تفسير سورة الحجر الاية 99

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 99

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

تتحدث الاية عن:

-العبادة هي إطاعة العابد لأوامر المعبود إيجاباً أو سَلْباً، وتطبيق ” افعل ” و ” لا تفعل ” 

-النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : (ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). 

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك  وطيب النية والعمل أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-قوله: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} ، قال البخاري عن سالم بن عبد اللّه { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} قال: الموت وهكذا روي عن مجاهد والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم أنهم فسروا اليقين بالموت , والدليل على ذلك قوله تعالى إخباراً عن أهل النار أنهم قالوا: { وكنا نكذب بيوم الدين , حتى أتانا اليقين} . وفي الصحيح: (أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير) قاله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات، فقالت أم العلاء: رحمة اللّه عليك، فشهادتي عليك لقد أكرمك اللّه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (وما يدريك أن اللّه أكرمه) الحديث . ويستدل بهذه الآية الكريمة وهي قوله: { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتاً فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم، وهذا كفر وضلال وجهل، فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا – هم وأصحابهم – أعلم الناس باللّه وأعرفهم بحقوقه وصفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا أكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة؛ وإنما المراد باليقين ههنا الموت، كما قدمناه، وللّه الحمد والمنة. سورة النحل بسم اللّه الرحمن الرحيم.  

تفسير القرطبى

1-فيه مسألة واحدة : وهو أن اليقين الموت. أمره بعبادته إذ قصر عباده في خدمته، وأن ذلك يجب عليه. فإن قيل : فما فائدة قوله { حتى يأتيك اليقين} وكان قوله { واعبد ربك} كافيا في الأمر بالعبادة. قيل له : الفائدة في هذا أنه لو قال { واعبد ربك} مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا؛ وإذا قال { حتى يأتيك اليقين} كان معناه لا تفارق هذا حتى تموت. فإن قيل : كيف قال سبحانه { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} ولم يقل أبدا؛ فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله : أبدا؛ لاحتمال لفظ الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد. وقد تقدم هذا المعنى. والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. ويتركب على هذا أن الرجل إذا قال لامرأته : أنت طالق أبدا، وقال : نويت يوما أو شهرا كانت عليه الرجعة. ولو قال : طلقتها حياتها لم يراجعها. والدليل على أن اليقين الموت حديث أم العلاء الأنصارية، وكانت من المبايعات، وفيه : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (أما عثمان – أعني عثمان بن مظعون – فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به) وذكر الحديث. انفرد بإخراجه البخاري رحمه الله وكان عمر بن عبدالعزيز يقول : ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم لا يستعدون له؛ يعني كأنهم فيه شاكون. وقد قيل : إن اليقين هنا الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك؛ قال ابن شجرة؛ والأول أصح، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن. والله أعلم. وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قال : (ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).

تفسير الشيخ الشعراوى

1-ونعرف أن العبادة هي إطاعة العابد لأوامر المعبود إيجاباً أو سَلْباً، وتطبيق ” افعل ” و ” لا تفعل ” ، وكثيرٌ من الناس يظنون أن العبادة هي الأمور الظاهرية في الأركان الخمسة من شهادة أن لا إله إلا الله، وإقامة الصلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان؛ وحِجّ البيت لِمَن استطاع إليه سبيلاً.ونقول: لا، فهذه هي الأُسس التي تقوم عليها العبادة. أي: أنها البِنْية التي تقوم عليها بقية العبادة، وهكذا تصبح العبادة هي، كُل ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، أي: أن حركة الحياة كلها ـ حتى كَنْس الشوارع، وإماطة الأذى عن الطريق ـ هي عبادة، كل ما يُقصد به نَفْع الناس عبادة، كي لا يصبح المسلمون عالة على غيرهم.وفي إقامة الأركان إظهارٌ لقوة المسلمين، حين يُظهِرون كامل الولاء لله بإقامة الصلاة خمس مرات في اليوم الواحد، فيترك المسلم عمله فَوْر أنْ يسمع النداء بـ ” الله أكبر ” فيخرج المسلم من صراعات الحياة، ويعلن الولاء للخالق المنعم.وحين يصوم المسلم شهراً في السنة؛ فهو يُعلِن الولاء للخالق الأكرم، ويصوم عن أشياء كثيرة كانت مُبَاحة؛ وأوَّل ما يأتي موعد الإمساك من قَبْل صلاة الفجر بقليل؛ فهو يمتنع فوراً.وهذا الامتثال لأوامر الحق سبحانه يُذكِّرك بنعمه عليك؛ فأنت في يومك العادي لا تقرب المُحرَّمات التي أخذتْ وقتاً أثناء بدايات الدين إلى أن امتنع عنها المسلمون، فلا أحدَ من المسلمين يُفكِّر في شُرْب الخمر؛ ولا أحدَ منهم يُفكِّر في لعب المَيْسِر، وانطبعتْ تلك الأمور؛ وصارتْ عادة سلوكية في إلْف ورتَابة عند غالبية المسلمين مِمَّنْ يُنفِّذون شريعة الله، ويُطبّقون ” افعل ” و ” لا تفعل “.وعندما يأتي الصوم فأنت تمتنع عن أشياء هي حلال لك طوال العالم، وتقضي أي نهار في رمضان ونفسُك تستشرف سماع أذان المغرب لِتُفطر.وهكذا تمتثل للأمر بالامتناع والإمساك والأمر بالإفطار، وذلك لِيعُوّدك على الكثير من الطاعات التي تصير عند المؤمنين عادةً؛ وسبحانه يريد أنْ يُديم عليك لذَّة التكليف العبادي.

2-وبعْضٌ من الناس يذهبون مذاهب الخطأ عندما يفسرون بأهوائهم قوله الحق:{ وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } [الحجر: 99].ويقول الواحد من هؤلاء مخادعاً الغير ” لقد وصلت إلى مرتبة اليقين ” ، ويمتنع عن أداء الفروض من صلاة وصوم وزكاة وحِجِّ إلى بيت الله الحرام رغم استطاعته، ويدَّعِي أن التكليف قد سقط عنه؛ لأن اليقين قد وصله.ونقول لمن يدَّعي ذلك: أَتُخادع الله ورسوله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ؟ وكُلُّنا يعلم أن رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ظَلَّ يُؤدِّي الفرائض حتى آخر يوم في حياته. وكُلُّنا يعلم أن اليقين المُتفق عليه والمُتيقن من كل البشر، ولا خلافَ عليه أبداً هو الموت.أما اليقين بالغيبيات فهو من خُصوصيات المؤمن؛ فما أنْ بلغه أمرها من القرآن فقد صَدَّقها، ولم يسأل كيف يتأتَّى أمرُها. والمثَلُ الواضح هو سيدنا أبو بكر الصديق علية السلام حينما كانوا يُحدِّثونه بالأمر الغريب من رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فكان يقول ” مادام قد قال فقد صدق “.أما الكافر ـ والعياذ بالله ـ فهو يشكُّ في كل شيء غيبيّ أو حتى ماديّ ما لم يكن محسوساً لديه، ولكن ما أنْ يأتيه الموت حتى يعلمَ أنه اليقين الوحيد.ولذلك نجد عمر بن عبد العزيز يقول: ” ما رأيت يقيناً أشبه بالشكِّ من يقين الناس بالموت “.وكلنا نتيقن أننا سوف نموت؛ لكِنَّا نُزحزِح مسألة اليقين هذه بعيداً عَنَّا رَغْم أنها واقعةٌ لا محالةَ. فإذا ما جاء الموت، نقول: ها هي اللحظة التي لا ينفع فيها شيء إلا عمل الإنسان إنْ كان مؤمناً مُؤدِّياً لحقوق الله.ولذلك أقول دائماً: إن اليقين هو تصديق الأمر تصديقاً مؤكداً، بحيث لا يطفو إلى الذهن لِيُناقش من جديد، بعد أن تكون قد علمته من مصادر تثق بصدق ما تَبلغك به.أما عَيْن اليقين؛ فهي التي ترى الحدث فتتيقّنه، أو هو أمر حقيقيّ يدخل إلى قلبك فَتُصدقه، وهكذا يكون لليقين مراحل: أمر تُصدِّقه تَصديقاً جازماً فلا يطفو إلى الذهن لِيُناقَش من جديد، وله مصادر عِلْم مِمَّنْ تثق بصدقه، أو: إجماع من أناس لا يجتمعون على الكذب أبداً؛ وهذا هو ” علم اليقين “؛ فإنْ رأيتَ الأمر بعينيك فهذا هو حق اليقين.والمؤمن يُرتِّب تصديقه وتيقّنه على ما بلغه من رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.وها هو الإمام عليّ ـ كرَّم الله وجهه وأرضاه ـ يقول: ” ولو أن الحجاب قد انكشف عن الأمور التي حدثنا بها رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم غيباً ما ازددتُ يقيناً “.” وها هو سيدنا حارثة ـ رضي الله عنه ـ يقول: ” كأنِّي أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون، فيقول له رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” عرفت فالزم “. وذلك هو اليقين كما آمنَ به صحابة رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

—-

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين

تفسير سورة الحجر الاية 98

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم الاية 98

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ

تتحدث الاية عن:

-فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ –سبحان الله وبحمدة سبحان الله العظيم

–كان رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إذا حزبه أمر صلى.

–اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك

-اللهم أرزقنى حسن الظن بك وصدق التوكل عليك أمين أمين أمين يارب العالمين

– اللهم انى استودعك العيش والموت عند بيتك الحرام والمسجد النبوى الشريف صل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم يارب البيت ابنى لى عندك بيتا فى الجنة وارزقنى الزوج الصالح والصحبة الصالحة فى الدنيا والاخرة اللهم اهدينا لكل ما تحب وترضى  امين امين امين يارب العالمين

-لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك

تفسير ابن كثير

1-ولهذا قال: { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} ، ولهذا كان رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم إذا حزبه أمر صلى.

تفسير القرطبى

1-قوله تعالى { فسبح} أي فافزع إلى الصلاة، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس. وذلك تفسير لقوله { وكن من الساجدين} لا خفاء أن غاية القرب في الصلاة حال السجود، كما قال رسول الله صل الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء). 

تفسير الشيخ الشعراوى

1-وهكذا يمكن أن تُذْهب عنك أيَّ ضيق، أن تسبح الله. وإذا ما جافاكَ البِشْر أو ضايقك الخَلْق؛ فاعلم أنك قادر على الأُنْس بالله عن طريق التسبيح؛ ولن تجد أرحم منه سبحانه، وأنت حين تُسبِّح ربك فأنت تُنزِّهه عن كُلِّ شيء وتحمده، لتعيش في كَنَف رحمته.ولذلك نجده سبحانه يقول في موقع آخر:{  فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [الصافات: 143-144].ولذلك إذا ضاق صدرك في الأسباب فاذهب إلى المُسبِّب.ونحن دائماً نقرن التسبيح بالحمد، فالتنزيه يكون عن النقائص في الذات أو في الصفات أو في الأفعال، وسبحانه كاملٌ في ذاته وصفاته وأفعاله، فذاتُه لا تُشْبِه أيَّ ذات، وصفاته أزلية مُطْلقة، أما صفات الخَلْق فهي موهبة منه وحادثة.وأفعال الحق لا حاكمَ لها إلا مشيئته سبحانه، ولذلك نجده جَلَّ وعَلا يقول في مسألة التسبيح:{  سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا} [يس: 36] وهو القائل: { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } (الروم: 17]وكُلٌّ من المساء والصباح آية منه سبحانه؛ فحين تغيب الشمس، فهذا إذْنٌ بالراحة، وحين تصبح الشمس فهذا إِذْنٌ بالانطلاق إلى العمل، وتسبيح المخلوق للخالق هو الأمر الذي لا يشارك اللهَ فيه أحدٌ من خَلْقه أبداً.فكأن سَلْوى المؤمن حين تضيق به أسباب الحياة أنْ يفزَع إلى ربه من قسوة الخَلْق؛ ليجد الراحة النفسية؛ لأنه يَأْوي إلى رُكْن شديد.ونجد بعضاً من العارفين بالله وهم يشرحون هذه القضية ليوجدوا عند النفس الإيمانية عزاءً عن جَفْوة الخَلْق لهم؛ فيقولون: ” إذا أوحشك من خَلْقه فاعلم أنه يريد أن يُؤنسك به “.وأنت حين تُسبِّح الله فأنت تُقِرّ بأن ذاته ليستْ كذاتِك، وصفاته ليست كصفاتك، وأفعاله ليست كأفعالك؛ وكل ذلك لصالحك أنت؛ فقدرتك وقدرة غيرك من البشر هي قدرة عَجْز وأغيار؛ أما قدرته سبحانه فهي ذاتية فيه ومُطْلقة وأَزلية، وهو الذي يأتيك بكُل النِّعم.ولهذا فعليك أنْ تصحبَ التنزيه بالحمد، فأنت تحمد ربك لأنه مُنزَّه عن أنْ يكونَ مثلك، والحمد لله واجب في كل وقت؛ فسبحانه الذي خلق المواهب كلها لِتخدُمَك، وحين ترى صاحب موهبة وتغبطه عليها، وتحمد الله أنه سبحانه قد وهبه تلك الموهبة؛ فخيْرُ تلك النعمة يصِل إليك.وحين تُسبِّح بحمد الله؛ فسبحانه لا يُخلِف وَعْده لك بكل الخير؛ فَكُلُّنا قد نُخلِف الوعد رغماً عَنَّا، لأننا أغيار؛ أما سبحانه فلا يُخلِف وعده أبداً؛ ولذلك تغمرك النعمة كلما سبَّحْتَ الله وحمدته.

2-وزِدْ خضوعاً للمُنْعِم، فاسجُدْ امتثالاً لأمره تعالى:{ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } [الحجر: 98].فالسجود هو المَظْهر الواسع للخضوع، ووجه الإنسان ـ كما نعلم ـ هو ما تظهر به الوجاهة؛ وبه تَلْقَى الناس؛ وهو أول ما تدفع عنه أيَّ شيء يُلوِّثه أو ينال من رضاك عنه.ومَنْ يسجد بأرقى ما فيه؛ فهذا خضوع يُعطي عِزّة، ومَنْ يخضع لله شكراً له على نعمه فسبحانه يعطيه من العزة ما يكفيه كل أَوْجُه السجود، وكُلُّنا نذكر قَوْل الشاعر:

وَالسُّجـود الذِي تَـْجتـوِيه فِـيهِ     مِـْن أُلـوفِ السُّـجـودِ نَـَجـاةٌ

والسجود هو قمة الخضوع للحق سبحانه. والإنسان يكره لفظ العبودية؛ لأن تاريخ البشرية حمل كثيراً من المظالم نتيجة عبودية البشر للبشر. وهذا النوع من العبودية يعطي ـ كما نعلم ـ خَيْر العبد للسيد؛ ولكن العبوديةَ لله تعطي خَيْره سبحانه للعباد، وفي ذلك قِمَّة التكريم للإنسان.ويقول سبحانه من بعد ذلك: { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ… }.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

—-

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب العالمين