” لا تفعل “.وسبحانه يمتد عطاؤه من الخَلْق إلى شَرْبة الماء، إلى وجبة الطعام، وإلى الملابس، وإلى المَسْكن، وكل عطاء له عُمْر، ويسمو العطاء عند الإنسان بسُمو عمر العطاء، فكل عطاء يمتدُّ عمره يكون هو العطاء السعيد.فإذا كان عطاء الربوبية يتعلَّق بمُعْطيات المادة وقوام الحياة؛ فإن عطاءات القرآن تشمل الدنيا والآخرة؛ وإذا كان ما يُنغِّص أيَّ عطاء في الدنيا أن الإنسانَ يُفارقه بالموت، أو أن يذوي هذا العطاء في ذاته؛ فعطاء القرآن لا ينفد في الدنيا والآخرة.ونعلم أن الآخرة لا نهايةَ لها على عكس الدنيا التي لا يطول عمرك فيها بعمرها، بل بالأجل المُحدَّد لك فيها.وإذا كانت عطاءاتُ القرآن تحرس القيم التي تهبُك عطاءات الحياة التي لا تفنَى وهي الحياة الآخرة؛ فهذا هو أَسْمى عطاء، وإياك أن تتطلعَ إلى نعمة موقوتة عند أحد منهم من نِعَم الدنيا الفانية؛ لأن مَنْ أُعطِي القرآن وظنَّ أن غيره قد أُعْطِي خيراً منه؛ فقد حقر ما عَظَّم الله.وما دام الحق سبحانه قد أعطاك هذا العطاء العظيم، فيترتب عليه قوله: { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة 

وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ

-إدغام بغنة: سَبْعًا مِنَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين