لا تفوتوا صيام الدهر:الايام البيض لشهر ربيع الثانى

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

نذكركم لا تفوتوا صيام الدهر فصيام ثلاثة ايام من كل شهر كصيام الدهـــــــــــــر وهو سنة عن النبى صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : ( صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، وأيام البيض : صبيحة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة )

لذا نذكركم بصيام السبت والاحد والاثنين(13-14-15) الايام البيض بأذن الله تعالى لمن يستطيع واذا لم تستطيعوا فبلغوا غيركم عسى يصوم اى انسان بسببكم وتاخذوا الاجر والثواب بأذن الله تعالى

تقربا لله عز وجل عسى الله عز وجل يتقبل منا ومنكم أمين أمين أمين يارب العالمين 

الاحاديث فى صيام ثلاثة ايام من كل شهر والترغيب بها:

https://islamqa.info/ar/answers/69781/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%B6%D9%84-%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%85-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D9%83%D9%84-%D8%B4%D9%87%D8%B1

رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْـزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

اللهم أنى أستودعك أن اكون من ال بيت النبى صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  أمين أمين أمين يا رب العالميين

لا تنسوا أخواتى وأخوانى قيام الليــل ولو بركعات بسيطة وكثرة التسبيح والذكر وقول لا إلة إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالميين ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم وكثرة الاستغفار

أستودعكم الدعاء لى بأن يرزقنى  الله عز وجل صحبـــــة صالحــــــة فى الدنيا والاخرة تدلنى علية وجميع المسلميين أمين أمين أمين

اللهم أنى أسألك حسن الظن بك وصدق التوكل عليك أمين أمين أمين يارب العالمين

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية

تصــدقوا وتعــــاملوا مع بعضكم بالحسنــى واكثروا من الاستغفار يرحمكم الله عز وجل

اللهم اجعلنا ممن تحبهم ومن الذين تتول امرهم فى الدنيا والاخرة اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا اليك يا ارحم الراحميين

اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنيين والمؤمنات والمسلميين والمسلمات  الاحياء منهم والاموات امين امين امين يا رب العالميين

اللهم نستودعك الحج  والعمرة دائما ابدا امين امين امين يا رب العالميين

اللهم أنى أستودعك أن اكون من ال بيت النبى صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  أمين أمين أمين يا رب العالميين

اللهم استودعك أن أعيش وأموت فى مكة والمدينة المنورة ويصلى على عدد لا يحصى من الملائكة  وعدد لا يحصى من  جنودك وعدد لا يحصى من المؤمنات وعدد لا يحصى من المؤمنين و عدد لا يحصى من المسلمات و عدد لا يحصى من المسلمين وادفن فى المدينة المنورة عند الرسول علية الصلاة والسلام وعلى اله وصحبة وسلم امين امين امين

اللهم أرزقنى بقلب سليم مثل قلب سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام اللهم ارزقنى بجمال سيدنا يوسف علية السلام وصبر سيدنا أيوب علية السلام ودعوة سيدنا ذا النون علية السلام وعفة السيدة مريم عليها السلام ومكانة سيدنا أدريس علية السلام وتسبيح سيدنا داود علية السلام وتربية سيدنا موسى علية السلام فقلت فية اصطنعتك بنفسى ولتصنع على عينى وألقى على محبة منك كما القيتها على سيدنا موسى علية السلام وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى دعوة سيدنا سليمان علية السلام وعلمنى كما علمت سيدنا أدم علية السلام وزدنى علما وفهمنى كما فهمت سيدنا سليمان علية السلام اللهم ارزقنى برعايتك كما راعيت اصحاب الكهف وهب لى من لدنك رحمة وهيىء لى من امرى رشدا اللهم اربط على قلبى كما ربطت على قلب ام سيدنا موسى علية السلام وقر عينى كما قريت عين السيدة مريم عليها السلام وانزلنى منزلا مباركا وانت خير المنزلين وادخلنى مدخل صدق واخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا وأرزقنى أخلاق سيدنا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فقلت فية انك لعلى خلق عظيم أمين أمين أمين اللهم استودعك أن أعيش وأموت فى المدينة المنورة ويصلى على عدد لايحصى من الملائكة وعدد لا يحصى من جنودك وعدد لا يحصى من المؤمنات وعدد لا يحصى من المؤمنين وعدد لا يحصى من المسلمات وعدد لا يحصى من من المسلمين وادفن فى المدينة المنورة عند الرسول علية الصلاة والسلام أمين أمين أمين رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وأرزقنى الزوج الصالح واجعلة قرة عين لى واجعلنى قرة عين لة وأرزقة حبى وأرزقنى حبة وهب لنا الذرية الصالحة تكون قرة عين لنا واجعلنا مقيمين الصلاة ومن ذريتنا ربنا وتقبل دعاء عاجلا غير أجل أمين أمين أمين يا رب العالمين 

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّ‌يَّتِي ۚ رَ‌بَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ  رَ‌بَّنَا اغْفِرْ‌ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

اللهم اهدينا في من هديت وتولنا في من توليت

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

لبيـــك اللــــهم لبيـــــك لبيـــــك لا شريك لك لبيــــــــك ان الحمـــــــد والنعمــــــة لك والمـــــلك لا شريك لك

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير سورة النحل الاية 44

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 44

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

تتحدث الايات عن:

-قد جاء الرسُل السابقون بمعجزات لحالها، وكتب لحالها، فالكتاب منفصل عن المعجزة.فموسى كتابه التوراة ومعجزته العصا، وعيسى كتابه ومنهجه الإنجيل ومعجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله.أما محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فمعجزته هي نفس كتاب منهجه، لا ينفصل أحدهما عن الآخر لتظلّ المعجزة مُسَاندة للمنهج إلى قيام الساعة

-اللهم نستودعك ان ندخل الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب امين امين امين يارب العالمين اللهم نستودعك ان تجعلنا من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين امين امين امين يارب العالمين

–أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسول الله -اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل يارب إجعلنا من اهل القرآن الكريم أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-أرشد اللّه تعالى من شك في كون الرسل كانوا بشرا إلى سؤال أصحاب الكتب المتقدمة عن الأنبياء الذين سلفوا، هل كان أنبياؤهم بشرا أو ملائكة، ثم ذكر تعالى أنه أرسلهم { بالبينات} أي بالحجج والدلائل { والزبر} وهي الكتب، قاله ابن عباس ومجاهد والزبر: جمع زبور تقول العرب زبرت الكتاب إذا كتبته. وقال تعالى{ وكل شيء فعلوه في الزبر} وقال: { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} ، ثم قال تعالى: { وأنزلنا إليك الذكر} يعني القرآن { لتبين للناس ما نزل إليهم} أي من ربهم لعلمك بمعنى ما أنزل اللّه عليك، وحرصك عليه واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد آدم فتفصل لهم ما أجمل وتبين لهم ما أشكل والمراد بأهل الذكر أهل الكتاب قاله ابن عباس ومجاهد والأعمش وعبد الرحمن بن زيد ، { ولعلهم يتفكرون} أي ينظرون لأنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة في الدارين.

تفسير الشيخ الشعراوى

1-استهل الحق سبحانه الآية بقوله:{ بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ… } [النحل: 44].ويقول أهل اللغة: إن الجار والمجرور لا بُدَّ له من متعلق.. فبماذا يتعلق الجار والمجرور هنا؟ قالوا: يجوز أنْ يتعلّق بالفعل (نُوحِي) ويكون السياق: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نُوحِي إليهم بالبينات والزبر.وقد يتعلق الجار والمجرور بأهل الذكر فيكون المعنى: فاسألوا أهل الذكر بالبينات والزبر، فهذان وجهان لعودة الجار والمجرور.والبينات هي الأمر البيِّن الواضح الذي لا يشكُّ فيه أحد وهو إما أن يكون أمارة ثُبوت صِدْق الرسالة كالمعجزة التي تتحدى المكذِّبين أنْ يأتوا بمثلها أو هي الآيات الكونية التي تلفِتُ الخَلْق إلى وجود الخالق سبحانه وتعالى، مثل آيات الليل والنهارَ والشمس والقمر والنجوم أما الزُّبُر، فمعناها: الكتب المكتوبة ولا يُكتب عادة إلا الشيء النفيس مخافة أنْ يضيعَ، وليس هنا أنفَسُ مما يأتينا من منهج الله لِيُنظِّم لَنا حركة حياتنا. ونعرف أن العرب ـ قديماً ـ كانوا يسألون عن كُلِّ شيء مهما كان حقيراً، فكان عندهم عِلمٌ بالسهم ومَنْ أول صانع لها، وعن القوس والرَّحْل، ومثل هذه الأشياء البسيطة ألاَ يسألون عن آيات الله في الكون وما فيها من أسرار وعجائب في خَلْقها تدلُّ على الخالق سبحانه وتعالى؟

2-ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل: 44] كلمة الذكر وردتْ كثيراً في القرآن الكريم بمعانٍ متعددة، وأَصلْ الذكر أنْ يظلَّ الشيءُ على البال بحيث لا يغيب، وبذلك يكون ضِدّه النسيان إذن: عندنا ذِكْر ونسيان فكلمة ” ذكر ” هنا معناها وجود شيء لا ينبغي لنا نسيانه فما هو؟الحق سبحانه وتعالى حينما خلق آدم ـ عليه السلام ـ أخذ العهد على كُلِّ ذرِّة فيه، فقال تعالى:{  وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ }[الأعراف: 172].وأخْذ العهد على آدم هو عَهْد على جميع ذريته، ذلك لأن في كُلِّ واحد من بني آدم ذَرَّة من أبيه آدم وجزءاً حيّاً منه نتيجة التوالُد والتناسُل من لَدُن آدم حتى قيام الساعة، وما دُمْنا كذلك فقد شهدنا أخذ العهد: { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ }.وكأن كلمة (ذكر) جاءت لتُذكِّرنا بالعهد المطمور في تكويننا والذي ما كان لنا أنْ ننساه فلما حدث النسيان اقتضى الأمرُ إرسالَ الرسل وإنزالَ الكتب لتذكِّرنا بعهد الله لنا:{  أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ }[الأعراف: 172] ومن هنا سَمّينا الكتب المنزلة ذكراً لكن الذكْر يأتي تدريجياً وعلى مراحل كلُّ رسول يأتي ليُذكَّر قومه على حَسْب ما لديهم من غفلة أما الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الذي جاء للناس كافّة إلى قيام الساعة فقد جاء بالذكر الحقيقي الذي لا ذِكْر بعده وهو القرآن الكريم وقد تأتي كلمة (الذكْر) بمعنى الشَّرَف والرِّفْعة كما في قوله تعالى للعرب:{  لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ }[الأنبياء: 10] وقد أصبح للعرب مكانة بالقرآن وعاشت لغتهم بالقرآن وتبوءوا مكان الصدارة بين الأمم بالقرآن وقد يأتي الذكْر من الله للعبد، وقد يأتي من العبد لله تعالى كما في قوله سبحانه:{  فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: 152].والمعنى: فاذكروني بالطاعة والإيمان أذكركم بالفيوضات والبركة والخير والإمداد وبثوابي.وإذا أُطلقت كلمة الذكر انصرفت إلى ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ؛ لأنه الكتاب الجامع لكُلِّ ما نزل على الرسُل السابقين، ولكل ما تحتاج إليه البشرية إلى أنْ تقومَ الساعة.كما أن كلمة كتاب تطلق على أي كتاب، لكنها إذا جاءت بالتعريف (الكتاب) انصرفت إلى القرآن الكريم، وهذا ما نسميه (عَلَم بالغلبة).والذكْر هو القرآن الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وهو معجزته الخالدة في الوقت نفسه، فهو منهج ومعجزة، وقد جاء الرسُل السابقون بمعجزات لحالها، وكتب لحالها، فالكتاب منفصل عن المعجزة.فموسى كتابه التوراة ومعجزته العصا، وعيسى كتابه ومنهجه الإنجيل ومعجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله.أما محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فمعجزته هي نفس كتاب منهجه، لا ينفصل أحدهما عن الآخر لتظلّ المعجزة مُسَاندة للمنهج إلى قيام الساعة.وهذا هو السِّر في أن الحق تبارك وتعالى تكفل بحفظ القرآن وحمايته فقال تعالى:{  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[الحجر: 9].أما الكتب السابقة فقد عُهد إلى التابعين لكل رسول منهم بحِفْظ كتابه، كما قال تعالى:{  إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ}[المائدة: 44].ومعنى اسْتُحفِظوا: أي طلبَ الله منهم أنْ يحفظوا التوراة، وهذا أمْرُ تكليف قد يُطاع وقد يُعصى، والذي حدث أن اليهود عَصَوْا وبدّلوا وحَرَّفوا في التوراة أما القرآن فقد تعهَّد الله تعالى بحفْظه ولم يترك هذا لأحد؛ لأنه الكتاب الخاتَم الذي سيصاحب البشرية إلى قيام الساعة.ومن الذِّكْر أيضاً ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مع القرآن، وهو الحديث الشريف، فللرسول مُهِمة أخرى، وهي منهجه الكلاميّ وحديثه الشريف الذي جاء من مِشْكاة القرآن مبيِّناً له ومُوضِّحاً له كما قال صلى الله عليه وسلم: ” أَلاَ وإنِّي قد أُوتيتُ القرآن ومِثْله معه، يُوشك رجل شبعان يتكيء على أريكته يُحدِّث بالحديث عنِّي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال حَلَّلْناه، وما وجدنا فيه من حرام حَرَّمناه، أَلاَ وإنَّه ليس كذلك “.

3-ويقول الحق سبحانه:{ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ.. } [النحل: 44].إذن: جاء القرآن كتابَ معجزة، وجاء كتابَ منهج، إلا أنه ذكر أصول هذا المنهج فقط، ولم يذكر التعريفات المنهجية والشروح اللازمة لتوضيح هذا المنهج، وإلاَّ لَطالتْ المسألة، وتضخَّم القرآن وربما بَعُد عن مُرَاده.فجاء القرآن بالأصول الثابتة، وترك للرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مهمة أنْ يُبيِّنه للناس، ويشرحه ويُوضِّح ما فيه.وقد يظن البعض أن كُلَّ ما جاءتْ به السُّنة لا يلزمنا القيام به؛ لأنه سنة يُثَاب مَنْ فعلها ولا يُعاقب مَنْ تركها.. نقول: لا.. لا بُدَّ أن نُفرِّق هنا بين سُنّية الدليل وسُنّية الحكم، حتى لا يلتبس الأمر على الناس.فسُنّية الدليل تعني وجود فَرْض، إلا أن دليله ثابت من السنة.. وذلك كبيان عدد ركعات الفرائض: الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فهذه ثابتة بالسنة وهي فَرْض أما سُنيّة الحكم: فهي أمور وأحكام فقهية وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، يُثَاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها.. فحين يُبيِّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بسلوكه وأُسْوته حُكْماً ننظر: هل هي سُنّية الدليل فيكون فَرْضاً، أم سُنّية الحكم فيكون سُنة؟ ويظهر لنا هذا أيضاً من مواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم على هذا الأمر، فإنْ واظب عليه والتزمه فهو فَرْض، وإنْ لم يواظب عليه فهو سُنة.إذن: مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ليست مجرد مُنَاولة القرآن وإبلاغه للناس، بل وبيان ما جاء فيه من المنهج الإلهي، فلا يستقيم هنا البلاغ دون بيان.. ولا بُدَّ أن نفرّق بين العطائين: العطاء القرآني، والعطاء النبوي.ويجب أن نعلم هنا أن من المَيْزات التي مُيِّز بها النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عن سائر إخوانه من الرُّسُل، أنه الرسول الوحيد الذي أمنه الله على التشريع، فقد كان الرسل السابقون يُبلِّغون أوامر السماء فَقط وانتهتْ المسألة، أما محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فقد قال الحق تبارك وتعالى في حقِّه:{  وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ.. }[الحشر: 7].إذن: أخذ مَيْزة التشريع، فأصبحت سُنّته هي التشريع الثاني بعد القرآن الكريم.

4-ثم يقول تعالى:{ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل: 44].يتفكرون.. في أي شيء؟ يتفكرون في حال الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قبل البعثة، حيث لم يُؤْثَر عنه أنه كان خطيباً أو أديباً شاعراً، ولم يُؤْثَر عنه أنه كان كاتباً مُتعلِّماً.. لم يُعرف عنه هذا أبداً طيلة أربعين عاماً من عمره الشريف، لذلك أمرهم بالتفكُّر والتدبُّر في هذا الأمر.فليس ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عبقرية تفجَّرت هكذا مرَّة واحدة في الأربعين من عمره، فالعمر الطبيعي للعبقريات يأتي في أواخر العِقْد الثاني وأوائل العِقْد الثالث من العمر.ولا يُعقل أنْ تُؤجّل العبقرية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إلى هذا السن وهو يرى القوم يُصْرعون حوله فيموت أبوه وهو في بطن أمه، ثم تموت أمه وما يزال طفلاً صغيراً، ثم يموت جَدُّه، فمَنْ يضمن له الحياة إلى سِنِّ الأربعين، حيث تتفجَّر عنده هذه العبقرية؟!إذن تفكَّروا، فليستْ هذه عبقرية من محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، بل هي أمْر من السماء؛ ولذلك أمره ربُّه تبارك وتعالى أن يقول لهم:{  قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }[يونس: 16] فكان عليكم أنْ تفكِّروا في هذه المسألة ولو فكرتُمْ فيها كان يجب عليكم أنْ تتهافتوا على الإسلام، فأنتم أعلم الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وما جرَّبتم عليه لا كذباً ولا خيانةً، ولا اشتغالاً بالشعر أو الخطابة، فما كان لِيْصدق عندكم ويكذب على الله ولا بُدَّ أن نُفرّق بين العقل والفكر فالعقل هو الأداة التي تستقبل المحسَّات وتُميِّزها وتخرج منها القضايا العامة التي ستكون هي المباديء التي يعيش الإنسان عليها والتي ستكون عبارة عن معلومات مُخْتزنة أما الفكر فهو أن تفكر في هذه الأشياء لكي تستنبط منها الحكم.والله سبحانه وتعالى ترك لنا حُرية التفكير وحرية العقل في أمور دنيانا، لكنه ضبطنا بأمور قَسْرية يفسَد العالم بدونها، فالذي يفسد العالم أن نترك ما شرعه الله لنا.. والباقي الذي لا يترتب عليه ضرر يترك لنا فيه مجالاً للتفكير والتجربة؛ لأن الفشل فيه لا يضر.فما أراده الله حُكْماً قسْرياً فرضه بنصِّ صريح لا خلافَ فيه، وما أراده على وجوه متعددة يتركه للاجتهاد حيث يحتمل الفعل فيه أوجهاً متعددة، ولا يؤدي الخطأ فيه إلى فساد.فالمسألة ميزان فكري يتحكم في المحسَّات ويُنظم القضايا، لنرى أولاً ما يريده الله بتاً وما يريده اجتهاداً، وما دام اجتهاداً فما وصل إليه المجتهد يصح أنْ يعبد الله به، ولكن آفة الناس في الأمور الاجتهادية أن منهم مَنْ يتهم مخالفه، وقد تصل الحال بهؤلاء إلى رَمْي مخالفيهم بالكفر والعياذ بالله.ونقول لمثل هذا: اتق الله، فهذا اجتهادٌ مَنْ أصاب فيه فَلَهُ أجران، ومَنْ أخطأ فله أجر.. ولذلك نجد من العلماء مَنْ يعرف طبيعة الأمور الاجتهادية فنراه يقول: رَأْيي صواب يحتمل الخطأ، ورَأْي غيري خطأ يحتمل الصواب. وهكذا يتعايش الجميع وتُحتَرم الآراء.ومن رحمة الله بعباده أن يأمرهم بالتفكُّر والتدبُّر والنظر؛ ذلك لأنهم خَلْقه سبحانه، وهم أكرم عليه من أنْ يتركهم للضلال والكفر، بعد أن أكرمهم بالخَلْق والعقل، فأراد سبحانه أن يكرمهم إكراماً آخر بالطاعة والإيمان.وكأنه سبحانه يقول لهم: رُدُّوا عقولكم ونفوسكم عن كبرياء الجدل ولَجَج الخصومة، وإنْ كنتم لا تؤمنون بالبعث في الآخرة، وبما أُعدَّ للظالمين فيها من عقاب، فانظروا إلى ما حدث لهم وما عُجِّل لهم من عذاب في الدنيا.انظروا للذين سبقوكم من الأمم المكذَّبة وما آل إليه مصيرهم، أم أنتم آمنون من العذاب، بعيدون عنه؟!ثم يقول تبارك وتعالى: { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-مد منفصل:وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة النحل الاية 43( كان خلقه القرآن)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 43

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

أسباب نزول الاية

قوله عز وجل: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ…} الآية. [43].
نزلت في مشركي مكة، أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، فهلاّ بعث إلينا ملكاً!.

تتحدث الايات عن:

-الرسول حين يُبلّغ رسالة الله تقع على عاتقه مسئوليتان: مسئولية البلاغ بالعلم، ومسئولية التطبيق بالعمل ونموذجية السلوك.. فيأمر بالصلاة ويُصلِّي، وبالزكاة ويُزكِّي، وبالصبر ويصبر، فليس البلاغ بالقول فقط، لا بل بالسلوك العمليّ النموذجيّ.ولذلك كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول عن رسول الله ل صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” كان خلقه القرآن “. وكان قرآناً يمشي على الأرض، والمعنى: كان تطبيقاً كاملاً للمنهج الذي جاء به من الحق تبارك وتعالى.ويقول تعالى في حقِّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم :{  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: 21]

-اللهم نستودعك ان ندخل الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب امين امين امين يارب العالمين اللهم نستودعك ان تجعلنا من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين امين امين امين يارب العالمين

–أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسول الله -اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل يارب إجعلنا من اهل القرآن الكريم أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-قال ابن عباس: لما بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسولا أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم وقالوا: اللّه أعظم من أن يكون رسوله بشرا فأنزل اللّه: { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس} الآية، وقال: { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} يعني أهل الكتب الماضية أبشرا كانت الرسل إليهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتم، وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسولا، والغرض أن هذه الآية الكريمة أخبرت بأن الرسل الماضين قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم كانوا بشرا كما هو بشر، كما قال تعالى: { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا} ، وقال: { قل ما كنت بدعا من الرسل} ، وقال تعالى: { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي}

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وقد اعترض المعاندون من الكفار على كون الرسول صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بشراً. وقالوا: إذا أراد الله أن يرسل رسولاً فينبغي أن يكون مَلَكاً فقالوا:{  وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً.. }[المؤمنون: 24].وكأنهم استقلُّوا الرسالة عن طريق بشر؛ وهذا أيضاً من غباء الكفر وحماقة الكافرين؛ لأن الرسول حين يُبلّغ رسالة الله تقع على عاتقه مسئوليتان: مسئولية البلاغ بالعلم، ومسئولية التطبيق بالعمل ونموذجية السلوك.. فيأمر بالصلاة ويُصلِّي، وبالزكاة ويُزكِّي، وبالصبر ويصبر، فليس البلاغ بالقول فقط، لا بل بالسلوك العمليّ النموذجيّ.ولذلك كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقول عن رسول الله ل صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” كان خلقه القرآن “. وكان قرآناً يمشي على الأرض، والمعنى: كان تطبيقاً كاملاً للمنهج الذي جاء به من الحق تبارك وتعالى.ويقول تعالى في حقِّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم :{  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: 21] فكيف نتصور أن يكون الرسول مَلَكاً؟ وكيف يقوم بهذه الرسالة بين البشر؟ قد يؤدي الملك مهمة البلاغ ولكن كيف يُؤدِّي مهمة القدوة والتطبيق العملي النموذجي؟ كيف ونحن نعلم أن الملائكة خَلْق جُبِلوا على طاعة الله:{  لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[التحريم: 6].ومن أين تأتيه منافذ الشهرة وهو لا يأكل ولا يشرب ولا يتناسل؟فلو جاء مَلَك برسالة السماء، وأراد أن ينهى قومه عن إحدى المعاصي، ماذا نتوقع؟ نتوقع أن يقول قائلهم: لا.. لا أستطيع ذلك، فأنت ملَك ذو طبيعة علوية تستطيع ترْك هذا الفعل، أما أنا فلا أستطيع.إذن: طبيعة الأُسْوة تقتضي أن يكون الرسول بشراً، حتى إذا ما أمر كان هو أول المؤتمرين، وإذا ما نهى كان هو أول المنتهين.

2-ومن هنا كان من امتنان الله على العرب، ومن فضله عليهم أنْ بعثَ فيهم رسولاً من أنفسهم:{  لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ… }[التوبة: 128].فهو أولاً من أنفسكم، وهذه تعطيه المباشرة، ثم هو بشر، ومن العرب وليس من أمة أعجمية.. بل من بيئتكم، ومن نفس بلدكم مكة ومن قريش؛ ذلك لتكونوا على علم كامل بتاريخه وأخلاقه وسلوكه، تعرفون حركاته وسكناته، وقد كنتم تعترفون له بالصدق والأمانة، وتأتمنونه على كل غَال ونفيس لديكم لعلمكم بأمانته، فكيف تكفرون به الآن وتتهمونه بالكذب؟!لذلك رَدَّ عليهم الحق تبارك وتعالى في آية أخرى فقال:{  وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً }[الإسراء: 94].فالذي صَدَّكم عن الإيمان به كَوْنه بشراً!!ثم نأخذ على هؤلاء مأخذاً آخر؛ لأنهم تنازلوا عن دعواهم هذه بأنْ يأتيَ الرسول من الملائكة وقالوا:{  لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }[الزخرف: 31].فهذا تردُّد عجيب من الكفار، وعدم ثبات على رأي مجرد لَجَاجة وإنكار، وقديماً قالوا: إنْ كنتَ كذوباً فكُنْ ذَكُوراً.ويرد عليهم القرآن:{  قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً }[الإسراء: 95] فلو كان في الأرض ملائكة لنزَّلنا لهم ملكاً حتى تتحقَّق الأُسْوة.إذن: لا بُدَّ في القدوة من اتحاد الجنس.. ولنضرب لذلك مثلاً: هَبْ أنك رأيتَ أسداً يثور ويجول في الغابة مثلاً يفترس كُلَّ ما أمامه، ولا يستطيع أحد أنْ يتعرَّض له.. هل تفكر ساعتها أن تصير أسداً؟ لا.. إنما لو رأيتَ فارساً يمسك بسيفه، ويطيح به رقاب الأعداء.. ألا تحب أن تكون فارساً؟ بلى أحب.فهذه هي القدوة الحقيقية النافعة، فإذا ما اختلف الجنس فلا تصلح القدوة.

3-وهنا يردُّ الحق تبارك وتعالى على افتراءات الكفار بقوله تعالى:{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ… } [النحل: 43].أي: أنك يا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لَسْتَ بَدْعاً في الرسل، فَمْن سبقوك كانوا رجالاً طيلة القرون الماضية، وفي موكب الرسالات جميعاً.وجاءتْ هنا كلمة { رِجَالاً } لتفيد البشرية أولاً كجنس، ثم لتفيد النوع المذكَّر ثانياً؛ ذلك لأن طبيعة الرسول قائمة على المخالطة والمعاشرة لقومه.. يظهر للجميع ويتحدث إلى الجميع.. أما المرأة فمبنية على التستُّر، ولا تستطيع أن تقوم بدور الأُسْوة للناس، ولو نظرنا لطبيعة المرأة لوجدنا في طبيعتها أموراً كثيرة لا تناسب دور النبوة، ولا تتمشَّى مع مهمة النبي، مثل انقطاعها عن الصلاة والتعبد لأنها حائض أو نُفَساء.كذلك جاءت كلمة { رِجَالاً } مُقيَّدة بقوله:{ نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ… } [النحل: 43].فالرسول رجل، ولكن إياك أنْ تقول: هو رجل مثْلي وبشر مثْلي.. لا هناك مَيْزة أخرى أنه يُوحَى إليه، وهذه منزلة عالية يجب أن نحفظها للأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

4-ثم يقول الحق سبحانه:{ فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل: 43].أي: إذا غابتْ عنكم هذه القضية، قضية إرسال الرسل من البشر ـ ولا أظنها تغيب ـ لأنها عامة في الرسالات كلها. وما كانت لتخفَى عليكم خصوصاً وعندكم أهل العلم بالأديان السابقة، مثل ورقة بن نوفل وغيره، وعندكم أهل السِّيَر والتاريخ، وعندكم اليهود والنصارى.. فاسألوا هؤلاء جميعاً عن بشرية الرسل.فهذه قضية واضحة لا تُنكر، ولا يمكن المخالفة فيها.. وماذا سيقول اليهود والنصارى؟.. موسى وعيسى.. إذنْ بشر.

5-وقوله تعالى:{ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل: 43].يوحي بأنهم يعلمون، وليس لديهم شَكٌّ في هذه القضية.. مثل لو قلتَ لمخاطبك: اسأل عن كذا إنْ كنت لا تعرف.. هذا يعني أنه يعرف، أما إذا كان في القضية شَكٌّ فنقول: اسأل عن كذا دون أداة الشرط.. إذن: هم يعرفون، ولكنه الجدال والعناد والاستكبار عن قبول الحق.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-مد منفصل:وَمَا أَرْسَلْنَا-نُوحِي إِلَيْهِمْ-فَاسْأَلُوا أَهْلَ

إدغام بغنة:رِجَالًا نُوحِي

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة النحل الاية 42

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 42

الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

تتحدث الايات عن:

-الحق تبارك وتعالى يريد أن يعطينا تشريحاً لحال المهاجرين، فقد ظُلِموا واضْطهِدوا وأُوذُوا في سبيل الله، ولم يفتنهم هذا كله عن دينهم، بل صبروا وتحملُّوا، بل خرجوا من أموالهم وأولادهم، وتركوا بلدهم وأرضهم في سبيل دينهم وعقيدتهم، حدث هذا منهم اتكالاً على أن الله تعالى لن يُضيِّعهم.

-اللهم نستودعك ان ندخل الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب امين امين امين يارب العالمين اللهم نستودعك ان تجعلنا من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين امين امين امين يارب العالمين

–أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسول الله -اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول: خذ بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أفضل، ثم قرأ هذه الآية: { لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} ، ثم وصفهم تعالى فقال: { الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون} أي صبروا على الأذى من قومهم متوكلين على اللّه الذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة.

تفسير الشيخ الشعراوى

1-الحق تبارك وتعالى يريد أن يعطينا تشريحاً لحال المهاجرين، فقد ظُلِموا واضْطهِدوا وأُوذُوا في سبيل الله، ولم يفتنهم هذا كله عن دينهم، بل صبروا وتحملُّوا، بل خرجوا من أموالهم وأولادهم، وتركوا بلدهم وأرضهم في سبيل دينهم وعقيدتهم، حدث هذا منهم اتكالاً على أن الله تعالى لن يُضيِّعهم.ولذلك جاء التعبير القرآني هكذا { صَبَرُواْ } بصيغة الماضي، فقد حدث منهم الصبر فعلاً، كأن الإيذاء الذي صبروا عليه فترة مضتْ وانتهت، والباقي لهم عِزّة ومنَعة وقوة لا يستطيع أحد أنْ يضطهدهم بعد ذلك، وهذه من البشارات في الأداء القرآني.

2-أما في التوكل، فقال تعالى في حقهم:{ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [النحل: 42]بصيغة المضارع لأن التوكُّل على الله حدث منهم في الماضي، ومستمرون فيه في الحاضر والمستقبل وهكذا يكون حال المؤمن.وبعد ذلك تكلَّم القرآن الكريم عن قضية وقف منها الكافرون أيضاً موقف العناد والمكابرة والتكذيب، وهي مسألة إرسال الرسل، فقال تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ}.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

—–

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة النحل الاية 41(ربح البيع يا صُهَيْب)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 41

وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ

أسباب نزول الاية

قوله عز وجل: { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ} الآية. [41].
نزلت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، بمكة: بلال، وصُهَيب، وخَبَّاب، وعمّار، و [أبي] جَنْدَل بن سُهَيل، أخذهم المشركون بمكة فعذّبوهم وآذوهم، فبَّوأهم الله تعالى المدينة بعد ذلك.

تتحدث الايات عن:

نعلم قصة صهيب رضي الله عنه ـ وكان رجلاً حداداً ـ لما أراد أنْ يهاجر بدينه، عرض الأمر على قريش: والله أنا رجل كبير السِّنِّ، إنْ كنت معكم فلن أنفعكم، وإنْ كنت مع المسلمين فلن أضايقكم، وعندي مال.. خذوه واتركوني أهاجر، فرضَوْا بذلك، وأخذوا مال صُهَيب وتركوه لهجرته. ولذلك قال له صلى الله عليه وسلم: ” ربح البيع يا صُهَيْب ” أي: بيعة رابحة

-{ والذين هاجروا في الله } لإقامة دينه { من بعدما ظلموا } بالأذى من أهل مكة وهم النبي صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وأصحابه { لنبوِّئَنهم } ننزلهم { في الدنيا } داراً { حسنة } هي المدينة { ولأجر الآخرة } أي الجنة { أكبر } أعظم { لو كانوا يعلمون } أي الكفار أو المتخلفون عن الهجرة ما للمهاجرين من الكرامة لوافقوهم.

-اللهم نستودعك ان ندخل الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب امين امين امين يارب العالمين اللهم نستودعك ان تجعلنا من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين امين امين امين يارب العالمين

–أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم رسول الله -اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

يخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته، الذين فارقوا الدار والإخوان والخلان رجاء ثواب اللّه وجزائه، وقد وعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدنيا والآخرة فقال: { لنبوئنهم في الدنيا حسنة} ، قال ابن عباس: المدينة، وقيل: الرزق الطيب، قاله مجاهد، ولا منافاة بين القولين، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم اللّه خيرا منها في الدنيا، فإن من ترك شيئا للّه عوضه اللّه بما هو خير له منه، وكذلك وقع، فإن اللّه مكن لهم في البلاد، وحكمهم على رقاب العباد، وصاروا أمراء حكاما وكل منهم للمتقين إماما، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا فقال: { ولأجر الآخرة أكبر} أي مما أعطيناهم في الدنيا { لو كانوا يعلمون} أي لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر اللّه لمن أطاعه واتبع رسوله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول: خذ بارك اللّه لك فيه، هذا ما وعدك اللّه في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أفضل، ثم قرأ هذه الآية: { لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}

تفسير الشيخ الشعراوى

1-المهاجرون قوم آمنوا بالله إيماناً صار إلى مرتبة من مراتب اليقين جعلتهم يتحمَّلون الأذى والظلم والاضطهاد في سبيل إيمانهم، فلا يمكن أن يُضحِّي الإنسان بماله وأهله ونفسه إلا إذا كان لأمر يقينيّ وقد جاءت هذه الآية بعد آية إثبات البعث الذي أنكره الكافرون وألحُّوا في إنكاره وبالغوا فيه بل وأقسموا على ذلك {وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ }[النحل: 38] وهم يعلمون أن من الخلق مَنْ يُسيء، ومنهم من يُحسِن، فهل يعتقدون ـ في عُرْف العقل ـ أن يتركَ الله من أساء ليُعربد في خَلْق الله دون أن يُجازيه؟ذلك يعني أنهم خائفون من البعث، فلو أنهم كانوا محسنين لَتَمنَّوا البعث، أمَا وقد أسرفوا على أنفسهم إسرافاً يُشفِقون معه على أنفسهم من الحساب والجزاء، فمن الطبيعي أنْ يُنِكروا البعث، ويلجأوا إلى تمنية أنفسهم بالأماني الكاذبة، ليطمئنوا على أن ما أخذوه من مظالم الناس ودمائهم وكرامتهم وأمنهم أمرٌ لا يُحاسبون عليه.وإذا كانوا قد أنكروا البعث، ويوجد رسول ومعه مؤمنون به يؤمنون بالبعث والجزاء إيماناً يصل إلى درجة اليقين الذي يدفعهم إلى التضحية في سبيل هذا الإيمان.. إذن: لا بُدَّ من وجود معركة شرسة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، معركة بين الحق والباطل.ومن حكمة الله تعالى أن ينشر الإسلام في بدايته بين الضعفاء، حتى لا يظن ظَانٌّ أن المؤمنين فرضوا إيمانهم بالقوة، لا.. هؤلاء هم الضعفاء الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، والكفار هم السادة.. إذن: جاء الإسلام ليعاند الكبارَ الصناديدَ العتاة.وكان من الممكن أن ينصرَ الله هؤلاء الضعفاء ويُعلي كلمة الدين من البداية، ولكن أراد الحق تبارك وتعالى أن تكون الصيحةُ الإيمانية في مكَّة أولاً؛ لأن مكة مركز السيادة في جزيرة العرب، وقريش هم أصحاب المهابة وأصحاب النفوذ والسلطان، ولا تقوى أيَّ قبيلة في الجزيرة أن تعارضها، ومعلوم أنهم أخذوا هذه المكانة من رعايتهم لبيت الله الحرام وخدمتهم للوافدين إليه.فلو أن الإسلام اختار بقعة غير مكة لَقَالوا: إن الإسلام استضعفَ جماعة من الناس، وأغرَاهم بالقول حتى آمنوا به. لا، فالصيحة الإسلاميةُ جاءت في أُذن سادة قريش وسادة الجزيرة الذين أمَّنهم الله في رحلة الشتاء والصيف، وهم أصحاب القوة وأصحاب المال.وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم ينصر الله دينه في بلد السادة؟ نقول: لا.. الصيحة في أذن الباطل تكون في بلد السادة في مكة، لكن نُصْرة الدين لا تأتي على يد هؤلاء السادة، وإنما تأتي في المدينة.وهذا من حكمة الله تعالى حتى لا يقول قائل فيما بعد: إن العصبية لمحمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في مكة فرضتْ الإيمان بمحمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لا بل يريد أن يكون الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي خلق العصبية لمحمد صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فجاء له بعصبية بعيدة عن قريش، وبعد ذلك دانتْ لها قريش نفسها.وما دامت هناك معركة، فمَن المطحون فيها؟ المطحون فيها هو الضعيف الذي لا يستطيع أنْ يحميَ نفسه وهؤلاء هم الذين ظُلِموا ظُلِموا في المكان الذي يعيشون فيه؛ ولذلك كان ولا بُدَّ أن يرفع الله عنهم هذا الظلم.وقد جاء رَفْع الظلم عن هؤلاء الضعفاء على مراحل.. فكانت المرحلة الأولى أن ينتقلَ المستضعفون من مكة، لا إلى دار إيمان تحميهم وتساعدهم على نَشْر دينهم، بل إلى دار أَمْن فقط يأمنون فيها على دينهم.. مجرد أَمْن يتيح لهم فرصة أداء أوامر الدين.ولذلك استعرض رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم البلاد كلها لينظر أيَّ الأماكن تصلح دار أَمْن يهاجر إليها المؤمنون بدعوته فلا يعارضهم أحد، فلم يجد إلا الحبشة؛ ولذلك قال عنها: ” إن بأرض الحبشة ملكاً لا يُظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه “.وتكفي هذه الصفة في ملك الحبشة ليهاجر إليه المؤمنون، ففي هذه المرحلة من نُصْرة الدين لا نريد أكثر من ذلك، وهكذا تمت الهجرة الأولى إلى الحبشة.

2-ثم يسَّر الله لدينه أتباعاً وأنصاراً التقوْا برسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وبايعوه على النُّصْرة والتأييد، ذلكم هم الأنصار من أهل المدينة الذين بايعوا رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عند العقبة ومَهَّدوا للهجرة الثانية إلى المدينة، وهي هجرةٌ ـ هذه المرة ـ إلى دار أَمْن وإيمان، يأمن فيها المسلمون على دينهم، ويجدون الفرصة لنشره في رُبُوع المعمورة.

3-ونقف هنا عند قوله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ… } [النحل: 41].ومادة هذا الفعل: هجر.. وهناك فَرْق بين هجر وبين هاجر:هجر: أن يكره الإنسانُ الإقامةَ في مكان، فيتركه إلى مكان آخر يرى انه خَيْرٌ منه، إنما المكان نفسه لم يكرهه على الهجرة.. أي المعنى: ترك المكان مختاراً.أما هاجر: وهي تدل على المفاعلة من الجانبين، فالفاعل هنا ليس كارهاً للمكان، ولكن المفاعلة التي حدثتْ من القوم هي التي اضطرتْه للهجرة.. وهذا ما حدث في هجرة المؤمنين من مكة؛ لأنهم لم يتركوها إلى غيرها إلاَّ بعد أن تعرضوا للاضطهاد والظُلْم، فكأنهم بذلك شاركوا في الفعل، فلو لم يتعرَّضوا لهم ويظلموهم لما هاجروا.ولذلك قال الحق تبارك وتعالى:{ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ… } [النحل: 41].وينطبق هذا المعنى على قول المتنبي:

إِذَا ترحلْتَ عن قَوْمٍ وَقَدْ قَدَرُوا   ألاَّ تُفارِقهم فَالرَّاحِلُون هُمُوا

يعني: إذا كنت في جماعة وأردْتَ الرحيل عنهم، وفي إمكانهم أن يقدموا لك من المساعدة ما يُيسِّر لك الإقامة بينهم ولكنهم لم يفعلوا، وتركوك ترحل مع مقدرتهم، فالراحلون في الحقيقة هم، لأنهم لم يساعدوك على الإقامة.كذلك كانت الحال عندما هاجر المؤمنون من مكة؛ لأنه أيضاً لا يعقل أن يكره هؤلاء مكة وفيها البيت الحرام الذي يتمنى كل مسلم الإقامة في جواره.إذن: لم يترك المهاجرون مكة، بل اضطروا إلى تركها وأجبروا عليه، وطبيعي إذن أن يلجأوا إلى دار أخرى حتى تقوى شوكتهم ثم يعودون للإقامة ثانية في مكة إقامة طبيعية صحيحة.

4-ثم إن الحق تبارك وتعالى قال:{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ} [النحل: 41].ونلاحظ في الحديث الشريف الذي يوضح معنى هذه الآية: ” فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه “ فما الفرق هنا بين: هاجر في الله، وهاجر إلى الله؟هاجر إلى مكان تدل على أن المكان الذي هاجر إليه افضل من الذي تركه وكأن الذي هاجر منه ليس مناسباً له أما هاجر في الله فتدل على أن الإقامة السابقة كانت أيضاً في الله إقامتهم نفسها في مكة وتحمُّلهم الأذى والظلم والاضطهاد كانت أيضاً في الله أما لو قالت الآية ” هاجروا إلى الله ” لدلَّ ذلك على أن إقامتهم الأولى لم تكن لله إذن: معنى الآية:{ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ [النحل: 41].أي: أن إقامتهم كانت لله، وهجرتهم كانت لله.ومثل هذا قوله تعالى:{  وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ… }[آل عمران: 133].أي: إذا لم تكونوا في مغفرة فسارعوا إلى المغفرة، وفي الآية الأخرى:{  يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ.. }[المؤمنون: 61].ذلك لأنهم كانوا في خير سابق، وسوف يسارعون إلى خير آخر.. أي: أنتم في خير ولكن سارعوا إلى خير منه.وهناك ملمح آخر في قوله تعالى:{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ.. } [النحل: 41].نلاحظ أن كلمة ” الذين ” جمع.. لكن هل هي خاصة بمَنْ نزلت فيهم الآية؟ أم هي عامة في كُلِّ مَنْ ظُلِم في أيِّ مكان ـ في الله ـ ثم هاجر منه؟الحقيقة أن العبرة هنا بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهي عامة في كل مَنْ انطبقت عليه هذه الظروف، فإن كانت هذه الآية نزلت في نفر من الصحابة منهم: صُهيب، وعمار، وخباب، وبلال، إلا أنها تنتظم غيرهم مِمَّن اضطروا إلى الهجرة فِراراً بدينهم.” ونعلم قصة صهيب رضي الله عنه ـ وكان رجلاً حداداً ـ لما أراد أنْ يهاجر بدينه، عرض الأمر على قريش: والله أنا رجل كبير السِّنِّ، إنْ كنت معكم فلن أنفعكم، وإنْ كنت مع المسلمين فلن أضايقكم، وعندي مال.. خذوه واتركوني أهاجر، فرضَوْا بذلك، وأخذوا مال صُهَيب وتركوه لهجرته. ولذلك قال له صلى الله عليه وسلم: ” ربح البيع يا صُهَيْب ” أي: بيعة رابحة.ويقول له عمر ـ رضي الله عنه: ” نِعْم العبدُ صُهيب، لو لم يخَفِ الله لم يَعْصِه “.وكأن عدم عصيانه ليس خوفاً من العقاب، بل حُبّاً في الله تعالى، فهو سبحانه لا يستحق أنْ يُعصى.

5-ثم يقول الحق تبارك وتعالى:{ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً.. } [النحل: 41].نُبوِّئ، مثل قوله تعالى:{  وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ.. }[الحج: 26].أي: بيَّنا له مكانه، ونقول: باء الإنسان إلى بيته إذا رجع إليه، فالإنسان يخرج للسعي في مناكب الأرض في زراعة أو تجارة، ثم يأوي ويبوء إلى بيته، إذن: باء بمعنى رجع، أو هو مسكن الإنسان، وما أعدَّه الله له.فإنْ كان المؤمنون سيخرجون الآن من مكة مغلوبين مضطهدين فسوف نعطيهم ونُحِلهم ونُنزِلهم منزلةً أحسن من التي كانوا فيها، فقد كانوا مُضطهدين في مكة، فأصبحوا آمنين في المدينة، وإنْ كانوا تركوا بلدهم فسوف نُمهّد لهم الدنيا كلها ينتشرون فيها بمنهج الله، ويجنُون خير الدنيا كلها، ثم بعد ذلك نُرجعهم إلى بلدهم سادة أعزَّة بعد أن تكون مكة بلداً لله خالصة من عبادة الأوثان والأصنام.. هذه هي الحسنة في الدنيا.

6-ثم يقول تعالى:{ وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ.. } [النحل: 41].ما ذكرناه من حسنة الدنيا وخيرها للمؤمنين هذا من المعجِّلات للعمل، ولكن حسنات الدنيا مهما كانت ستؤول إلى زوال، إما أنْ تفارقها، وإما أن تُفارقك، وقد أنجز الله وَعْده للمؤمنين في الدنيا، فعادوا منتصرين إلى مكة، بل دانتْ لهم الجزيرة العربية كلها بل العالم كله، وانساحوا في الشرق في فارس، وفي الغرب في الرومان، وفي نصف قرن كانوا سادة العالم أجمع.وإنْ كانت هذه هي حسنة الدنيا المعَجَّل فهناك حسنة الآخرة المؤجلة:{ وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ } [النحل: 41].أي: أن ما أعدَّ لهم من نعيم الآخرة أعظم مما وجدوه في الدنيا.ولذلك كان سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ إذا أعطى أحد الصحابة نصيب المهاجرين من العطاء يقول له: ” بارك الله لك فيه.. هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة اكبر من هذا “. فهذه حسنة الدنيا.{ وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ.. } [النحل: 41].وساعة أنْ تسمع كلمة (أكبر) فاعلم أن مقابلها ليس أصغر أو صغير، بل مقابلها (كبير) فتكون حسنة الدنيا التي بوَّأهم الله إياها هي (الكبيرة)، لكن ما ينتظرهم في الآخرة (أكبر) وكذلك قد تكون صيغةُ أفعل التفضيل أقلَّ في المدح من غير أفعل التفضيل فمن أسماء الله الحسنى (الكبير) في حين أن الأكبر صفةٌ من صفاته تعالى، وليس اسماً من أسمائه، وفي شعار ندائنا لله نقول: الله اكبر ولا نقول: الله كبير.. ذلك لأن كبير ما عداه يكون صغيراً.. إنما أكبر، ما عداه يكون كبيراً، فنقول في الأذان: الله أكبر لأن أمور الدنيا في حَقِّ المؤمن كبيرة من حيث هي وسيلة للآخرة.فإياك أنْ تظنَّ أن حركةَ الدنيا التي تتركها من أجل الصلاة أنها صغيرة، بل هي كبيرة بما فيها من وسائل تُعينك على طاعة الله، فبها تأكل وتشرب وتتقوَّى، وبها تجمع المال لِتسُدَّ به حاجتك، وتُؤدِّي الزكاة إلى غير ذلك، ومن هنا كانت حركة الدنيا كبيرة، وكانت الصلاة والوقوف بين يدي الله أكبر.ولذلك حينما قال الحق تبارك وتعالى:{  يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ.. }[الجمعة: 9].أخرجنا بهذا النداء من عمل الدنيا وحركتها، ثم قال:{  فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ… }[الجمعة: 10].فأمرنا بالعودة إلى حركة الحياة؛ لأنها الوسيلةُ للدار الآخرة، والمزرعة التي نُعد فيها الزاد للقاء الله تعالى.. إذن: الدنيا أهم من أنْ تُنسَى من حيث هي معونة للآخرة، ولكنها أتفَهُ من أن تكونَ غاية في حَدِّ ذاتها.

7-ثم يقول الحق سبحانه: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [النحل: 41].الخطاب هنا عن مَنْ؟ الخطاب هنا يمكن أن يتجه إلى ثلاثة أشياء:يمكن أنْ يُراد به الكافرون ويكون المعنى لو كانوا يعلمون عاقبة الإيمان وجزاء المؤمنين لآثروه على الكفر.ويمكن أنْ يُراد به المهاجرون ويكون المعنى لو كانوا يعلمون لازدادوا في عمل الخير وأخيراً قد يُرَاد به المؤمن الذي لم يهاجر ويكون المعنى لو كان يعلم نتيجة الهجرة لسارع إليها.وهذه الأوجه التي يحتملها التعبير القرآني دليل على ثراء الأداء وبلاغة القرآن الكريم، وهذا ما يسمونه تربيب الفوائد.ثم يقول الحق سبحانه: { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ}.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

-إدغام بغنة:حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ

-إقلاب:مِنْ بَعْدِ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين