تفسير سورة النساء الاية 154

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 154

وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا

ملخص الاية :

سبحانه يُقَدر أنه خلقهم ويُقدر الغريزة البشرية التي قد يكون من الصعب أن تلين لأول داع، فهو يدعوها مرة فلا تستقبل، فيعفو. ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو، ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو. وأخذ الله عليهم العهد الوثيق المؤكد بأن يطيعوه ولكنهم عصوا ونقضوا العهد، وبعد ذلك يقول لنا الخبر لنتعلم أن الله لا يمل حتى تملوا أيها البشر

تتحدث الاية عن:

1-إذن اجتراؤهم في البداية كان في طلب رؤية الله جهرة، ثم العملية الثانية وهي اتخاذهم العجل إلها. ويعالج الله هؤلاء بالأوامر الحسية، لذللك نتق الجبل فوقهم:{  وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } [الأعراف: 171]مثل هؤلاء لا يرضخون إلا بالآيات المادية، لذلك رفع الله فوقهم الجبل، فإما ان يأخذوا ما آتاهم الله بقوة وينفذوا المطلوب منهم، وإما أن ينطبق عليهم الجبل، وهكذا نرى أن كل اقتناعاتهم نتيجة للأمر المادي، فجاءت كل الأمور إليهم من جهة المادة.

2-{ وَقُلْنَا لَهُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً }. أي أن يدخلوا ساجدين، وهذا إخضاع مادي أيضاً. وكان هذا الباب الذي أمرهم سيدنا موسى علية السلام  أن يدخلوه ساجدين هو باب قرية أريحا في الشام.

3-{ وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } وسبحانه قال عنهم:{  إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } [الأعراف: 163] وكلمة ” السبت ” لها اشتقاق لغوي من ” سبت ” و ” يسبت ” أي سكن وهدأ. ويقول الحق سبحانه:{  وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً } [الفرقان: 47]أي جعل النوم سكنا لكم وقطعا لأعمالكم وراحة لأبدانكم. { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي ٱلسَّبْتِ } أي نهاهم الله أن يصطادوا في يوم السبت. ويأتي يوم السبت فتأتيهم الحيتان مغرية تخرج أشرعتها من زعانفها وهي تعوم فوق الماء، أو تظهر على وجه الماء من كل ناحية، وهذا من الابتلاءات. { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } أي أن الأيام التي يكون مسموحاً لهم فيها بالصيد لا تأتي لهم الأسماك، ولذلك يحتالون ويصنعون الحظائر الثابتة من السلك ليدخلها السمك يوم السبت ولا يستطيع الخروج منها.لقد احتالوا على أمر الله. هكذا يبين الحق سبحانه وتعالى مراوغة بني إسرائيل. وفعل الله بهم كل ذلك ولكنهم احتالوا وتمردوا ورّدوه، وحين يهادن الحق القوم الذين يدعوهم إلى الإيمان فسبحانه يُقَدر أنه خلقهم ويُقدر الغريزة البشرية التي قد يكون من الصعب أن تلين لأول داع، فهو يدعوها مرة فلا تستقبل، فيعفو. ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو، ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو. وأخذ الله عليهم العهد الوثيق المؤكد بأن يطيعوه ولكنهم عصوا ونقضوا العهد، وبعد ذلك يقول لنا الخبر لنتعلم أن الله لا يمل حتى تملوا أيها البشر. فسبحانه يقول من بعد ذلك: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة: سُجَّدًا وَقُلْنَا

إظهار:مِيثَاقًا غَلِيظًا

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 153

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 153

يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَٰلِكَ ۚ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَانًا مُبِينًا

سبب نزول الاية:

قوله تعالى: { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً…} الآية. [153].
نزلت في اليهود، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبياً فائتنا بكتاب جملة من السماء، كما أتى به موسى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

ملخص الاية :

-سأل اليهود رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء كما نزلت التوراة على موسى علية السلام مكتوبة وقال ابن جريج: سألوه أن ينزل عليهم صحفاً من اللّه مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان بتصديقه فيما جاءهم به، وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك كما هو مذكور في سورة الإسراء: { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً} الآيات، ولهذا قال تعالى: { فقد سألوا موسى علية السلام أكبر من ذلك، فقالوا: { أرنا اللّه جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم} ، أي بطغيانهم وبغيهم، وعتوهم وعنادهم وهذا مفسر في سورة البقرة حيث يقول تعالى: { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون} ، وقوله تعالى: { ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات} أي من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى عليه السلام في بلاد مصر، وما كان من إهلاك عدوهم فرعون وجميع جنوده في اليم، فما جاوزوه إلا يسيراً حتى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا لموسى علية السلام: { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} . ثم ذكر تعالى قصة اتخاذهم العجل مبسوطة في سورة الأعراف وفي سورة طه بعد ذهاب موسى علية السلام إلى مناجاة اللّه عزَّ وجلَّ، ثم لما رجع وكان ما كان، جعل اللّه توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده فجعل يقتل بعضهم بعضاً، ثم أحياهم اللّه عزَّ وجلَّ

تتحدث الاية عن:

1-هذا خطأ منهم في السؤال، وكان المفروض أن يكون: يسألك أهل الكتاب أن تسأل الله أن ينزل عليهم كتاباً. وقد حاول المشركون في مكة أن يجدوا في القرآن ثغرة فلم يجدوا وهم أمة فصاحة وبلاغة ولسان، واعترفوا بأن القرآن عظيم ولكن الآفة بالنسبة إليهم أنه نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:{  وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]
هم اعترفوا بعظمة القرآن، واعترافهم بعظمة القرآن مع غيظهم من نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم جعلهم مضطربين فكرياً، لقد اعترفوا بعظمة القرآن بعد أن نظروا إليه.. فمرة قالوا: إنه سحر، ومرة قالوا: إنه من تلقين بعض البشر، وقالوا: إنه شعر، وقالوا: إنه من أساطير الأولين. وكل ذلك رهبة أمام عظمة القرآن. ثم أخيرا قالوا: { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }.
ولكن ألم يكن هو القرآن نفسه الذي نزل؟ إذن. فالآفة – عندهم – أنه نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وذلك من الحسد:{  أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [النساء: 54]لأن قولهم لا يتسم أبداً بالموضوعية، بل كل كلامهم بُعْدٌ عن الحق وتخبط. لقد قالوا مرة عن القرآن: إنه سحر، وعندما سألهم الناس: لماذا لم يسحركم القرآن إذن؟ فليس للمسحور إرادة مع الساحر. ولم يجدوا إجابة. وقالوا مرة عن القرآن: إنه شعر، فتعجب منهم القوم لأنهم أمة الشعر، وقد سبق لهم أن علقوا المعلقات على جدار الكعبة، لكنه كلام التخبط.إذن فالمسألة كلها تنحصر في رفضهم الإيمان، فإذا أمسكتهم الحجة من تلابيبهم في شيء، انتقلوا إلى شيء آخر.

2-ويوضح سبحانه: إن كانوا يطلبون كتاباً فالكتاب قد نزل، تماماً كما نزل كتاب من قبل على سيدنا موسى علية السلام. وماداموا قد صدقوا نزول الكتاب على سيدنا موسى علية السلام، فلماذا لا يصدقون نزول الكتاب على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم؟ ولا بد أن هناك معنى خاصاً وراء قوله الحق: { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ }. ونعلم أن الكتاب نزل على سيدنا موسى علية السلام مكتوباً جملة واحدة، وهم كأهل كتاب يطلبون نزول القرآن بالطريقة نفسها، وعندما ندقق في الآية نجدهم يسألون أن ينزل عليهم الكتاب من السماء؛ وكأنهم يريدون أن يعزلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم وأن يكون الكلام مباشرة من الله لهم؛ لذلك يقول الحق في موقع آخر:{  أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ } [الزخرف: 32]الحق – إذن – قسم الأمور في الحياة الدنيا، فكيف يتدخلون في مسألة الوحي وهو من رحمة الله: { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ }.

3-وهم قد نسبوا التنزيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم ما قال إني نزَّلْت، بل قال: ” أنزل علي “.ويقال في رواية من الروايات أن كعب بن الأشرف والجماعة الذين كانوا حوله أرادوا أن ينزل الوحي على كل واحد منهم بكتاب، فيقول الوحي لكعب: ” يا كعب آمن بمحمد “.ويًنَزَّلُ إلى كل واحد كتاباً بهذا الشكل الخصوصي. أو أن ينزل الله لهم كتاباً مخصوصاً مع القرآن. وكيف يطلبون ذلك وعندهم التوراة، ويوضح الله تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم: لا تستكثر منهم يا محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم أن يسألوك كتاباً ينزل عليهم لأنهم سألوا سيدنا موسى علية السلام أكبر من ذلك، وطلبهم تنزيل الكتاب، هو طلب لفعل من الله، وقد سبق لهم الغلو أكثر من ذلك عندما قالوا لموسى: { أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً }. وهم بمثل هذا القول تعدوا من فعل الله إلى ذات الحق سبحانه وتعالى، لذلك لا تستكثر عليهم مسألة طلبهم لنزول كتاب إليهم، فقد سألوا سيدنا موسى علية السلام وهو رسولهم رؤية الله جهرة

4-{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ فَقَالُوۤاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ }.ولحظة أن ترى كلمة ” الصاعقة ” تفهم أنها شيء يأتي من أعلى، يبدأ بصوت مزعج. وقلنا من قبل أثناء خواطرنا حول آية في سورة البقرة:{  يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِم مِّنَ ٱلصَّوَاعِقِ } [البقرة: 19]أي أنهم يضعون أصابعهم في آذانهم من الصواعق، وهذا دليل على أن صوت الصاعقة مزعج قد يخرق طبلة الأذن، ودليل على أن ازعاج الصاعقة فوق طاقة الانسداد بأصبع واحدة؛ لأن الإنسان ساعة يسد أذنيه يسدها بطرف الأصبع لا بكل الأصابع. وبلغ من شدة ازعاج الصوت أنهم كلما وضعوا أناملهم في آذانهم لم يمتنع الصوت المزعج.إذن فالصاعفة صوت مزعج يأتي من أعلى، وبعد ذلك ينزل قضاء الله إما بأمر مهلك وإمّا بنار تحرق وإما بريح تدمر { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ } والظلم هو أن تجعل حقاً لغير صاحبه؛ ولا تجعل حقاً لغير صاحبه إلا أن تكون قد أخذت حقاً من صاحبه. وسؤالهم هذا لون من الظلم؛ لأن الإدراك للأشياء هو إحاطة المُدْرِك بالمُدْرَك.وحين تدرك شيئاً بعينك فمعنى ذلك أن عينك أحاطت بالشيء المدَرَك وحيَّزته بالتفصيل، وكذلك اللمس لمعرفة النعومة أو الخشونة، وكذلك الذوق ليحس الإنسان الطعم. إذن فمعنى الإدراك بوسيلة من الوسائل أن تحيط بالشيء المُدْرَك إحاطة شاملة جامعة.فإذا كانوا قد طلبوا أن يروا الله جهرة، فمعنى ذلك أنهم طلبوا أن تكون آلة الإدراك وهي العين محيطة بالله. وحين يحيط المُدْرِك بالمُدْرَك، يقال قدر عليه. وهل ينقلب القادر الأعلى مقدوراً عليه؟ حاشا لله. وذلك مطلق الظلم ونهايته، فمن الجائز أن يرى الإنسان إنساناً، ولكن لا يستقيم أبدا ولا يصح أن ينقل الإنسان هذه المسألة إلى الله، لماذا؟ لأنه سبحانه القائل:{  لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَارَ } [الأنعام: 103]ومادام الله إلها قادراً فلن ينقلب إلى مقدور.ونحن إن أعطينا لواحد مسألة ليحلها، فهذا معناه أن فكرة قد قدر عليها. وأما إذا أعطيناه مسألة ولم يقدر على حلها ففكره لم يقدر عليها. إذن فكل شيء يقع تحت دائرة الإدراك، يقول لنا: إن الآلة المدرِكة قد قدرت عليه.والحق سبحانه وتعالى قادر أعلى لا ينقلب مقدوراً لما خلق. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ }. وكان يكفي بعد أن أخذتهم الصاعقة أن يتأدبوا ولا يجترئوا على الله، ولكنهم اتخذوا العجل من بعد أن جاوز الحق بهم البحر وعَبره بهم تيسيرا عليهم وتأييداً لهم وأراهم معجزة حقيقية، بعد أن قالوا:{  إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [الشعراء: 61]
فقد كان البحر أمامهم وفرعون من خلفهم ولا مفر من هلاكهم؛ لأن المنطق الطبيعي أن يدركهم فرعون، وآتى الله سيدنا موسى علية السلام إلهامات الوحي، فقال:{  قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }

[الشعراء: 62]لقد لجأ سيدنا موسى علية السلام إلى القانون الأعلى، قانون الله، فأمره الله أن يضرب بعصاه البحر، ويتفرق البحر وتصير كل فرقة كالطود والجبل العظيم، وبعد أن ساروا في البحر، وأغرق فرعون أمامهم، وأنجاهم سبحانه، لكنهم من بعد ذلك كله يتخذون العجل إلهاً!!هكذا قابلوا جميل الله بالنكران والكفران. { ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَىٰ سُلْطَاناً مُّبِيناً } والسلطان المبين الذي آتاه الله لموسى عليه السلام هو التسلط والاستيلاء الظاهر عليهم حين أمرهم بأن يقتلوا أنفسهم، وجاءوا بالسيوف لأن الله قد أعطى سيدنا موسى قوة فلا يخرج أحد عن أمره، والقوة سلطان قاهر.ومن بعد ذلك يقول الحق: { وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ ٱلطُّورَ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة:أَنْ تُنَزِّلَ- كِتَابًا مِنَ-سُلْطَانًا مُبِينًا 

-مد متصل: السَّمَاءِ- جَاءَتْهُمُ

-مد منفصل:فَقَالُوا أَرِنَا

-إقلاب:مِنْ بَعْدِ

إخفاء:جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 152

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 152

وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

ملخص الاية :

-قوله: { والذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم} يعني بذلك أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم، فإنهم يؤمنون بكل كتاب أنزله اللّه بكل نبيّ بعثه الله، كما قال تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله} الآية، ثم أخبر تعالى بأنه قد أعد لهم الجزاء الجزيل والثواب الجليل والعطاء الجميل، فقال: { أولئك سوف يؤتيهم أجورهم} على ما آمنوا باللّه ورسله، { وكان اللّه غفوراً رحيماً} أي لذنوبهم، أي إن كان لبعضهم ذنوب.  

تتحدث الاية عن:

1-ويؤكد الحق هنا على أمر واضح: هو: { وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } وكلمة ” أحد ” في اللغة تطلق مرة ويراد بها المفرد، ومرة يراد بها المفردة، ومرة يراد بها المثنى مذكراً أو المثنى مؤنثاً أو جمع الإناث وجمع التذكير. وهكذا تكون ” أحد ” في هذه الآية تشمل كل الرسل، بدليل قول الحق سبحانه وتعالى:
{  يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } [الأحزاب: 32]فكلمة أحد يستوي فيها المذكر والمؤنث والمثنى والمفرد والجمع. وكما قال الحق عن الذين يكفرون بالله ورسله أو يفرقون بين الرسل: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }.

2-يقول الحق في هذه الآية عن الذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم: { أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } فكل مقابل قد جاء معه حُكْمُه. ومن بعد ذلك يقول الحق: { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة: أَحَدٍ مِنْهُمْ

-مد متصل: أُولَٰئِكَ

-إدغام كامل:غَفُورًا رَحِيمًا

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

صيام الايام البيض من كل شهر

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

أذكركم اخواتى واخوانى ان اليوم 11 رجب الاثنين أسال الله تعالى ان تكون الناس صائمة لوجة الله تعالى

وبعد غد يوم الاربعاء تبدأ الايام البيض 13 و14 و15 حتى يوم الجمعة بأذن الله تعالى  لا تضيعوهم واجعلوهم صيام تقربا لله عز وجل- أمين أمين أمين يارب العالمين

وفى الاحاديث:

-حديث ابي مجيبة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: “صم من الحُـرُم واترك، صم من الحرم واترك” والحديث رواه أحمد وأبو داود،

-حديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه النسائي وأحمد.

-حديث أبو ذر الغفاري قال: (أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ نصومَ منَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيامٍ البِيضِ: ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسةَ عشَر، وفي روايةٍ عنه، قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا صُمتَ منَ الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ، فصُمْ ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسَةَ عشَرَ)،

-حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (…وإن من حَسبِك أن تصومَ من كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، فإنّ بكلِّ حسنةٍ عشْرُ أمثالِها، فذلك الدهرُ كلُّه، قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، فقلتُ: فإني أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: (فصُمْ من كلِّ جمُعةٍ ثلاثةَ أيامٍ). قال: فشدَّدْتُ فشُدِّدَ عليَّ، قلتُ: أُطيقُ غيرَ ذلك، قال: (فصُمْ صومَ نبيِّ اللهِ داودَ) قلتُ: وما صومُ نبيِّ اللهِ داودَ؟ قال: (نصفُ الدهرِ)،[٦] فإن هذا الحديث يثبت فضل صيام الأيام البيض العظيم؛ فإن من يصم هذه الثلاثة أيام يتضاعف أجره، والحسنة بعشرة أمثالها، فإذا صام المسلم من كل شهر ثلاثة أيام، فكأنّه صام شهراً كاملاً، وبذلك يكون كأنه صام الدهر كله.

-ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه وصَّى المسلم بأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تحديد لهذه الأيام، ولكن يُستحب من المسلم أن يكون صيامه أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، قال قدامة بن ملحان رضي الله عنه: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه وصَّى المسلم بأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر)

اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا شهر رمضان أمين أمين أمين يارب العالمين
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعفو عنا أمين أمين أمين يارب العالمين

رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْـزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

اللهم أنى أستودعك أن اكون من ال بيت النبى صلى الله علية وسلم  أمين أمين أمين يا رب العالميين

لا تنسوا أخواتى وأخوانى قيام الليــل ولو بركعات بسيطة وكثرة التسبيح والذكر وقول لا إلة إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالميين ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم وكثرة الاستغفار

أستودعكم الدعاء لى بأن يرزقنى  الله عز وجل صحبـــــة صالحــــــة فى الدنيا والاخرة تدلنى علية وجميع المسلميين أمين أمين أمين

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية

تصــدقوا وتعــــاملوا مع بعضكم بالحسنــى واكثروا من الاستغفار يرحمكم الله عز وجل

اللهم اجعلنا ممن تحبهم ومن الذين تتول امرهم فى الدنيا والاخرة اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا اليك يا ارحم الراحميين

اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنيين والمؤمنات والمسلميين والمسلمات  الاحياء منهم والاموات امين امين امين يا رب العالميين

اللهم نستودعك الحج  والعمرة دائما ابدا امين امين امين يا رب العالميين

اللهم أنى أستودعك أن اكون من ال بيت النبى صلى الله علية وسلم  أمين أمين أمين يا رب العالميين

اللهم استودعك أن أعيش وأموت فى المدينة المنورة ويصلى على عدد لا يحصى من الملائكة  وعدد لا يحصى من  جنودك وعدد لا يحصى من المؤمنات وعدد لا يحصى من المؤمنين و عدد لا يحصى من المسلمات و عدد لا يحصى من المسلمين وادفن فى المدينة المنورة عند الرسول علية الصلاة والسلام امين امين امين

 رَ‌بِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّ‌يَّتِي ۚ رَ‌بَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ  رَ‌بَّنَا اغْفِرْ‌ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

اللهم اهدينا في من هديت وتولنا في من توليت

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير سورة النساء الاية 151

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 151

أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا

ملخص الاية :

{ أولئك هم الكافرون حقاً} أي كفرهم محقق لا محالة بمن ادعوا الإيمان به لأنه ليس شرعياً، إذ لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول اللّه لآمنوا بنظيره، وبمن هو أوضح دليلاً وأقوى برهاناً منه، أو نظروا حق النظر في نبوته. وقوله تعالى: { وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} أي كما استهانوا بمن كفروا به إما لعدم نظرهم فيما جاءهم به من اللّه وإعراضهم عنه وإقبالهم على جمع حطام الدنيا مما لا ضرورة إليه، وإما بكفرهم به بعد علمهم بنبوته كما كان يفعله كثير من أحبار اليهود في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حيث حسدوه على ما آتاه اللّه من النبوة العظيمة، وخالفوه وكذبوه وعادوه وقاتلوه، فسلط اللّه عليهم الذل الدنيوي الموصول بالذل الأخروي، { ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من اللّه} في الدنيا والآخرة

تتحدث الاية عن:

1-و ” الكافرون حقاً ” مقصود بها أن حقيقة الكفر موجودة فيهم؛ لأننا قد نجد من يقول: وهل هناك كافر حق، وكافر غير ذلك؟ نعم. فالذي لا يؤمن بكل رسالات السماء قد يملك بعضاً من العذر، لأنه لم يجد الرسول الذي يبلغه. أما الذي جاءه رسول وله صلة إيمانية به؛ وهذه الصلة الإيمانية لحمته بالسماء بوساطة الوحي، فإن كفر هذا الإنسان فكفره فظيع مؤكد. { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً }.ونلحظ أن الحق ساعة يتكلم عن الكافرين لا يعزلهم عن الحكم والجزاء الذي ينتظرهم، بل يوجد الحكم معهم في النص الواحد. ولا يحيل الحق الحكم إلى آية أخرى: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } وقد جاء هنا بالجزاء على الكفر ملتصقاً بالكفر، فسبحانه قد جهز بالفعل العذاب المهين وأعَدّه للكافرين ولم يؤجل أمرهم أو يسوفه. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” إن الجنَّة عرضت عليّ ولو شئت أن آتيكم بقطاف منها لفعلت ” لقد أعد الحق الجنة والنار فعلاً وعرضها على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، ولو شاء الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يأتي المؤمنين بقطاف من ثمار الجنة لفعل. فإياكم أن تعتقدوا أن الله سيظل إلى أن تقوم الساعة، ثم يرى كم واحداً قد كفر فيعد لهم عذاباً على حسب عددهم، ـو كم واحداً قد آمن فيعد لهم جنة ونعيماً على قدر عددهم، بل أعد الحق الجنة على أن كل الناس مؤمنون ولهم مكان في الجنة، وأعد النار على أن كل الناس كافرون ولهم أماكن في النار. فيأتي المؤمن للآخرة ويأخذ المكان المعد له، ويأخذ أيضاً بعضاً من الأماكن في الجنة التي سبق إعدادها لمن كفر. مصداقاً لقوله الحق:{  أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ * ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [المؤمنون: 10-11]فسبحانه لم ينتظر ولم يؤجل المسألة إلى حد عمل الإحصائية ليسأل من الذي آمن ومن الذي كفر، ليعد لكل جماعة حسب تعدادها ناراً أو جنة، بل عامل خلقه على أساس أن كل الذي يأتي إليه من البشر قد يكون مؤمناً، لذلك أعد لكل منهم مكاناً في الجنة، أو أن يكون كافراً، فأعد لكل منهم مكاناً في النار. ونجد السؤال في الآخرة للنار:{  يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } [ق: 30]فالنار تطلب المزيد للأماكن التي كانت معدة لمن لم يدخلها أنه آمن بالله. ويرث الذين آمنوا الأماكن التي كانت معدة لمن لم يدخل الجنة لأنه كفر بالله وبرسله وفرق بين الله ورسله وقال نؤمن ببعض ونكفر ببعض. ويأتي من بعد ذلك المقابل للذين كفروا بالله ورسله وهم المؤمنون، هذا هو المقابل المنطقي.والمجيء بالمقابلات أدعى لرسوخها في الذهن. مثال ذلك عندما ينظر مدير المدرسة إلى شابين، كل منهما في الثانوية العامة، فيقول: فلان قد نجح لأنه اجتهد، والثاني قد خاب وفشل. هذه المفارقة تحدث لدى السامع لها المقارنة بين سلوك الاثنين.وهاهو ذا الحق يأتي بالمقابل للكافرين بالله ورسله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة: حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا -عَذَابًا مُهِينًا 

-مد متصل: أُولَٰئِكَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 150

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 150

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا

ملخص الاية :

” ما العبادة “؟ الإجابة هي: العبادة طاعة عابد لمعبود

-يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى، حيث فرقوا بين اللّه ورسله في الإيمان فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض، بمجرد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم، لا عن دليل قادهم إلى ذلك، فإنه لا سبيل لهم إلى ذلك، بل بمجرد الهوى والعصبية، فاليهود عليهم لعائن اللّه آمنوا بالأنبياء إلا عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، والنصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم وأشرفهم محمد صلى اللّه عليه وسلم، والمقصود أن من كفر بنبيّ من الأنبياء فقد كفر بسائر الأنبياء، فإن الإيمان واجب بكل نبي بعثه اللّه إلى أهل الأرض، فمن رد نبوته للحسد أو العصبية أو التشهي تبيّن أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيماناً شرعياً، إنما هو عن غرض وهوى وعصبيه، ولهذا قال تعالى: { إن الذين يكفرون باللّه ورسله} فوسمهم بأنهم كفار باللّه ورسله { ويريدون أن يفرقوا بين اللّه ورسله} أي في الإيمان، { ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا} أي طريقاً ومسلكاً

تتحدث الاية عن:

1-وسبحانه يريد أن يجعل من قضية الإيمان قضية كلية واحدة لا أبعاض فيها، فليس إعلان الإيمان بالله وحده كافياً لأن يكون الإنسان مؤمناً؛ لأن مقتضى أن تؤمن بالله يحتاج إلى رسول يعرفك أن الخالق هو الذي سخر لك قوى الكون واسمه الله. وأنت لا تهتدي إلى معرفة اسم القوة الخالقة لك إلا بوساطة رسول منزل من عند الله.ونعرف أن عمل العقل في الاستنباط العقدي عاجز عن معرفة اسم خالق الكون؛ لأن الإنسان قد طرأ على كون منظم، وكان من الواجب عليه أن يلتفت لفتة ليعلم القوة التي سبقت هذا الوجود وخلقته وأن الإنسان قد طرأ على وجود متكامل. وقد يسمع الإنسان من أبيه – مثلاً – أن هذا البيت بناه الأب أو الجد، وذلك الشيء فعله فلان ابن فلان. لكن لم يسمع أحداً يقول له: ” ومن بنى السماء؟ ” ولم يسمع أحداً يقول: ” ومن خلق الشمس؟ ” ، مع أن الناس تدعي ما ليس لها، فكيف يُترك أعظم ما في كون الله بدون أن نعرف من أوجده؟.إننا نجد الناس تؤرخ للشيء التافه أو المهم نسبياً في حياتهم، نجد دراسات عن تاريخ أحجار، ودراسات عن تاريخ صناعة الأشياء؛ تاريخ المصباح الكهربي الذي اخترعه اديسون وقام بتوليد الكهرباء من مصادر ضئيلة ويسيره، باختصار، نجد أن كل شيء في هذا الوجود له تاريخ، وهذا التاريخ يرجع بالشيء إلى أصل وجوده. وأنت إن نسبت أي صنعة مهما كانت مهمة أو تافهة نكتشف أن واحداً تلقاها عن واحد، ولم يبتكرها هو دفعة واحدة.إن كل مبتكر أخذ ما انتهى إليه سابقه وبدأ عملاً جديداً إلى أن وصلت المخترعات بميلادها، ومن يصدق أن مصباحاً يُضيء وينطفئ ويحترق يضنعه إنسان ونعرف له تاريخاً، وبعد ذلك ننظر إلى الشمس التي لم تخفت ولم تضعف ولم تنطفئ ولم تحترق، والمصباح ينير حيزاً قليلا يسيراً، والشمس تنير كوناً ووجوداً، ألا تحتاج الشمس إلى من يفكر في تاريخها؟لقد سبق لنا أن قلنا: إن الإنسان حينما ينظر إلى الكون نظرة بعيدة عن فكرة الدين وبعيداً عن بلاغ الرسل عن الخالق وكيفية الخلق ومنهج الهداية، فهو يقول لنفسه: تختلف مقادير الناس باختلاف مراكزها وقوتها فيما يفعلون، هناك من يجلس على كرسي من شجر الجميز. وآخر على كرسي مصنوع من شجر الورد، وثالث يجلس على حصيرة.إن الإنسان يعيش بصناعات غيره من البشر حسب قدره ومكانته؛ فالريفي أو البدوي يشعل النار بصك حديدة بحجر الصوان ويحتفظ بالنار لمدة يستخدمها لأكثر من مرة، وعندما يرتقي في استخدام النار يستخدم ” مسرجة ” ، ولمَّا ازداد تحضرا استخدم ” مصباح جاز ” بزجاج ولها أرقام تدل على قدرتها على الإضاءة.فهناك مصباح رقم خمسة، ورقمها دليل على قوتها الخافتة، وتتضاعف قوة ” المصباح ” من بعد ذلك حسب المساحة المطلوب إنارتها. ولمّا ارتقى الإنسان أكثر استخدم ” الكلوب “. ولمّا ارتقى أكثر استخدم الكهرباء أو النيون أو الطاقة الشمسية، فإذا ما أشرقت الشمس فكل إنسان يطفئ الضوء الذي يستخدمه، فنورها يغني عن أي نور. وفي الليل يحاول الإنسان أن تكون حالة الكهرباء في منزله جيدة خشية أن ينقطع سلك ما فيظلم المكان. فما بالنا بالشمس التي لا يحدث لها مثل ذلك.إننا نجد الإنسان على مر التاريخ يحاول أن يرقى إلى فهم طلاقة قدرة الحق، وإن لم يأت رسول، أما أسماء القدرة الخالقة فلا يعرفها أحد بالعقل بل بوساطة الرسل. فاسم ” الله ” اسم توقيفي. فكيف يتأتى – إذن – مثل قول هؤلاء: سنؤمن بالله ونكفر برسله؟ كيف عرفوا – إذن – أن القوة التي سيؤمنون بها اسمها الله؟ لا بد أنهم قد عرفوا ذلك من خلال رسول؛ لأن الإيمان بالله إنما يأتي بعد بلاغ عن الله لرسول ليقول اسمه لمن يؤمن به.

2-وهل الإيمان بالله كقوة خفية قوية مبهمة وعظيمة يكفي؟ أو أن الإنسان لا بد له أن يفكر فيما تطلبه منه هذه القوة؟ وإذا كانت هذه القوة تطلب من الإنسان أن يسير على منهج معين، فمن الذي يبلغ هذا المنهج؟لا بد إذن من الرسول يبلغنا اسم القوة الخالقة ومطلوبها من الإنسان للسير على المنهج، ويشرح لنا كيفية طاعة هذه القوة. فلا أحد – إذن – يستطيع أن يفصل الإيمان بالله عن الرسول، وإلا كان إيماناً بقوة مبهمة. ولا يجترئ صاحب هذا اللون من الإيمان أن يقول: إن اسم هذه القوة ” الله “؛ لأن هذا الاسم يحتاج إلى بلاغ من رسول.إذن فعندما يسمع أحدنا إنساناً يقول: أنا أؤمن بالله ولكن لا أؤمن بالرسل: علينا أن نقول له: هذا أول الزلل العقلي؛ لأن الإيمان بالله يقتضي الإيمان ببلاغ جاء به رسول؛ لأن الإيمان بالله لا ينفصل عن الإيمان بالرسول.والحق سبحانه وتعالى خلق آدم بعد أن خلق الكون وبقية المخلوقات، ولا نجد من يدعي أن آدم هو أول من عمر هذا الوجود.

وما آدم في منطق العقل واحد ولكنه عند القياس أوادم

ومن الممكن أن نقول: إن هناك خلقاً كثيراً قد سبقوا آدم في الوجود، ولكن آدم هو أول الجنس البشري. وعندما خلقه الله علمه الأسماء كلها حتى يستطيع أن يسير في الوجود، فلو لم يكن قد تعلم الأسماء لما استطاع أن يتحدث مع ولد من أولاده، ولما استطاع – على سبيل المثال – أن يقول لابن من أبنائه: انظر أاشرقت الشمس أم لا؟إذن كان لا بد لآدم من معرفة الأسماء كلها من خلال معلم؛ لأن اللغة بنت المحاكاة؛ لأن أحداً لا يستطيع أن يتكلم كلمة إلا بعد أن يكون قد سمعها.والواحد منا سمع من أبيه، والآباء سمعوا من الأجداد، وتتوالى المسألة إلى أن تصل إلى آدم، فممن سمع آدم حتى يتكلم أول كلمة؟ لا بد أنه الله، وهذه مسألة يجب أن يعترف بها كل إنسان عاقل. إذن قول الحق في قرآنه:{  وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } [البقرة: 31]هو كلام منطقي بالإحصاء الاستقرائي، وهو قول يتميز بمنتهى الصدق.والإنسان منا عندما يعلم ابنه الكلام يعلمه الأسماء. أما الأفعال فلا أحد يعرف كيف تعلمها. الإنسان يقول لابنه: هذا كوب، وهذه منضدة، وذلك طبق، وهذا طعام، لكن لا أحد يقول لابنه: ” شرب ” معناها كذا، و ” أكل ” معناها كذا. إذن فالخميرة الأولى للكلام هي الأسماء، وبعد ذلك تأتي المزاولات والممارسات ليتعلم الإنسان الأفعال.لقد ترك الحق لنا في كونه أدلة عظيمة تناسب عظمته كخالق لهذا الكون. والرسول هو الذي يأتي بالبلاغ عنه سبحانه، فيقول لنا اسم القوة: ” الله ” ، وصفاتها هي ” كذا ” ، ومن يطعها يدخل الجنة، ومن يعصها يدخل النار، ولو لم يوجد رسول نظل تائهين ولا نعرف اسم القوة الخالقة ولا نعرف مطلوبها، وهذا ما يرد به على الجماعة التي تعبد الشمس أو تعبد القمر أو النجوم ونقول لهم: هل أنتم تعبدون الشمس؟ لعلكم فعلتم ذلك لأنها أكبر قوة في نظركم.لكن هناك سؤال هو: ” ما العبادة “؟ الإجابة هي: العبادة طاعة عابد لمعبود، فماذا طلبت منكم الشمس أن تفعلوه وماذا نهتكم ومنعتكم الشمس ألا تفعلوه؟ ويعترف عبدة الشمس: لم تطلب الشمس منا شيئا. وعلى ذلك فعبادتهم للشمس لا أساس لها؛ لأنها لم تحدد منهجا لعبادتها، ولا تستطيع أن تعد شيئا لمن عبدها، فإله بلا منهج لا قيمة له. وهكذا نرى أن عبادة أي قوة غير الله هي عبادة تحمل تكذيبها، والإيمان بالله لا ينفصل أبداً عن الإيمان بالقوة المبلغة عن الله إنها الرسل.ويشرح الرسول لنا كيف يتصل بهذه القوة الإلهية، وتشرح القوة الألهية لنا كيفية اتصاله بالرسول البشري بوساطة خلق آخر خلقته هذه القوة المطلقة؛ لأن الرسول من البشر، والبشر لا يستطيع أن يتلقى عن القوة الفاعلة الكبرى. ونحن نفعل مثل هذه الأشياء في صناعتنا. ونعلم أن الإنسان عندما يريد أن ينام لا يرغب في وجود ضوء في أثناء نومه، فيتخذ الليل سكنا ويتمتع بالظلمة، لكن إن استيقظ في الليل فهو يخاف أن يسير في منزله بدون ضوء حتى لا يصطدم بشيء، لذلك يوقد مصباحاً صغيراً في قوة الشمعة الصغيرة ليعطي نفسه الضوء، ونسميها ” الوناسة “.ولا نستطيع توصيل هذا المصباح الصغير بالكهرباء مباشرة، وإنما نقوم بتركيب محول صغير يأخذ من القوة الكهربية العالية ويعطى للمصباح الصغير، فما بالنا بقوة القوى؟

3-إن الله جعل خلقاً آخر هم الملائكة ليكونوا واسطة بينه وبين رسله. وهؤلاء الرسل أعدهم سبحانه إعداداً خاصاً لتلقي هذه المهمة. إذن فالذين يريدون أن يؤمنوا بالله ثم يكفروا برسله نقول لهم: لا، هذا إيمان ناقص. ووضع الحق سبحانه وتعالى الإيمان بالرسل كلهم في صيغة جمع حتى لا تفهم كل أمة أن رسولها فقط هو الرسول المنزل من عند الله، بل لا بد أن تؤمن كل أمة بالرسل كلهم؛ لأن كل رسول إنما جاء على ميعاده من متطلبات المجتمع الذي يعاصره، وكلهم جاءوا بعقائد واحدة، فلم يأت رسول بعقيدة مخالفة لعقيدة الرسول الآخر؛ وإن اختلفوا في الوسائل والمسائل التي تترتب عليها الارتقاءات الحياتية. وقد خلق الحق أولاً سيدنا آدم وخلق منه زوجته حواء، اثنين فقط ثم قال سبحانه:{  وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } [النساء: 1]كان الاثنان يعيشان معاً وأنجبا عدداً من الأبناء، وتناسل الأبناء فصار مطلوباً لكل أسرة من الأبناء بيتاً، وكل بيت فيه أسرة يحتاج إلى رقعة من الأرض ليستخرج منها أفراد الأسرة خيرات تكفي الطعام. وكل فرد يحتاج على الأقل إلى نصف فدان ليستخرج منه حاجته للطعام. وكلما كثر النسل اتسعت رقعة الوجود بالمواصلات البدائية، فهذا إنسان ضاقت به منطقته فرحل إلى منطقة أخرى فيها مطر أكثر ليستفيد منه أو خير أكثر يستخرجه. وتنتشر الجماعات وتنعزل. وصارت لكل جماعة عادات وتقاليد وأمراض ومعايب غير موجودة في الجماعة الأخرى. ولذلك ينزل الحق سبحانه وتعالى رسولاً إلى كل جماعة ليعالج الداءات في كل بيئة على حدة. وسخر الحق سبحانه وتعالى بعض العقول لاكتشافات الكون، وبعد ذلك يصبح الكون قطعة واحدة، فالحدث يحدث في أمريكا لنراه في اللحظة نفسها في مصر. وزادت الارتقاءات. ولذلك كادت العادات السيئة تكون واحدة في المجتمع الإنساني كله، فتظهر السيئة في أمريكا أو ألمانيا لنجدها في مجتمعنا. إذن فالارتقاءات الطموحية جعلت العالم وحدة واحدة: آفاته واحدة، وعاداته واحدة. وعندما يأتي الرسول الواحد يشملهم كلهم.ولذلك كان لا بد أن يأتي الرسول الخاتم الجامع صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم؛ لأن العالم لم يعد منعزلاً، ليخاطب الجمع كله، وهو خير الرسل، وأمته خير الأمم إن اتبعت تعاليمه. ومن ضرورة إيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم والذين معه أن يؤمنوا بمن سبق من الرسل. والذين يحاولون أن يفرقوا بين الرسل هم قوم لا يفقهون،. فاليهود آمنوا بموسى عليه السلام وأرهقوه وكفروا بعيسى. وعندما جاء عيسى عليه السلام آمن به بعض، وعندما جاء محمد صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم آمن به بعض وكفر به بعض.ولذلك سمى الحق كفرهم بالنبي الخاتم: (ثم ازدادوا كفراً). أي أنه كفر في القمة، فلن يأتي نبي من بعد ذلك. واكتمل به صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم موكب الرسالات.

4-إذن فالمراد من الآية أن الإيمان فيه إيمان قمة، تؤمن بقوة لكنك لا تعرف اسم هذه القوة ولا مطلوبات هذه القوة ولا ما ا’دته القوة من ثواب للمطيع ولا من عقاب للعاصي. ولذلك كان ولا بد أن يوجد رسول؛ لأن العقل يقود إلى ضرورة الإيمان بالله والرسل. وجاء الرسل في موكب واحد لتصفية العقيدة الإيمانية للإله واحد، فلا يقولن واحد: لقد آمنت بهذا الرسول وكفرت ببقية الرسل. والآية التي نحن بصددها الآن تتعرض لذلك فتقول:{  إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [النساء: 150]ونحن نعلم أن ” كفر ” معناها ” ستر “. والستر – كما نعلم – يقتضي شيئا تستره، والشيء الذي يتم ستره موجود قبل الستر لا بعد الستر. والذي يكفر بوجود الله هو من يستر وجود الله؛ فكأن وجود الله قد سبق الكفر به. إذن فكلمة الكفر بالله دليل على وجود الله. ونقول للكافر: ماذا سترت بكفرك؟ وستكون إجابته هي: ” الله “. أي أنه آمن بالله أولاً.{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } هم الحمقى؛ لأن هذا أمر غير ممكن، وكل رسول إنما جاء ليصل المرسل إليهم بمن أرسله. ولذلك نجد قوله الحق:{  وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ } [التوبة: 74] إنه حدث واحد من الله ورسوله. لذلك نجد أن الحمقى هم من يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله: { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } لهؤلاء نقول: إن الإيمان قضية كلية، فموكب الرسالة من الحق سبحانه وتعالى يتضمن عقائد واحدة ثابتة لا تتغير. والحق يقول:
{  إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ } [النساء: 163]وهذا يؤكد أن قضايا العقائد إنما جاءت من نبع واحد لعقيدة واحدة. فماذا – إذن – يريدون بمسألة الإيمان ببعض الرسل والكفر بالبعض الآخر؟ يريدون السلطة الزمنية. وكان القائمون على أمر الدين قديماً هم الذين يتصرفون في كل أمر، في القضاء وفي الهندسة وفي كل شيء، لذلك وثق فيهم الناس على أساس أنهم المبلغون عن الله الذين ورثوا النبوات وعرفوا العلم عن الله. ونجد العلوم الارتقائية في الحضارات القديمة كحضارة قدماء المصريين كالتحنيط وغيرها تلك التي مازالت إلى الآن لغزاً، إنما قام بأمرها الكهنة، وهم – كما نعلم – المنسوبون إلى الدين. كأن الأصل في كل معلومات الأرض هي من هبة السماء.لماذا إذن أخرج البشر وسنُّوا قوانين من وضعهم؟ لقد فعل البشر ذلك لأن السلطة الزمنية استولى عليها رجال الدين.ما معنى كلمة ” سلطة زمنية “. كان الناس يلجأون إلى رجل الدين في كل أمورهم، ويفاجأ رجل الدين بأنه المقصود من كل البشر، ويغمره الناس بأفضالهم ويعطونه مثل القرابين التي كانت تعطى للآلهة، فيعيش في وضع مرفَّه هو وأهله ويزداد سمنة من كثرة الطعام والمتعة. وعندما يأتي إليه أحد في مسألة فهو يحاول أن يقول الرأي الذي يؤكد به سلطته الزمنية، فإذا ما جاء رسول ليلغي هذه الامتيازات، يسرع بتكذيبه؛ ليظل – كرجل كهنوت – على قمة السلطة. ولذلك قال فيهم الحق:{  ٱشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [التوبة: 9]أي استبدلوا بآيات الله ثمنا قليلا من متاع الدنيا. فأخذوا الشيء الحقير من متاع الدنيا وتركوا آيات الله دون أن يعملوا بها.وعندما نبحث في تاريخ القانون. نجد قانوناً إنجليزياً وآخر فرنسياً أو رومانياً، ونجد أن المصادر الأولى لهذه القوانين هي ما كان يحكم به الكهنة. والذي جعل الناس تنعزل عن الكهنة هو استغلالهم للسلطة الزمنية. والتفت البشر الذين عاصروا هؤلاء الكهنة أن الواحد منهم يقضي في قضية بحكم، ثم يقضي في مثيلاتها بحكم مخالف، ويغير من حكمه لقاء ما يأخذ من أجر، فتشكك فيهم الناس، وعرفوا أنهم يلوون الأحكام حسب أهوائهم؛ لذلك ترك الناس حكم الكهنة، ووضعوا هم القوانين المناسبة لهم.إذن فالسلطة الزمنية هي التي جعلت من أتباع بعض الرسل يتعصبون لرسلهم. فإذا ما جاء رسول آخر، فإن أصحاب السلطة الزمنية يقاومون الإيمان برسالته حتى لا يأخذ منهم السلطة الزمنية. ولذلك يعادونه؛ لأن الأصل في كل رسول أن يبلغ أتباعه والذين آمنوا به، أنه إذا جاء رسول من عند الله فعليكم أن تسارعوا أنتم إلى الإيمان به.
{  وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } [آل عمران: 81]وهكذا أخذ الله الميثاق من النبيين بضرورة البلاغ عن موكب الرسالة حتى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم.{  إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [النساء: 150]أي أنهم يحاولون أن يفرقوا بين الله ورسله بأحكامهم التي كانوا يتبعون فيها أهواءهم للإبقاء على السلطة الزمنية، من أجل أن يقيموا أمراً هو بين بين، وليس في الإيمان ” بين بين “؛ فإما الإيمان وإما الكفر. والنظرة إلى كل هذه الآية نجدها في معظمها معطوفات، ولم يتم فيها الكلام وهي في كليتها مبتدأ، لا بد لها من خبر، ويأتي الخبر في الآية التالية: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة: أَنْ يُفَرِّقُوا- بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ- بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ-نْ يَتَّخِذُوا

-مد صلة صغرى: وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ- وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 149

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 149

إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا

أحاديث فى الاية:

وفي الحديث الصحيح: (ما نقص مال من صدقة، ولا زاد اللّه عبداً بعفوا إلا عزاً، ومن تواضع للّه رفعه) “”الحديث رواه مسلم ومالك والترمذي، وقد رواه الحافظ ابن كثير بلفظ ومن تواضع للّه رفعه ولفظه عندهم ولا تواضع عبدٌ للّه إلا رفعه الله  

ملخص الاية :

–قوله: { إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن اللّه كان عفواً قديراً} ، أي إن أظهرتم أيها الناس خيراً أو أخفيتموه أو عفوتم عمن أساء إليكم، فإن ذلك مما يقربكم عند اللّه ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم، ولهذا قال: { فإن اللّه كان عفواً قديرا} ، ولهذا ورد في الأثر أن حملة العرش يسبحون اللّه فيقول بعضهم: سبحانك على حلمك بعد علمك، ويقول بعضهم: سبحانك على عفوك بعد قدرتك

تتحدث الاية عن:

1-لقد عرفنا أن الحق لا يسمح لك بالجهر بالسوء من القول إلا إذا كنت مظلوماً. وهذا يعني أن المسألة تحتمل الجهر وتحتمل الإخفاء، فقال: { إِن تُبْدُواْ خَيْراً } أي إن تظهر الخير، أو تخفي ذلك، أو تعفو عن السوء. وكل هذه الأمور من ظاهر وخفي من الأغيار البشرية، لكن شيئاً لا يخفى على الله. ولا يمكن أن يكون للعفو مزية إيمانية إلا إذا كان مصحوبا بقدرة، فإن كان عاجزاً لما قال: عفوت. وسبحانه يعفو مع القدرة. فإن أردت أن تعفو فلتتخلق بأخلاق منهج الله، فيكون لك العفو مع القدرة. ولنا أن نعلم أن الحق لا يريد منا أن نستخزي أو نستذل ولكن يريد منا أن نكون قادرين، ومادمنا قادرين فالعفو يكون عن قدرة وهذه هي المزية الإيمانية؛ لأن عفو العاجز لا يعتبر عفواً.والناس تنظر إلى العاجز الذي يقول: إنه عفا – وهو على غير قدرة – تراه أنه استخزى. أما من أراد أن يتخلق بأخلاق منهج الله فليأخذ من عطاءات الله في الكون، ليكون قادراً وعزيزاً بحيث إن ناله سوء، فهو يعفو عن قدرة { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً }.

2-وقلنا من قبل: إنك إذا لمحت كلمة ” كان ” على نسبة لله سبحانه وتعالى كنسبة الغفران له أو الرحمة، فعلينا أن نقول: كان ولا يزال؛ لأن الفعل مع الله ينحل عن الزمان الماضي وعن الحاضر وعن المستقبل؛ فهو سبحانه مادام قد كان، وهو لا تناله الأغيار، فهو يظل إلى الأبد.ويقول الحق بعد ذلك: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ}

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إظهار:خَيْرًا أَوْ

-مد : سُوءٍ

-إخفاء: عَفُوًّا قَدِيرًا 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 148

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 148

لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا

أحاديث فى الاية:

قوله تعالى: { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ…} الآية. [148].
قال مجاهد: إن ضيفاً تضيّف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو.

-قال ابن عباس في الآية يقول: لا يحب اللّه أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوماً، فإنه قد أرخص له يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: { إلا من ظلم} ، وإن صبر فهو خير له، وقال الحسن البصري: لا يدعُ عليه، وليقل: اللهم أعني عليه واستخرج حقي منه، وفي رواية عنه قال: قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه، وقال عبد الكريم الجزري في هذه الآية: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه لقوله: { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} ، وقال أبو داود عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: (المستبان ما قالا فعلى البادىء منهما ما لم يعتد المظلوم )وعن مجاهد { لا يحب اللّه الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} قال، قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج فيقول: أساء ضيافتي ولم يحسن. وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي عن عقبة بن عامر قال، قلنا: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا، فما ترى في ذلك؟ فقال: (إذا نزلت بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا منهم، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) ، وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أنه قال: (أيما مسلم ضاف قوماً فاصبح الضيف محروماً فإن حقاً على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله) تفرد به أحمد. ومن هذه الأحاديث وأمثالها ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار عن أبي هريرة، أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فقال: إن لي جاراً يؤذيني، فقال له: (أخرج متاعك فضعه على الطريق)، فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق، فكل من مر به قال: مالك؟ قال جاري يؤذيني، فيقول: اللهم العنه، اللهم أخزه قال، فقال الرجل ارجع إلى منزلك واللّه لا أوذيك أبداً. 

ملخص الاية :

إذا رأيت إنساناً قد اعتدى على إنسان آخر، فدفع الإنسان المعتدى عليه بالتي هي أحسن وعفا وأصلح فقد ينصلح حال المعتدي، وسبحانه القائل: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }.فإذا تمادى من بعد ذلك فعلى الإنسان أن يعرف أن الله لا يكذب أبداً، ولا بد أن الخلل في سلوكك يا من تظن أنك دفعت بالتي هي أحسن.قد يكون الذي دفع بالتي هي أحسن قد قال بلهجة من التعالي: سأعفو عنك، ومثل هذا السلوك المتكبر لا يجعل أحداً وليًّا حميمًا. لكن إن دفع حقيقة بالتي هي أحسن تواضعاً وسماحة، فلا بد أن يصير الأمر إلى ما قاله الله: { فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }.

الحق سبحانه وتعالى يبيح أن تعتدي بالمثل، ثم يفسح المجال لنكظم الغيظ فلا نعتدي ولكن يظل السبب في القلب، ثم يرتقي بنا مرحلة أخرى إلى العفو وأن نخرج المسألة من قلوبنا، ثم يترقى ارتقاء آخر، فيقول سبحانه: { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، ومن فينا غير راغب في حب الله؟ وهكذا نرى أن الدين الإسلامي يأمر بأن يحسن المؤمن إلى من أساء إليه.

تتحدث الاية عن:

1-إنه سبحانه وتعالى يريد أن يحمي آذان المجتمع الإيماني من ” قالات السوء “.. أي من الألفاظ الرديئة؛ لأننا نعلم أن الناس إنما تتكلم بما تسمع، فاللفظ الذي لا تسمعه الأذن لا تجد لسانا يتكلم به، ونجد الطفل الذي نشأ في بيت مهذب لا ينطق ألفاظا قبيحة، وبعد ذلك تجيء على لسانه ألفاظ قبيحة وحينئذ نتساءل: من أين جاءت هذه الألفاظ على لسان هذا الابن؟ ونعرف أنها جاءت من الشارع؛ لأن البيئة الدائمة للطفل ليس بها ألفاظ رديئة، وعندما يتقصى الإنسان عن مصدر هذه الألفاظ، يعرف أن الطفل المهذب قضى بعضاً من الوقت في بيئة أخرى تسربت إليه منها بعض الألفاظ الرديئة.إذن فاللغة هي بنت المحاكاة. وما تسمعه الأذن يحكيه اللسان. ونعلم أن اللغة ليست جنسا وليست دما، بمعنى أن الطفل الإنجليزي لو نشأ في بيئة عربية، فهو يتحدث العربية. ولو أخذنا طفلا عربيا ووضعناه في بيئة إنجليزية فسيتكلم الإنجليزية.واللغة الواحدة فيها ألفاظ لا يتكلم بها لسان إلا إن سمعها، وإن لم يسمعها الإنسان فلن ينطق بها. والحق سبحانه وتعالى يريد أن يحمي المجتمع الإيماني من قالات السوء التي تطرق آذان الناس لأنها ستعطيهم لغة رديئة؛ لأن الناس إن تكلمت بقالات السوء، فسيكون شكل المجتمع غريبا، وتتردد فيه قالات سوء في آذان السوء، فكأن الحق سبحانه وتعالى يوضح: إياكم أن تنطق ألسنتكم بأشياء لا يحبها الله عز وجل، فليست المسألة أن يريد الإنسان نفسه فقط بنطق كلمة، ولكن نطق هذه الكلمة سيرهق أجيالاً؛ لأن من يسمع الكلمة الرديئة سيرددها، وسيسمعها غيره فيرددها، وتتوالى القدوة السيئة. ويتحمل الوزر الإنسان الذي نطق بكلمة السوء أولاً.وقالات السوء هذه قد تكون بالحق وقد تكون بالباطل، فإن كانت في الحق مثلا فلن نستطيع أن نقول: إن كل الناس أهل سوء. وقد يبتدئ إنسان آخر بسباب، ويجوز أن يدعي إنسان على آخر سبابا. إذن فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يحمي الآذان الإيمانية من ألسنة السوء، لذلك يقول: { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْل } ومقابلها بالطبع هو: أن الله يحب الجهر بالحسن من القول. وساعة يحبك الحق المجتمع هذه الحبكة الإيمانية، أيعالج ملكة على حساب ملكة أخرى؟. لا.

2-ونعلم أن النفس فيها حب الانتقام وحب الدفاع عن النفس وحب الثأر وما يروح به عن نفسه ويخفف ما يجده من الغيظ. والمثل العربي يقول: ” من اسْتُغْضِب ولم يغضب فهو حمار “؛ لأن الذي يُستغضب ولا يغضب يكون ناقص التكوين، فهل معنى ذلك أن الله يمتع الناس من قول كلمة سوء ينفث بها الإنسان عن صدره ويريح بها نفسه؟ لا، لكنه – سبحانه – يضع شرطاً لكلمة السوء هو: { إِلاَّ مَن ظُلِمَ }؛ لأن الظلم هو أخذ حق من إنسان لغيره.وكل إنسان حريص على نفسه وعلى حقوقه. فإن وقع ظلم على إنسان فملكات نفسه تغضب وتفور، فإما أن ينفث بما يقول عن نفسه، وإما أن يكبت ويكتم ذلك.فإن قال الله: { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } واكتفى بذلك، لكان كبتاً للنفس البشرية. وعملية الكبت هذه وإن كانت طاعة لأمر الله لأنه لا يحب الجهر بالسوء من القول، ولكن قد ينفلت الكبت عند الانفعال، وينفجر؛ لذلك يضع الحق الشرط وهو وقوع ظلم. فيوضح سبحانه: أنا لأ أحب الجهر بالسوء من القول، وأسمح به في حدوده المنفثة عن غيظ القلوب؛ لأني لا أحب أن أصلح ملكة على حساب ملكة أخرى. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يقول:” إن الغضب جمرة توقد في القلب ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئا فإن كان قائما فليجلس، وإن كان جالسا فلينم فإن لم يزُل ذلك فليتوضأ بالماء البارد أو يغتسل فإن النار لا يطفئها إلا الماء “. أي أن يتحرك الإنسان من فور إحساسه بالغضب؛ فيغير من وضعه أو يقوم إلى الصلاة بعد أن يتوضأ أو يغتسل؛ لأنه بذلك ينفث تنفيثاً حركياً ليخفف من ضغط المواجيد على النفس الفاعلة؛ تماماً كما يفك إنسان صماماً عن آلة بها بخار ليخرج بعض البخار.

3-إذن فمن وقع عليه ظلم له أن يجهر بالسوء. والجهر له فائدتان: الأولى: أن ينفث الإنسان عن نفسه فلا يكبت، وثانياً: أنه أشاع وأعلن أن: هذا إنسان ظالم، وبذلك يحتاط الناس في تعاملهم معه. وحتى لا يخدع إنسان نفسه ويظن بمنجاة عن سيئاته، فلو ستر كل إنسان الظلم الذي وقع عليه لاستشرى الظلم في عمل السيئات. ولكن إياك أن تتوسع أيها العبد في فهم معنى كلمة ” ظلم ” هذه؛ لأن الذي ينالك ممن ظلمك إما فعل وإما قول. وعليك أيها المسلم أن تقيس الأمر بمقياس دقيق على قدر ما وقع عليك من ظلم.{  فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194]إذن فالحق سبحانه وتعالى لا يعطينا في الاستثناء إلا على قدر الضرورة. ويوضح: إياكم أن تزيدوا على هذه الضرورة، فإن كان ظلمكم بقول فأنا السميع. وإنْ كان ظلمكم بفعل فأنا العليم، فلا يتزيد واحد عن حدود اللياقة.وبذلك يضع الحق الضوابط الإيمانية والنفسية فأزاح الكبت وفي الوقت نفسه لم يقفل باب الطموح الإيماني. لقد سمح للعبد أن يجهر إن وقع عليه ظلم. لكن إن امتلك الإنسانُ الطموحَ الإيماني فيمكنه ألا يجهر وأن يعفو. إذن فهناك فارق بين أمر يضعه الحق في يد الإنسان، وأمر يلزمه به قسراً وإكراها عليه؛ فمن ناحية الجهر، جعل سبحانه المسألة في يد الإنسان، ويحب سبحانه أن يعفو الإنسان؛ لأن المبادئ القرآنية يتساند بعضها مع بعض.وسبحانه يقول:{  ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت: 34] فإن أباح الله لك أن تجهر بالسوء من القول إذا ظلمك أحدٌ، فقد جعل لك ألاّ تجهر بل تعفو عنه، وغالب الظن أن صاحب السوء يستخزى ويعرف أن هناك أناساً أكرم منه في الخلق، ولا يتعب إنسانٌ إلا أن يرى إنساناً خيراً منه في شيء. وعندما يرى الظَالمُ أن المظلوم قد عفا فقد تنفجر في نفسه الرغبة أن يكون أفضل منه.إذن فالمبدأ الإيماني: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } جعله الله مجالاً محبوباً ولم يجعله قسراً؛ لأنك إن أعطيت الإنسان حقه، ثم جعلت لأريحيته أن يتنازل عن الحق فهذا إرضاء للكل. وهكذا ينمي الحق الأريحية الإيمانية في النفس البشرية؛ لأنه لو جعلها قسراً لأصلح ملكة على حساب ملكة أخرى. ولذلك إذا رأيت إنساناً قد اعتدى على إنسان آخر، فدفع الإنسان المعتدى عليه بالتي هي أحسن وعفا وأصلح فقد ينصلح حال المعتدي، وسبحانه القائل: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }.فإذا تمادى من بعد ذلك فعلى الإنسان أن يعرف أن الله لا يكذب أبداً، ولا بد أن الخلل في سلوكك يا من تظن أنك دفعت بالتي هي أحسن.قد يكون الذي دفع بالتي هي أحسن قد قال بلهجة من التعالي: سأعفو عنك، ومثل هذا السلوك المتكبر لا يجعل أحداً وليًّا حميمًا. لكن إن دفع حقيقة بالتي هي أحسن تواضعاً وسماحة، فلا بد أن يصير الأمر إلى ما قاله الله: { فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }.

4-والتفاعلات النفسية المتقابلة يضعها الله في إطارات واضحة وسبحانه القائل:{  فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194]وذلك حتى لا يستشرى المعتدي أيضاً، فهناك إنسان إذا تركناه مرة ومرة. يستشرى، لكن إذا ما أوقفناه عند حده فهو يسكت، وبذلك نرحم المجتمع من استشراء الفساد. ويُصعب الحق المسألة في رد الاعتداء.ويثور سؤال: من القادر على تحقيق المثلية بعدالة؟. ونجد على سبيل المثال إنسانا ضرب إنساناً آخر صفعة على الوجه، فبأية قوة دفعٍ قد ضرب؟ وفي أي مكان ضرب؟ ولذلك نجد أن رد العدوان على درجة المثلية المتساوية أمر صعب. ومادام المأمور به أن أعتدى بمثل ما اعتدى به علي؛ ولن أستطيع تحقيق المثلية، ولربما زاد الأمر على المثلية؛ وبعد أن كنت المعتدَى عليه صرت المعتدِي، بذلك يكون العفو أقرب وأسلم.والعمليات الشعورية التي تنتاب الإنسان في التفاعلات المتقابلة يكون لها مواجيد في النفس تدفع إلى النزوع.والعملية النزوعية هي رد الفعل لما تدركه، فإن آذاك إنسان وأتعبك واعتدى عليك فأنت تبذل جهدًا لتكظم الغيظ، أي أن تحبس الغيظ على شدة. فالغيظ يكون موجوداً، ولكن المطلوب أن يمنع الإنسان الحركة النزوعية فقط. وعلى المغتاظ أن يمنع نفسه من النزوع، وإن بقي الغيظ في القلب.{  وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } [آل عمران: 134]هذه مرحلة أولى تتبعها مرحلة ثانية هي:{  وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ } [آل عمران: 134]فإذا كان المطلوب في المرحلة الأولى منع العمل النزوعي، فالأرقى من ذلك أن تعفو، والعفو هو أن تخرج المسألة التي تغيظك من قلبك. وإن كنت تطلب مرحلة أرقى في كظم الغيظ والعفو فأحسن إليه؛ لأن من يرتكب الأعمال المخالفة هو المريض إيمانياً. وعندما ترى مريضاً في بدنه فأنت تعاونه وتساعده وإن كان عدواً لك. وتتناسى عدواته؛ فما بالنا بالمصاب في قيمه؟ إنه يحتاج منا إلى كظم الغيظ، أو العفو كدرجة أرقى، أو الاحسان إليه كمرحلة أكثر علواً في الارتقاء.إذن فالحق سبحانه وتعالى يبيح أن تعتدي بالمثل، ثم يفسح المجال لنكظم الغيظ فلا نعتدي ولكن يظل السبب في القلب، ثم يرتقي بنا مرحلة أخرى إلى العفو وأن نخرج المسألة من قلوبنا، ثم يترقى ارتقاء آخر، فيقول سبحانه: { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } ، ومن فينا غير راغب في حب الله؟ وهكذا نرى أن الدين الإسلامي يأمر بأن يحسن المؤمن إلى من أساء إليه.

5-وقد يتساءل إنسان: كيف تطلب مني أن أحسن إلى من أساء إلي؟ والرد: أنت وهو لستما بمعزل عن القيوم؛ فهو قيوم ولا تأخذه سنة ولا نوم، وكل شيء مرئي له وكلاكما صنعة الله، وعندما يرى الله واحداً من صنعته يعتدي عليك أو يسيء إليك فسبحانه يكون معك ويجيرك، ويقف إلى جانبك لأنك المعتدَى عليه. إذن فالإساءة من الآخر تجعل الحق سبحانه في جانبك، وتكون تلك الإساءة في جوهرها هدية لك.وعندما نفلسف كل المسائل نجد أن الذي عفا قد أخذ مما لو كان قد انتقم وثأر لنفسه؛ لأنه إن انتقم سيفعل ذلك بقدرته المحدودة، وحين يعفو فهو يجعل المسألة لله وقدرته سبحانه غير محدودة، إن أراد أن يرد عليه، وبعطاء غير محدود إن أراد أن يرضى المعتدي عليه. هذا هو الحق سبحانه وتعالى عندما يلجأ إليه المظلوم العافي المحسن. وهو السميع العليم بكل شيء. ويقول الحق من بعد ذلك: { إِن تُبْدُواْ خَيْراً… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إظهار:سَمِيعًا عَلِيمًا 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب