تفسير سورة النساء الاية 117

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 117

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا

ملخص الاية :

الشيطان (اعوذ بالله منة) المريد هو المتمرد الذي لا تستطيع الإمساك به.

تتحدث الاية عن:

1-و ” إن ” هنا بمعنى ما، فـ ” إن ” مرة تكون شرطية، ومرة تكون نافية. مثل قوله في موقع آخر:
{  إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ } [المجادلة: 2]
أي إن الحق يقول: { إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ }. وكذلك ” إنْ ” في قوله: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } ، وكان العرب ينسبون إلى المرأة كل ما هو هيّن وضعيف ولذلك قال الحق:

{  أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [الزخرف: 18]
فالإناث في عرف العرب لا تستطيع النصر أو الدفاع، ولذلك يقول الشاعر:

وما أدرى ولست أخال أدرى     أقوم آل حصن أم نساء

والقوم هنا مقصود بهم الرجال لأنهم يقومون لمواجهة المشكلات فلماذا تدعون مع الله إناثاً؟. هل تفعلون ذلك لأنها ضعيفة، أو لأنكم تقولون: إن الملائكة بنات الله؟. وكانوا يعبدون الملائكة. وعندما تريدون القسمة لماذا تجعلون لله بنات؟. على الرغم من أنه سبحانه خلق البنين والبنات.ولذلك قال الحق:
{  تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [النجم: 22]
أي قسمة جائرة لم يراع فيها العدل.وعندما ننظر إلى الأصنام كلها نجد أن أسماءها أسماء مؤنثة:

{  أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [النجم: 19-20]
وكذلك كان هناك صنم اسمه ” إساف ” و ” نائلة ” ، فهل هذه الأصنام إناث؟ وكيف تدعون النساء والنساء لا ينصرن ولا ينفعن؟. وهل ما تعبدون من دون الله أصنام بأسماء إناث، أو هي نساء، أو هي ملائكة؟

2-والحق يقول: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } والأسلوب هنا أسلوب قطع. أي ما يدعون إلا إناثاً، تماماً مثلما نقول ” ما أكرم إلا زيداً ” وهذا نفي الإكرام لغير زيد، وإثبات للإكرام لزيد. فساعة يقول الحق: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } فغير الإناث لا يدعونهم، ولذلك يعطف عليها الحق: { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً }.واستخدم الحق سبحانة وتعالى في صدر الآية أسلوب القصر، وأسلوب القصر معناه أن يقصر الفعل على المقصور عليه لا يتعداه إلى غيره؛ فهم يعبدون الإناث، هذا اقصر أول، ثم قصر ثانٍ هو قوله الحق: { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً }.وكان خدم الأصنام يدعون أن في جوف كل صنم شيئاً يتكلم إليهم؛ لذلك كان لا بد أن يكون في جوف كل صنم شيطان يكلمهم.. وكان ذلك لوناً من الخداع، فالشياطين أعوذ بالله منهم ليست جنّاً فقط ولكن من الإنس أيضاً.فهناك سدنة وخدم يقومون على خدمة الآلهة ويريدون أن يجعلوا للآلهة سلطاناً ونفوذاً حتى يأتي الخير للآلهة كالقرابين والنذور ويسعد السدنة بذلك؛ لذلك كانوا يستأجرون واحداً له صوت أجش يتكلم من وراء الصنم ويقول: اذبحوا لي كذا. أو هاتوا لي كذا. تماماً كما يحدث من الدجالين حتى يثبتوا لأنفسهم سلطاناً.وهكذا كان الذي يتكلم في جوف هذه الأصنام إما شيطان من الجن، وإمّا شيطان من الإنس. والشيطان من ” الشطن ” وهو ” البعد “.(اعوذ بالله منهم)

3-ووصف الشيطان  اعوذ بالله منة بأنه مريد يتطلب منا أن نعرف أن هناك كلمة ” مارد ” وكلمة ” مريد “. وكل الأمور التي تغيب عن الحس مأخوذة من الأمور الحسية. وعندما نمسك مادة ” الميم والراء والدال ” نجد كلمات مثل ” أمرد ” و ” امرأة مرداء ” و ” شجرة مرداء ” ، و ” صرح ممرد “.إن المادة كلها تدور حول الملمس الأملس. فأمرد تعني أملس؛ أي أن منابت الشعر فيه ناعمة. وصرح ممرد كصرح بلقيس أي صرح مصقول صقلاً ناعما لدرجة أنها اشتبهت في أنه ماء، ولذلك كشفت عن ساقيها خوفاً أن يبتل ثوبها. والشجرة المرداء هي التي لا يمكن الصعود عليها من فرط نعومة ساقها تماماً كالنخلة فإنه لا تبقى عليها الفروع، ولذلك يدقون في ساق هذه النخلة بعض المسامير الكبيرة حتى يصعدوا عليها.والشيطان اعوذ بالله منة المريد هو المتمرد الذي لا تستطيع الإمساك به. إذن. فـ ” مارد ” و ” مريد ” و ” ممرد ” و ” مرداء ” و ” أمرد ” ، كلها من نعومة الملمس.

4-{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً }.وعندما يحاول العصاة الإمساك بالشيطان (اعوذ بالله منة )في الآخرة يقول لهم:{  وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } [إبراهيم: 22]
وهو بذلك يتملص من الذين اتبعوه؛ لأنه لم يكن يملك قوة إقناع أو قوة قهر، فقط نادى بعضاً من الخلق فزاغت أبصارهم واتبعوه من فرط غبائهم.والشيطان  اعوذ بالله منة موصوف بأن الله طرده من رحمته. فالحق يقول: { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ… }

5-أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا صلى الله علية وسلم رسول الله

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة:إِنْ يَدْعُونَ-إِنَاثًا وَإِنْ-شَيْطَانًا مَرِيدًا 

مد منفصل: إِلَّا إِنَاثًا

مد صلة كبرى: دُونِهِ إِلَّا

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 116

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 116

إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا

ملخص الاية :

قد نجد عبداً يريد أن يرتكب الذنب فيلتمس له وجه حل، كقول بعضهم: إن الربا ليس حراماً. هذا هو رد الحكم على الله. أما العبد الذي يقول: إنني أعرف أن الربا حرام ولكن ظروفي قاسية وضروراتي ملحة. فهو عبد عاصٍ فقط لا يرد الحكم على الله، ومن يرد الحكم على الله هو – والعياذ بالله – كافر

-وقوله: { ومن يشرك باللّه فقد ضل ضلالا بعيداً} أي فقد سلك غير الطريق الحق وضل عن الهدى وبعد عن الصواب وأهلك نفسه، وخسرها في الدنيا والآخرة، وفاتته سعادة الدنيا والآخرة

تتحدث الاية عن:

1-والحق هنا يتكلم عن إنسان لم تحدث له توبة عن الشرك فيؤمن؛ لأن الإيمان يَجُبُّ ما قبله أي يقطع ما كان قبله من الكفر والذنوب التي لا تتعلق بحقوق الآخرين كظلم العباد بعضهم بعضا. ومن عظمة الإيمان أن الإنسان حين يؤمن بالله وتخلص النية بهذا الإيمان، وبعد ذلك جاءه قدر الله بالموت، فقد يعطيه سبحانه نعيما يفوق من عاش مؤمنا لفترة طويلة قد يكون مرتكباً فيها لبعض السيئات فينال عقابها.مثال ذلك ” مخيريق ” فحينما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  إلى أحد قال مخيريق لليهود: ألا تنصرون محمداً صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم فقالوا: اليوم يوم سبت فقال: لا سبت. وأخذ سيفه ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة (أي لا يستطيع أن يقوم معها) فلما حضره الموت قال: أموالي إلى محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يضعها حيث شاء. فلم يصل في حياته ركعة واحدة ومع ذلك نال مرتبة الشهيد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” مخيريق سائق يهود وسلمان سائق فارس وبلال سائق الحبشة “.

2-وسبحانه يبلغنا هنا: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } ولله المثل الأعلى نرى في حياتنا مجتمعاً قد تقوم فيه ثورة أو انقلاب، ونجد قادة الثورة أو الانقلاب يرون واحداً يفعل ما شاء له فلا يقتربون منه إلى أن يتعرض للثورة بالنقد أو يحاول أن يصنع انقلابا، هنا تتم محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، فما بالنا بالذي يخرج عن نطاق الإيمان كلية ويشرك بالله؟ سبحانه لا يغفر ذلك أبداً، ولكنه يغفر ما دون ذلك، ومن رحمة الله بالخلق أن احتفظ هو بإرادة الغفران حتى لا يصير الناس إلى ارتكاب كل المعاصي. ولكن لا بد من توبة العبد عن الذنب. ونعلم أن العبد لا يتم طرده من رحمة الله لمجرد ارتكاب الذنب. ونعلم أن هناك فرقاً بين من يأتي الذنب ويفعله ويقترفه وهو يعلم أنه مذنب وأن حكم الله صحيح وصادق، لكن نفسه ضعفت، والذي يرد الحكم على الله. وقد نجد عبداً يريد أن يرتكب الذنب فيلتمس له وجه حل، كقول بعضهم: إن الربا ليس حراماً. هذا هو رد الحكم على الله. أما العبد الذي يقول: إنني أعرف أن الربا حرام ولكن ظروفي قاسية وضروراتي ملحة. فهو عبد عاصٍ فقط لا يرد الحكم على الله، ومن يرد الحكم على الله هو – والعياذ بالله – كافر.

3-{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } ولننتبه إلى أن بعض المستشرقين الذين يريدون أن يعيشوا في الأرض فساداً.ولكنهم بدون أن يدروا ينشرون فضيلة الإسلام، وهم كما يقول الشاعر:

وإذا أراد الله نشر فضيلة     طويت أتاح لها لسان حسود

وحين يتكلمون في مثل هذه الأمور يدفعون أهل الإيمان لتلمس وجه الإعجاز القرآني وبلاغته.إنهم يقولون: بَلَّغ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قومه { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } لكن يبدو أن السهو قد غلبه فقال في آية أخرى:
{  قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر: 53]
هم يحاولون نسبة القرآن إلى محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لا إلى الله. ويحاولون إيجاد تضارب بين الآيتين الكريمتين. ونقول رداً عليهم: إن الواحد منكم أمي ويجهل ملكة اللغة، فلو كانت اللغة عندكم ملكة وسليقة وطبيعة لفهم الواحد منكم قوله الحق:

{  قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر: 53]
وكان الواجب أن يفهم الواحد منكم أن الشرك مسألة أكبر من الذنب؛ فالذنب هو أن يعرف الإنسان قضية إيمانية ثم يخالفها، ولكن المشرك لا يدخل في هذا الأمر كله؛ لأنه كافر في القمة. ولذلك فلا تناقض ولا تعارض ولا تخالف بين الآيتين الكريمتين. والمستشرقون إنما هم قوم لا يفقهون حقيقة المعاني القرآنية.

4-{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }. والمشرك مهما أخذ من متع لحياته فحياته محدودة، فإن بقيت له المتع فلسوف يتركها، وإن لم تبق له المتع فهي تخرج منه. إذن، هو إما تارك للمتع بالموت، أو المتع تاركة له بحكم الأغيار، فهو بين أمرين: إمّا أن يفوتها وإمّا أن تفوته. وهو راجع إلى الله، فإذا ما ذهب إلى الله في الآخرة والحساب، فالآخرة لا زمن لها ولذلك ما أطول شقاءه بجريمته، وهذا ضلال بعيد جداً. أما الذي يضل قليلاً فهو يعود مرة أخرى إلى رشده. ومن المشركين بالله هؤلاء الذين لا يجادلون في ألوهية الحق ولكنهم يجعلون لله شركاء. وهناك بعض المشركين ينكرون الألوهية كلها وهذا هو الكفر. فهناك إذن مشرك يؤمن بالله ولكن يجعل له شركاء.ولذلك نجد أن المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يقولون عن الأصنام:{  مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [سورة الزمر: 3]
ولو قالوا: لا نذبح لهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، مثلا، لكان من الجائز أن يدخلوا في عبادة الله، ولكنهم يثبتون العبادة للأصنام؛ لذلك لا مفر من دخولهم في الشرك. ويقول سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام  عن الأصنام:

{  فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [الشعراء: 77]
إنه يضع الاستثناء ليحدد بوضوح قاطع ويقول لقومه:إن ما تعبدونه من الأصنام، كلهم عدو لي، إلا رب العالمين. كأن قوم سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام كانوا يؤمنون بالله ولكن وضعوا معه بعض الشركاء. ولذلك قال سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عن الله:

{  ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } [الشعراء: 78-79]
إذن الشرك ليس فقط إنكار الوجود لله بل قد يكون إشراكاً لغير الله مع الله. ولنر من يعبدونه ويدعونه في مصائبهم: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة: أَنْ يُشْرَكَ-لِمَنْ يَشَاءُ- وَمَنْ يُشْرِكْ

إقلاب:ضَلَالًا بَعِيدًا 

مد متصل:يَشَاءُ

مد صلة صغرى: بِهِ وَيَغْفِرُ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 115

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 115

وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا

أسباب نزول الاية :

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ…} الآية، إلى قوله تعالى: { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [105-116].
أنزلت كلها في قصة واحدة، وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له: طعمة بن أُبَيْرق، أحد بني ظفر بن الحارث، سرق درعاً من جار له يقال له: قتادة بن النعمان؛ وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق. ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين؛ فالتمست الدرع عند طُعْمَة فلم توجد عنده، وحلف لهم والله ما أخذها وما له به من علم. فقال أصحاب الدرع: بلى والله قد أَدْلَجَ علينا فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق: فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوه فقال: دفعها إِليَّ طُعْمَةُ بن أُبَيْرِق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر – وهم قوم طعمة -: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فكلموه في ذلك وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم أن يفعل – وكان هواه معهم – وأن يعاقب اليهودي، حتى أنزل الله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ} الآية كلها. وهذا قول جماعة من المفسرين.

ملخص الاية :

{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى} أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى اللّه عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فصار في شق، والشرع في شق وذلك عن عمد منه، بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له

تتحدث الاية عن:

1-وكلمة ” يشاقق ” تدل على أن شقاً قد حدث في أمر كان ملتحماً، مثلما نشق قطعة الخشب فنجعلها جزئين بعد أن كانت كتلة واحدة. وأنتم أيها المؤمنون قد التحمتم بمنهج رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم  إيماناً، واعترفتم به رسولا ومبلغ صدقٍ عن الله، فإياكم أن تشرخوا هذا الالتحام. فإن جاء حكم وحاول أحد المؤمنين أن يخرج عنه، فهذا شقاق للرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم والعياذ بالله. أو المعنى ومن سلك غير الطريقة التي جاء بها الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بأن صار في شق وشرع الله في شق آخر.

2-{ وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ } نعم فقد تبين الهدى للمسلم حينما آمن بالله خالقاً ورباً. وآمن بالرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مبلغاً وهو بذلك قد أسلم زمامه إلى الله. ولذلك قلنا: إن عمل العقل هو أن ينظر في أدلة الوجود الأعلى لله، فإذا ما آمن الإنسان بالوجود الأعلى لله، بقيت مرتبة، وهي أن يؤمن الإنسان بالرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم المبلغ عن الله؛ لأن قصارى ما يطلبه العقل من الدليل الإيماني على وجود الله أن وراء الإنسان ووراء الكون قوة قادرة حكيمة عالمة فيها كل صفات الكمال.إن العقل لا يستطيع معرفة اسم هذه القوة. ولا يستطيع العقل أن يتعرف على مطلوباتها؛ لذلك لابد من البلاغ عن هذه القوة، وإذا تبين للإنسان الهدى في الوجود الأعلى وفي البلاغ عن الله فلا بد للإنسان أن يلتحم بالمنهج الذي جاء به المبلغ عن الله. ويفعل الإنسان مطلوب القوة العليا؛ لأن الله قد أمر به؛ ولأن رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم قد بلغ الأمر أو فعله أو أقرّه. أما إذا دخل الإنسان في مماحكات فإننا نقول له:
{  وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } [النساء: 115]

3-والهدى – كما نعرف – هو الطريق الموصل إلى الغاية. فكل فعل من أفعال الخلق لا بد له من هدف. ومن فعل فعلاً بلا هدف يعتبره المجتمع فاقداً للتمييز. أما إذا كان الإنسان صاحب هدف فهو يعترف على جدّية هدفه وأهميته. ويبحث له عن أقصر طريق، هذا الطريق هو ما نسميه الهدى. ومن يعرف الطريق الموصل إلى الهدى ثم يتبع غير سبيل المؤمنين فهو يشاقق الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، ولا يلتحم بمنهج الإيمان ولا يلتزم به، ومن يشاقق إنما يرجع عن إيمانه.وهكذا نعرف أن هناك سبيلا وطريقا للرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، ومؤمنين اتبعوا الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بالتحام بالمنهج، ومن يشاقق الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يخالف المنهج الذي جاء به الرسول، ويخالف المؤمنين أيضاً.والحق هو القائل:
{  وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ } [الأنعام: 153]
فليس للحق إلا سبيل واحد. ومن يخرج عن هذا السبيل فما الذي يحدث له؟.ها هي ذي إجابة الحق: { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }. وقد يأتي لفظ من المحتمل أن يكون أداة شرط ويحتمل أن يكون اسماً موصولاً مثل قولنا: مَن يذاكرُ ينجحُ. بالضم فيهما، و ” من ” هنا هي اسم موصول؛ فالذي يذاكر هو مَن ينجح. وقد نقول: مَن يذاكرْ ينجحْ. بالسكون وهنا ” مَن ” شرطية.وفي الاسم الموصول نجد الجملة تسير على ما هي، أما إذا كانت شرطية، فهناك الجزم الذي يقتضي سكون الفعل؛ ويقتضي – أيضا – جواباً للشرط. و ” من ” تصلح أن تكون اسماً موصولاً، وتصلح أن تكون أداة شرط، ونتعرف – عادة – على وضعها مما يأتي بعدها. مثال ذلك قوله الحق: { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ } ونجد ” يتبع ” هنا عليها سكون الجزم، وهذا يدل على أن ” مَنْ ” شرطية.وتختلف القراءة لو اعتبرنا ” مَن ” اسم موصول؛ لأن هذا يستدعي ترك الفعل ” يشاقق ” في وضعه كفعل مضارع مرفوع بالضمة، وكذلك يكون ” يتبعْ ” فعلاً مضارعاً مرفوعاً بالضمة؛ عند ذلك نقول: ” نوليه ما تولى ونصليه “. ولكن إن اعتبرنا ” مَن ” أداة شرط – وهي في هذه الآية شرطية – فلا بد من جزم الفعل فنقرأها ” ومن يشاققْ الرسول من بعد ما تبين له الهدى “. وكذلك نجزم الفعل المعطوف وهو قوله: (ويتبعْ) ويجزم جواب الشرط وما عطف عليه وهو قوله: (نولّهِ) (ونصْلِه) والجواب وما عطف عليه مجزومان بحذف حرف العلة وهي الياء من آخره { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }. ومعنى ” تَوَلَّى ” أي قرب، ويقال: فلان وَلِي فلان؛ أي صار قريباً له. ومن يتبع غير سبيل المؤمنين، فالحق لا يريده بل ويقربه من غير المؤمنين ويكله إلى اصحاب الكفر. وها هو ذا الحق سبحانه يقول: ” أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشِركه “.فالذي يحتاج إلى الشرك هو من زاوية من ضعف، ويريد شريكاً ليقويه فيها. وعلى سبيل المثال – ولله المثل الأعلى – لا نجد أحداً يشارك واحداً على تجارة إلا إذا كان يملك المال الكافي لإدارة التجارة أو لا يستطيع أن يقوم على شأنها. وسبحانه حين يعلمنا: ” أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه “.أي أن له مطلق القوة الفاعلة التي لا تحتاج إلى معونة، ولا تحتاج إلى شريك؛ لأن الشركة أول ما تشهد فإنها تشهد ضعفا من شريك واحتياجاً لغريب. ولذلك فمن يشاقق الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في أمر إيماني فالحق يوليه مع الذي كفر ويقربه من مراده.وسبحانه يعلم أن الإنسان لن ينتفع بالشيء المشاقق لرسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، بل يكون جزاء المشاقق لرسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم والمتبع لغير سبيل المؤمنين أن يقربه الله ويدينه من أهل الكفر والمعاصي، ويلحقه بهم ويحشره في زمرتهم. ولا يعني هذا أن الله يمنع عن العبد الرزق، لا، فالرزق للمؤمن وللكافر، وقد أمر الله الأسباب أن تخدم العبد إن فعلها. ومن رحمة الله وفضله أنه لا يقبض النعمة عن مثل هذا العبد، فالشمس تعطيه الضوء والحرارة، والهواء يهب عليه، والأرض تعطيه من عناصرها الخير:

{  مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [الشورى: 20]
ويقول سبحانه:{  كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } [الإسراء: 20]
وهكذا نجد العطاء الرباني غير مقصور على المؤمنين فقط ولكنه للمؤمن وللكافر، ولو لم يكن لله إلا هذه المسألة لكانت كافية في أن نلتحم بمنهجه ونحبه.{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } ولا بد أن يكون المصير المؤدي إلى جهنم غاية في السوء. وبعد ذلك تأتي سيرة الخيانة العظمى للإيمان، إنها قول الحق سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة: وَمَنْ يُشَاقِقِ

مد صلة صغرى:نُوَلِّهِ مَا-وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ

إقلاب:مِنْ بَعْدِ

مد متصل: وَسَاءَتْ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 114

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية114

لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا

ملخص الاية :

–يقول تعالى: { لا خير في كثير من نجواهم} يعني كلام الناس { إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} أي إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه عن أم حبيبة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم: (كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر اللّه عزَّ وجلَّ؛ أو أمر بمعروف؛ أو نهي عن منكر)، وفي الحديث: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً؛ أو يقول خيراً)، وقال الإمام أحمد عن أبي الدرداء قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم : (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة) قالوا بلى يا رسول اللّه قال: (إصلاح ذات البين) قال: (وفساد ذات البين هي الحالقة) ورواه أبو داود والترمذي، { ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات اللّه} أي مخلصاً في ذلك محتسباً ثواب ذلك عند اللّه عزّ وجلَّ { فسوف نؤتيه أجراً عظيماً} أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً

تتحدث الاية عن:

1-وسبحانه يوضح أمر هذه النجوى التي تحمل التبييت للإضلال، ولكن ماذا إن كانت النجوى لتعين على حق؟ إنه سبحانه يستثنيها هنا؛ لذلك لم يصدر حكماً جازماً ضد كل نجوى، واستثنى منها نجوى مَن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، بل ويجزى عليها حسن الثواب. لذلك قال: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }. ويستخدم الحق هنا كلمة ” سوف ” ، وكان من الممكن أن يأتي القول { فسنؤتيه أجراً عظيماً ” لكن لدقة الأداء القرآني البالغة جاءت بأبعد المسافات وهي ” سوف “.
ونعرف أن جواب شرط الفعل إذا ما جاء على مسافة قريبة فنحن نستخدم ” السين ” ، وإذا ما جاء جواب الشرط على مسافة بعيدة فنحن نستخدم ” سوف “. وجاء الحق هنا بـ ” سوف ” لأن مناط الجزاء هو الآخرة، فإياك أيها العبد المؤمن أن تقول: لماذا لم يعطني الله الجزاء على الطيب في الدنيا؟؛ لأن الحق سبحانه وتعالى لم يقل: ” فسنؤتيه ” ولكنه قال: { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } مما يدل على أن الفضل والإكرام من الله؛ وإن كان عاجلاً ليس هو الجزاء على هذا العمل؛ لأن جزاء الحق لعبادة المؤمنين سيكون كبيراً، ولا يدل على هذا الجزاء في الآخرة إلاّ ” فسوف “. ونعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حين يمني أمته الإيمانية بشيء فهو يمنيها بالآخرة، ولننظر إلى بيعة العقبة عندما جاء الأنصار من المدينة لمبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وحوله عصابة من أصحابه: ” بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه “. لقد أخذت لنفسك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ونحن نريد أن نأخذ لأنفسنا، ماذا لنا إن نحن وفّينا بهذا؟ ولنر عظمة الجواب وإلهامية الرد، قال الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” لكم الجنة ”

2-كان في استطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يقول لهم: إنكم ستنتصرون وإنكم ستأخذون مشارق الأرض ومغاربها وسيأتي لكم خير البلاد الإسلامية كلها. لكنه بحكمته لم يقل ذلك أبداً فقد يستشهد واحد منهم في قتال من أجل نصرة دين الله، فماذا سيأخذ في الدنيا؟. إنه لن يأخذ حظه من التكريم في الدنيا، ولكنه سينال الجزاء في الآخرة.لذلك جاء بالجزاء الذي سيشمل الكل، وهو الجنة ليدلهم على أن الدنيا أتفه من أن يكون جزاء الله محصوراً فيها، ويحض كل المؤمنين على أن يطلبوا جزاء الآخرة؛ ونعلم جميعاً هذه الحكاية، ونجد رجلاً يقول لصاحبه: أتحبني؟ فأجاب الصاحب: نعم أحبك. فسأل السائل: على أي قدر تحبني؟ قال الصاحب: قدر الدنيا. أجاب الرجل: ما أتفهني عندك!!.

3-يقول الحق: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } ومن صاحب ” نؤتيه ” والفاعل لهذا العطاء؟ إنه الحق سبحانه وتعالى الذي وصف الأجر بأنه أجر عظيم. وكأن الحق يبلغنا:– يا معشر الأمة الإيمانية التحموا بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم وامتزجوا به لتكونوا معه شيئاً واحداً. وإياكم أن يكون لكم رأي منفصل عن المنهج؛ فهو مبلغ عن الله، فمن آمن به فليلتحم به. ولذلك نجد سيدنا أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – ساعة حدثوه في حكاية الإسراء والمعراج نجده يسأل محدثه: أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ما قلتموه..؟ فيقولون: بلى، لقد قال. فيرد عليهم الصديق: إن كان قال فقد صدق؛ فالصديق أبو بكر لا يحتاج إلى دليل على صدق ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.ويأتي الحق بالمقابل فيقول: { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ… }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة: كَثِيرٍ مِنْ-وَمَنْ يَفْعَلْ

إظهار:بِصَدَقَةٍ أَوْ-مَعْرُوفٍ أَوْ- أَجْرًا عَظِيمًا 

إقلاب:إِصْلَاحٍ بَيْنَ

مد متصل: ابْتِغَاءَ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 113

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 113

وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ ۚ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا

ملخص الاية :

{ فَضْلُ ٱللَّهِ } تكرر في هذه الآية مرتين. ففضل الله الأول في هذه الآية أنه عصمه من أن تضله طائفة وتنأى به عن الحق، ثم كان فضل الله عليه ثانيا أنه أنزل عليه الكتاب بكل أحكامه وأعطاه الحكمة وهي التفويض من الله لرسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يشرّع

تتحدث الاية عن:

1-وهنا نتساءل: هل هَمَّ أحد بإضلال رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؟ علينا أن نفهم أن ” الهمّ ” نوعان: هم إنفاذ، وهم تزيين. وقد رفض رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم هم الإنفاذ، ودفعه الله عنه لأنه سبحانه وتعالى يحوط رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بفضله ورحمته ويأتي بالأحداث ليعلمه حكماً جديداً. وفضل الله على رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ورحمته جعل الهم منهم هم تزيين فقط وحفظ الله رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم منه أيضا. وعندما تعلم الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم هذا الحكم الجديد، صار يقضي به من بعد ذلك في كل قضايا الناس. فإذا ما جاء حدث من الأحداث وجاء له حكم من السماء لم يكن يعلمه رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فالفضل لله لأنه يزيد رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم تعليما.
{  وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } [النساء: 113]
وكان قصد الذين دافعوا عن ” ابن أبيرق ” أن يزينوا لرسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وهذا هو هم التزيين لا هم الإنفاذ. وكان الهدف من التزيين أن يضروا الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ويضلوه والعياذ بالله، ليأخذوه إلى غير طريق الحق وغير طريق الهدى، وهذا أمر يضر رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فلو أن رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم برأ المذنب الذي يعلم أنه مذنب لاسْتقرّ في ذهن المذنب أن قضايا الدين ليست جادة، أما البريء الذي كان مطلوباً أن يدينه رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ماذا يكون موقفه؟ لا بد أن يقول لنفسه: إن دين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم لا صدق فيه لأنه يعاقب بريئاً. إذن فَهَمَّ التزيين يضر بالرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم عند المبرأ وعند من يراد إلصاق الجريمة به. لكن الله صان رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بالفضل وبالرحمة عن هذا أيضا.

2-{  لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } [النساء: 113]
لقد أنزل الحق كتاباً ليفصل في القضية, ونزول الحكم بعد وقوع تلك الحادثة إنما جاء ليبين ضمن ما يبين سر نزول القرآن منجماً؛ لأن القرآن يعالج أحداثاً واقعية، فيترك الأمر إلى أن يقع الحدث ثم يصب على الحدث حكم الله الذي ينزل من السماء وقت حدوث الحدث، وإلا كيف يعالج القرآن الأحداث لو نزل مرة واحدة بينما الأحداث لم تقع؟ لذلك أراد الله أن تنزل الأحداث أولاً ثم يأتي الحكم. وقد سبق أن قال الكفار:

{  لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } [الفرقان: 32]
لا؛ فقد أراد الله القرآن منجماً ومتفرقاً ومُقَسَّطاً لماذا؟

{  كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [الفرقان: 32]
فكلما حدثت هزة للفؤاد من اللّدَد والخصومة الشديدة ومن العناد الذي كان عليه الكفار وردّهم للحق – وهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم – ينزل نجم من القرآن، وفي شغب البشر مع الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم تنزل رحمة السماء تُثَبِّت الفؤاد؛ فإن تعب الفؤاد من شغب الناس؛ فآيات اتصال الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بالسماء وبالوحي تنفي عنه هذه المتاعب.ورسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في أمر الدعوة كانت تحدث له كل يوم هزات؛ لذلك كان في كل لحظة يحتاج إلى تثبيت. وعندما ينزل النجم القرآني بعد العراك مع الخصوم فإن حلاوة النجم القرآني تُهَوِّنُ عليه الأمر، وإذا ما جاء للرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أمر آخر يعكر صفوه، فهو ينتظر حلاوة الوحي لتنزل عليه، وهذا معنى قوله تعالى:

{  كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } [الفرقان: 32]
أي أنزلناه منجماً لنثبت به فؤادك. ولو نزل القرآن جملة واحدة لقلل من مرات اتصال السماء بمحمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وهو يريد مداومة اتصال السماء به. بدليل أن الوحي عندما فتر جلس الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يتطلع إلى السماء ويتشوق. لماذا؟ ففي بداية النزول أرهقه الوحي، لذلك قال الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” فضمني إليه حتى بلغ مني الجهد “.ورأته السيدة خديجة – رضي الله عنها – ” وإن جبينه ليتفصد عرقاً ” فاتصال جبريل بملكيته ونورانيته برسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في بشريته لا بد أن يحدث تغييراً كيميائيا في نفس رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.” عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول. قال عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا “. إن الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم كان يواجه المتاعب وأراد الله بفترة الوحي أن يحس سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حلاوة الوحي الذي نزل إليه، وأن يشتاق إليه، فالشوق يعين الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم على تحمل متاعب الوحي عندما يجيء، ولذلك نجد أن عملية تفصد العرق لم تستمر كثيرا؛ لأن الحق قال:{  وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } [الضحى: 4]
أي أن الحق أوضح لرسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: إنك ستجد شوقا وحلاوة ولذة في أن تستقبل هذه الأشياء.{  كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } [الفرقان: 32]
وهكذا كان القرآن ينزل منجماً، على فترات، ويسمع الصحابة عدداً من آيات القرآن. ويحفظونها ويكتبها كُتَّابُ الوحي, وبعد ذلك تأتي معجزة أخرى من معجزات القرآن مع رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فتنزل سورة كاملة على رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وبعد أن يُسرى عنه يقول للكتبة: اكتبوا هذه. ويرتب رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الآيات بمواقعها من السورة. ثم يقرأ رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم السورة في الصلاة ويسمع المصلون الترتيل الذي تكون فيه كل آية في موقعها، وهذا دليل على أن المسألة مدروسة دراسة دقيقة، وأن رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم حين يحكي إنما يحكي صدقاً.وإلا فَقُولُوا لي: كيف ينزل الوحي على رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بسورة بأكملها ويميلها للكتبة، ثم يقرؤها في الصلاة كما نزلت وكما كتبها أصحابه، كيف يحدث ذلك إن لم يكن ما نزل عليه صدقاً كاملاً من عند الله؟ ونحن قد نجد إنساناً يتكلم لمدة ربع ساعة، لكن لو قلنا له: أعد ما تكلمت به فلن يعيد أبداً الكلمات نفسها، لكن رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يعيد الآيات كما نزلت. مما يدل على أنه يقرأ كتاب الله المحفوظ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنه تنزيل من حكيم حميد. ولذلك يقول الحق:

{  وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [الفرقان: 33]
أي لا يأتونك بحادثة تحدث إلا جئناك بالحق فيها.

3-إذن لم يكن للقرآن أن ينزل منجماً إلا ليثبت فؤاد رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم من تتابع الهزات التي يتعرض لها، وأراد الله عز وجل أن ينشر اتصال السماء برسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم على الثلاثة والعشرين عاماً التي استغرقتها الرسالة.والترتيل هو التنجيم والتفريق الذي ينزل به القرآن فيقرأه الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في الصلاة مثلما نزل عليه قبل ذلك دون تحريف أو تبديل، والحق يقول:{  سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ }  [الأعلى: 6]وكل حادثة تحدث ينزل لها ما يناسبها من القرآن. كما حدثت حادثة سرقة ابن أبيرق فنزل فيها الحكم والحق يقول: { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }.

4-فإذا ما علمك الله – يا رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم – ما لم تكن تعلم بنزول الكتاب، فهل أنت يا سيدي يا رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم مشرع فقط بما نزل من الكتاب؟ لا؛ فالكتاب معجزة وفيه أصول المنهج الإيماني، ولكن الله مع ذلك فوض رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يشرِّع؛ وتلك ميزة لم تكن لرسول قبله، بدليل قوله الحق:
{  وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [الحشر: 7]
فالرسل من قبل الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يتناولون ما أخذوه عن الله، وميز سبحانه محمداً صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بتفويض التشريع. وأوضح الحق أنه عَلَّمَ رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الكتاب والحكمة. والحكمة مقصود بها السنة، فسبحانه القائل:{  وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ } [الأحزاب: 34]

5-وسبحانه صاحب الفضل على كل الخلق وصاحب الفضل على رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } ولنا أن نلحظ أن { فَضْلُ ٱللَّهِ } تكرر في هذه الآية مرتين. ففضل الله الأول في هذه الآية أنه عصمه من أن تضله طائفة وتنأى به عن الحق، ثم كان فضل الله عليه ثانيا أنه أنزل عليه الكتاب بكل أحكامه وأعطاه الحكمة وهي التفويض من الله لرسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يشرّع.إذن فالحق سبحانه وتعالى جعل من سنة الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم امتداداً لوحيه. ولذلك إذا قيل من قوم يحاولون التشكيك في حديث رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: إن الصلاة لم تأت في القرآن.نقول سائلين الواحد منهم: هل تؤدي الصلاة أم لا.؟فيقول: إنني أصلي..
فنقول له: كم فرضاً تصلي؟.
فيقول: خمسة فروض.
فنقول: هات هذه الفروض الخمسة من القرآن. ولسوف يصيبه البهت، وسيلتبس عليه أمر تحديد الصبح بركعتين والظهر بأربع ركعات، والعصر بمثلها، والمغرب بثلاث، والعشاء بأربع ركعات. وسيعترف أخيراً أنه يصلي على ضوء قول الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” وهذه من سنة رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم.

6-{ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } وقد نجد واحداً من اهل السطحية واللجاجة يقول: القرآن يكرر الكلمات في أكثر من موقع، ولماذا يذكر فضل الله في صدر هذه الآية، ويذكره مرة أخرى في ذيل نفس الآية؟.نقول: أنت لم تلحظ فضل الله في الجزئية الأولى لأنه أنقذ رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم من همّ التزيين بالحكم على واحد من أهل الكتاب ظلماً، وفي الجزئية الثانية هو فضل في الإتمام بأنه علم رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم الكتاب والحكمة وكان هذا الفضل عظيماً حقاً.وساعة يذهب هؤلاء الناس ليحدثوا الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم في أمر طعمة ابن أبيرق، ألم يجلسوا معا ليتدارسوا كيف يفلت طعمة بن أبيرق من الجريمة؟.لقد قاموا بالتداول فيما بينهم لأمر طعمة واتفقوا على أن يذهبوا للرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؛ فكانت الصلة قريبة من النجوى. ولذلك حرص أدب الإسلام على أن يحترم كرامة أي جليس ثالث مع اثنين فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما؛ لأن ذلك يحزنه.وقد يكون الأمر جائزاً لو كان الجلوس أربعة، فواحد يتحدث مع آخر، وهناك يستطيع اثنان أن يتناجيا. إذن فالنجوى معناها المسارّة، والمسارّة لا تكون إلا عن أمر لا يحبون أن يشيع، وقد فعل القوم ذلك قبل أن يذهبوا إلى الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ليتكلموا عن حادثة طعمة بن أبيرق، ولذلك يفضح الحق أمر هذه النجوى، فينزل القول الحق: { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة:طَائِفَةٌ مِنْهُمْ- أَنْ يُضِلُّوكَ

مد منفصل: إِلَّا أَنْفُسَهُمْ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 112

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 112

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا

ملخص الاية :

من يصنع جريمة ثم يرمي البريء بالإثم إنما يرتكب عملأً يتطلب مشقة وتتنازعه نفسه مرة بالندم؛ لأنه فعل الجريمة، وتنازعه نفسه مرة ثانية لأنه رمى بريئاً بالجريمة؛ لذلك قال الحق: { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

-إياك حين تحكم أن تقول: هذا مسلم وذلك كافر. أو تقول: هذا مسلم وذلك من أهل الكتاب، بل كل الناس أمام قضايا الحق سواء

تتحدث الاية عن:

1-قالوا: إن الخطيئة هي الشيء غير المتعمَّد، مثال ذلك حين نعلِّم التلميذ قاعدة من قواعد النحو، ثم نطلب منه أن يطالع نصاً من النصوص، ونلتفت لنجد التلميذ قد نصب الفاعل ورفع المفعول، ونصحح له الخطأ، إنّه لم يتعمده، بل نسي القاعدة ولم يستحضرها. ونظل نصحح له الخطأ إلى أن يتذكر القاعدة النحوية، وبالتدريب يصبح الإعراب ملكة عند التلميذ فلا يخطئ.والخطيئة – إذن – هي الخطأ غير المتعمد. اما الإثم فهو الأمر المتعمَّد. فكيف إذا رمى واحد غيره بإثم ارتكبه أو خطيئة ارتكبها هو.. ما حكم الله في ذلك؟{  وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }
[النساء: 112]
لقد ارتكب الخطيئة أو الإثم، ويا ليته اكتفى بهذا، لا، بل يريد أن يصعد الجريمة بارتكاب جريمة ثانية وذلك بأن يرمي بالخطيئة أو الإثم بريئاً، إنَّ إثمه مركب، ولذلك قال الحق: { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } واستخدام الحق هنا لكلمة ” احتمل ” وليس ” حمل ” تؤكد لنا أن هناك علاجاً ومكابدة وشدة ليحمل الإنسان هذا الشيء الثقيل؛ فالجريمة جريمتان وليست واحدة، لقد فعل الخطيئة ورمى بها بريئاً، وفاعل الخطيئة يندم على فعلها مرة، ويندم أيضاً على إلصاقها ببريء. إذن فهي حمل على أكتافه. ونعلم أن الإنسان ساعة يقع أسير سُعار العداوة؛ يهون عليه أن يصنع المعصية، ولكن بعد أن يهدأ سعار العداوة فالندم يأتيه. قال الحق:{  وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27]
هابيل – إذن – يسأل قابيل: وما ذنبي أنا في ذلك، إن الله هو الذي يتقبل القربان وليس أنا فلماذا تقلتني؟
ويستمر القول الحكيم:

{  لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ }
[المائدة: 28]
وماذا يقول الحق من بعد ذلك:

{  فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [المائدة: 30]
كأن مسألة القتل كانت عملية شاقة وليست سهلة، وأخذت مغالبة. وعلى سبيل المثال: لن يقول أحد: ” لقد طوعت الحبل ” ولكن هناك من يقول: ” أنا طوعت الحديد “. وسعار الغضب جعل قابيل ينسى كل شيء وقت الجريمة، وبعد أن وقعت، وهدأ سعار الغضب الذي ستر موازين القيم، هنا ظهرت موازين القيم ناصعة في النفس.ولذلك نجد من يرتكب جريمة ما، ويتجه بعد ذلك لتسليم نفسه إلى الشرطة، وهو يفعل ذلك لأن سعار الجريمة انتهى وظهر ضوء موازين القيم ساطعاً. وعلى ذلك نفهم قول الحق: { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }.وهذا يدل على أن من يصنع جريمة ثم يرمي البريء بالإثم إنما يرتكب عملأً يتطلب مشقة وتتنازعه نفسه مرة بالندم؛ لأنه فعل الجريمة، وتنازعه نفسه مرة ثانية لأنه رمى بريئاً بالجريمة؛ لذلك قال الحق: { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } وساعة نسمع كلمة ” بهتان ” فهي مأخوذة من مادة ” بهت “.والبهتان هو الأمر الذي يتعجب من صدوره من فاعله. مثال ذلك قوله الحق في شرح قضية سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام مع النمرود، حيث يقول سبحانه على لسان سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام:{  فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ } [البقرة: 258]
فماذا كان موقف الرجل؟

{  فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } [البقرة: 258]
أي أنه سمع شيئاً عجيباً يخرسه عن أن يتكلم؛ فقد جاء له سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام بأمر عجيب لا يخطر على باله، ولا يستطيع أن يجد منه مفراً، فكأن الأمور المخالفة لمنطق الحق ولمطلوب القيم أمور غريبة عن الناس إنَّها هي البهتان، والدليل على ذلك أنها أمور يستتر فاعلها عن الناس.

2-وإذا ما نظرنا إلى القضية التي نزلت الآية بسببها. وجدنا أن سارقاً سرق وأراد أن يبرئ نفسه وأن يُدخل في الجريمة بريئاً. ويلصقها به، وأن يرتكب المجرم الجريمة فهذا يحمِّلُه إثماً. أما أن ينقل الجريمة إلى سواه فهذا يدل على وجود طاقة أخرى حتى يحتمل ما فعله، وهذا صعب على النفس، ولا يتعجب أحد لسماع شيء إلا إذا كان هذا الشيء مخالفاً لما هو مألوف ومعروف. وإنّ في الحوار بين سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام والنمرود لدليلاً واضحاً وناصعاً؛ فعندما قال النمرود:
{  أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } [البقرة: 258]
قصد بذلك قدرته على أن يقتل إنساناً، ويترك إنساناً آخر لمسعاه. وهنا عاجله سيدنا إبراهيم علية الصلاة والسلام بالقضية التي تبهته ولا يدخل فيها هذا التماحك اللفظي. فقال:

{  فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } [البقرة: 258]
أي أن النمرود سمع قولاً عجيباً وليس عنده من الذكاء ما يحتاط به إلى دفعه، وكذلك الرجل الذي صنع الجريمة ثم رمى بها غيره احتاج إلى طاقة تتحمل هذا، مما يدل على أن الفطرة السليمة كارهة لفعل القبيح. فإذا ما فعل الإنسان ذنباً فقد حمل بهتاناً، وإذا ما عَدَّى ذلك إلى أن يحمله إلى بريء، فذلك يعني أن الأمر يحتاج إلى طاقة أخرى.

3-إذن فقوله الحق: { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } أي أنه احتمل أمراً عجيباً يبهت السامع ويتعجب كيف حدث ذلك. ويحتمل من يفعل ذلك الإثمَ أيضاً.والإثم – كما عرفنا – هو السيئة المتعمَّدة. ويوضح الحق سبحانه وتعالى هذه القضية: إن الله سبحانه وتعالى يحوطك يا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم بعنايته وبرعايته وبفضله، وإن حاول بعض من قليلي الإيمان أن يخرجوك عن هذه المسألة، وأن يزينوا لك أن تبرئ مذنباً لتجرم آخر بريئاً وإن كان المذنب مسلماً وإن كان البريئ غير مسلم، والله لم يرسل محمداً صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ليحكم بين المؤمنين فقط، ولكن صدر هذه الآية يوضح لنا أن الله أرسل رسوله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم ليحكم بالحق: ” لتحكم بين الناس ” أي ليحكم بين الناس على إطلاقهم.فإياك حين تحكم أن تقول: هذا مسلم وذلك كافر. أو تقول: هذا مسلم وذلك من أهل الكتاب، بل كل الناس أمام قضايا الحق سواء.

4-ولذلك أخذ الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم تلك الجرعة الإيمانية التي جاءت بها حادثة من الحوادث ليقول بعد ذلك في قصة المخزومية حينما سرقت وأراد أن يقيم عليها الحد، وكلّمه حبيبه أسامة بن زيد في أن يرفع عنها الحد، فقال رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:” عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: مَنْ يكلم فيها رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم؟ فقالوا: ومن يجرؤ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فاختطب فقال: ” أيها الناس: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإن سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم سرقت لقطع محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم يدها “. هذا القول مستخلص من القضية السابقة. ويقول سبحانه وتعالى: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة:وَمَنْ يَكْسِبْ-بُهْتَانًا وَإِثْمًا-وَإِثْمًا مُبِينًا 

إظهار: خَطِيئَةً أَوْ

إخفاء:إِثْمًا ثُمَّ-بَرِيئًا فَقَدِ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 111

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 111

وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

ملخص الاية :

قوله تعالى: { ومن يكسب إثما} أي ذنبا { فإنما يكسبه على نفسه} أي عاقبته عائدة عليه. والكسب ما يجر به الإنسان إلى نفسه نفعا أو يدفع عنه به ضررا؛ ولهذا لا يسمى فعل الرب تعالى كسبا

تتحدث الاية عن:

1-ويورد الحق كلمة ” كسب ” عندما يتناول أمراً خَيِّرًا فعله الإنسان، ويصف ارتكاب الفعل السيئ بـ ” اكتسب ” ، لماذا؟ لأن فعل الخير عملية فطرية في الإنسان لا يستحيي منه، لكن الشر دائماً هو عملية يستحيي منها الإنسان؛ لذلك يحب أن يقوم بها في خفية، وتحتاج إلى افتعال من الإنسان.ولنضرب هذا المثل للإيضاح – ولله المثل الأعلى – نحن نجد الرجل ينظر إلى وسامة زوجته بكل ملكاته، لكنه لو نظر إلى واحدة أخرى من غير محارمه فهو يقوم بعملية لخداع ملكات النفس حتى يتلصص ليرى هذه المرأة. ويحاول التحايل والافتعال ليتلصص على ما ليس له. ولذلك يقال عن الحلال: إنه ” كسب ” ويقال عن الحرام: إنه ” اكتساب “..فإذا ما جاء القرآن للسيئة وقال ” كسب سيئة ” فهذا أمر يستحق الالتفات، فالإنسان قد يعمل السيئة ويندم عليها بمجرد الانتهاء منها إن كان من أهل الخير، ونجده يويخ نفسه ويلومها ويعزم على ألا يعود إليها. لكن لو ارتكب واحد سيئة وسعد بذلك وكأنها حققت له كسباً ويفخر بها متناسياً الخطر الجسيم الذي سوف يواجهه يوم القيامة والمصير الأسود، وهو حين يفخر بالمعصية ففي ذلك إعلان عن فساد الفطرة، وسيادة الفجور في أعماقه، وهو يختلف عن ذلك الذي تقع عليه المعصية ولحظة ما يتذكرها يقشعر بدنه ويستغفر الله.

2-{ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } فإياك أيها الإنسان أن تظن أنك حين تظلم أحداً بعمل سوء قد كسبت الدنيا؛ فوالله لو علم الظالم ماذا أعد الله للمظلوم لضن على عدوه أن يظلمه. وأضرب هذا المثل للإيضاح – ولله المثل الأعلى دائماً – هب أن رجلاً له ولدان. وجاء ولد منهما وضرب أخاه أو خطف منه شيئا يملكه، ورأى الأب هذا الحادث، فأين يكون قلب الأب ومع من يكون؟إن الأب يقف مع المظلوم، ويحاول أن يرضيه، فإن كان الأخ الظالم قد أخذ منه شيئاً يساوي عشرة قروش، فالأب يعوض الابن المظلوم بشيء يساوي مائة قرش. ويعيش الظالم في حسرة، ولو علم أن والده سيكرم أخاه المظلوم لما ظلمه أبداً. إذن فالظلم قمة من قمم الغباء.ومن ضمن المفارقات التي تروى مفارقة تقول: إن كنت ولا بد مغتاباً فاغتب أبويك. ولا بد أن يقول السامع لذلك: وكيف أغتاب أبي وأمي؟ فيقول صاحب المفارقة: إن والديك أولى بحسناتك، فبدلاً من أن تعطي حسناتك لعدوك، ابحث عمن تحبهم وأعطهم حسناتك. وحيثية ذلك هي: لا تكن أيها المغتاب أحمق لأنك لا تغتاب إلا عن عداوة، وكيف تعطي لعدوك حسناتك وهي نتيجة أعمالك؟ ونعرف ما فعله سيدنا الحسن البصري، عندما بلغه أن واحداً قد اغتابه.فأرسل إلى المغتاب طبقاً من البلح الرطب مع رسول، وقال للرسول: اذهب بهذا الطبق إلى فلان وقل له: بلغ سيدي أنك اغتبته بالأمس فأهديت له حسناتك، وحسناتك بلاشك أثمن من هذا الرطب. وفي هذا إيضاح كاف لذم الغيبة.

3-{ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } ونعلم أنه إذا جاءت أي صفة من صفات الحق داخلة في صورة كينونة أي مسبوقة بـ ” كان ” فإياكم أن تأخذوا ” كان ” على أنها وصف لما حدث في زمن ماضٍ، ولكن لنقل ” كان ومازال “. لماذا؟ لأن الله كان أزلاً، فهو غفور رحيم قبل أن يوجد مغفور له أو مرحوم؛ فالله ليس من اهل الأغيار، والصفات ثابتة له؛ لأن الزمن في الأحداث يتغير بالنسبة للأغيار فقط، وعلى سبيل المثال نجد الواحد من البشر صحيحاً في زمن ومريضاً في زمن آخر.ولذلك لا يخرج الزمن المستقبل عن الزمن الماضي إلا أصحاب الأغيار. وكذلك لا يخرج الزمن المستقبل عن الزمن الحاضر إلا في أصحاب الأغيار. ومادام الله هو الذي يغير ولا يتغير فلن يغيره زمن ما، بل كان في الأزل غفوراً رحيما، ولايزال أيضاً غفوراً رحيماً. وكذلك كان علم الله أزلياً وحكمته لا حدود لها.وبعد ذلك يقول الحق: { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة:وَمَنْ يَكْسِبْ

إظهار: عَلِيمًا حَكِيمًا

إخفاء:إِثْمًا فَإِنَّمَا 

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 110

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 110

وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا

أحاديث فى الاية:

قال علي رضي اللّه عنه: كنت إذا سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم  وعلى اله وصحبة وسلم شيئاً نفعني اللّه فيه بما شاء أن ينفعني منه، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (ما من مسلم يذنب ذنباً ثم يتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر اللّه لذلك الذنب إلا غفر له )وقرأ هاتين الآيتين: { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} الآية، { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} الآية.””رواه أحمد””

ملخص الاية :

الحق سبحانه يضع المعايير، فمن يرتكب ذنباً أو يظلم نفسه بخطيئة ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً.

فالسوء هو عمل يكرهه الناس، ويقال: فلان رجل سوء، أي يلقى الناس بما يكرهون.لكن الذي يشرب الخمر قد يكون في عزلة عن الناس لم يرتكب إساءة إلى أحد، لكنه ظلم نفسه؛ لأن الإنسان المسلم مطلوب منه الولاية على نفسه أيضاً، والمنهج يحمي المسلم حتى من نفسه.

والله غفور ورحيم أزلاً ودائماً، والعبد التائب يرى مغفرة الله ورحمته.

تتحدث الاية عن:

1-وسبحانه وتعالى حينما خلق الخلق جعلهم أهل أغيار؛ لذلك لم يشأ أن يُخرج مذنباً بذنب عن دائرة قدرته ورحمته، بل إنه – سبحانه – شرع التوبة للمذنب حماية للمجتمع من استشراء شره. فلو خرج كل من ارتكب ذنباً من رحمة الله، فسوف يعاني المجتمع من شرور مثل هذا الإنسان، ويصبح كل عمله نقمة مستطيرة الشر على المجتمع. إذن فالتوبة من الله، مشروعية وقبولاً، إنما هي حماية للبشر من شراسة من يصنع أول ذنب. وهكذا جاءت التوبة لتحمي الناس من شراسة أهل المعصية الذين بدأوا بمعصية واحدة.
إن الذين وقفوا في محاولة تبرئة ” ابن أبيرق ” انقسموا إلى قسمين: قسم في باله أن يبرئ ” ابن أبيرق ” ، وقسم في باله ألا يفضح مسلماً. وكل من القسمين قد أذنب. ولكن هل يخرجهم هذا الذنب من رحمة الله؟. لا، فسبحانه يقول: { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } والحق يعفو عن تلك المسألة. إن القسمين جميعا أصبحوا مطالبين بعمل طيب بعد أن أوضح لهم الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، وفهموا مراد الحق. وسبحانه يبقيهم في الصف الإيماني، وقد حكم رسول الله  صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم على ” ابن أبيرق ” لصالح اليهودي، وبعد ذلك ارتد ” ابن أبيرق ” ، وذهب إلى مكة مصاحباً لِعادة الخيانة، فنقب حائطا على رجل ليسرق متاعه فوقع الحائط عليه فمات.

2-والحق سبحانه يضع المعايير، فمن يرتكب ذنباً أو يظلم نفسه بخطيئة ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً. ونلاحظ أن بعض السطحيين لا يفهمون جيداً قول الحق: { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } فيتساءلون: أليس الذي ارتكب العمل السيئ قد ظلم نفسه؟ونقول: إن دقة القرآن الكريم  توضح لنا المعنى؛ فمعنى عمل سوءًا أضرّ بهذا العمل آخرين، إنّه غير الذي ارتكب شيئاً يضرّ به نفسه فقط؛ فالذي سرق أو قتل أو اعتدى على آخر قذفاً أو ضرباً أو إهانة، مثل هذه الأعمال هي ارتكاب للسوء؛ فالسوء هو عمل يكرهه الناس، ويقال: فلان رجل سوء، أي يلقى الناس بما يكرهون.
لكن الذي يشرب الخمر قد يكون في عزلة عن الناس لم يرتكب إساءة إلى أحد، لكنه ظلم نفسه؛ لأن الإنسان المسلم مطلوب منه الولاية على نفسه أيضاً، والمنهج يحمي المسلم حتى من نفسه، ويحمي النفس من صاحبها، بدليل أننا نأخذ من يقتل غيره بالعقوبة، وكذلك يحرم الله من الجنة من قتل نفسه انتحاراً.وهكذا نرى حماية المنهج للإنسان وكيف تحيطه من كل الجهات؛ لأن الإنسان فرد من كون الله، والحق يطلب من كل فرد أن يحمي نفسه. فإن صنع سوءا أي أضر بغيره، فهذا اسمه ” سوء “.أما حين يصنع فعلاً يضر نفسه فهذا ظلم النفس:

{  وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [سورة آل عمران: 135]
وهل فعل الفاحشة مخالف لظلم النفس؟. إنه إساءة لغيره أيضا، لكن ظلم النفس هو الفعل الذي يسئ إلى النفس وحدها. أو أن الإنسان يصنع سيئة ويمتع نفسه بها لحظة من اللحظات ولا يستحضر عقوبتها الشديدة في الآخرة. وقد تجد إنساناً يرتكب المعصية ليحقق لغيره متعة، مثال ذلك شاهد الزور الذي يعطي حق إنسان لإنسان آخر ولم يأخذ شيئاً لنفسه، بل باع دينه بدنيا غيره، وينطبق عليه قول الرسول صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم:” بادروا بالأعمال ستكون فتنة كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويُمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض الدنيا “. { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } والله غفور ورحيم أزلاً ودائماً، والعبد التائب يرى مغفرة الله ورحمته.ويقول الحق من بعد ذلك: { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

إدغام بغنة:غَفُورًا رَحِيمًا 

إظهار: سُوءًا أَوْ 

إدغام بغنة:وَمَنْ يَعْمَلْ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

 

تفسير سورة النساء الاية 109

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 109

هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا

أسباب نزول الاية :

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ…} الآية، إلى قوله تعالى: { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [105-116].
أنزلت كلها في قصة واحدة، وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له: طعمة بن أُبَيْرق، أحد بني ظفر بن الحارث، سرق درعاً من جار له يقال له: قتادة بن النعمان؛ وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق. ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين؛ فالتمست الدرع عند طُعْمَة فلم توجد عنده، وحلف لهم والله ما أخذها وما له به من علم. فقال أصحاب الدرع: بلى والله قد أَدْلَجَ علينا فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق: فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوه فقال: دفعها إِليَّ طُعْمَةُ بن أُبَيْرِق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر – وهم قوم طعمة -: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم، فكلموه في ذلك وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبة وسلم أن يفعل – وكان هواه معهم – وأن يعاقب اليهودي، حتى أنزل الله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ} الآية كلها. وهذا قول جماعة من المفسرين.

ملخص الاية :

–قال تعالى: وها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا} الآية، أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدى لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك، فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي اللّه تعالى الذي يعلم السر وأخفى؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً، ولهذا قال: { أم من يكون عليهم وكيلاً} ؟

تتحدث الاية عن:

1-فالذي جادل عن ابن ابيرق كان يريد أن يبرئ ساحته أمام الناس ويدين اليهودي، وفي أنه قد جادل أمام بشر عن بشر، فهل تنتهي المسألة بهذا اليسر؟ لا؛ لأن الدنيا ليست دار جزاء. وهب أنه أفلت من العقوبة البشرية، أيفلت من عقوبة الله في الآخرة؟ لا، إذن فالذي يجادل يريد أن يعمى على قضاء الأرض، ولن يستطيع أن يعمى على قضاء الحق، ولم يجد من يجادل عن مثل هذا الخطأ يوم القيامة. وليس هذا فقط، ولكن الحق يذيل الآية: { أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } أي فمن إذن يستطيع أن يكون وكيلاً عن هؤلاء يوم القيامة؟. ونعرف أن الوكيل هو الشخص اللبق الذي يختاره بعض الناس ليكون قادراً على إقناع من أمامه. فمن يستطيع أن يقوم بذلك العمل أمام الله؟ لا أحد.

جزء تعليم القراءة والتلاوة

مد منفصل:هَا أَنْتُمْ

مد متصل:هَٰؤُلَاءِ

إدغام بغنة:فَمَنْ يُجَادِلُ-مَنْ يَكُونُ

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب

تفسير سورة النساء الاية 108

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وعلى اله وصحبة وسلم

تفسير اليوم اية 108

يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا

أسباب نزول الاية :

قوله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ…} الآية، إلى قوله تعالى: { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [105-116].
أنزلت كلها في قصة واحدة، وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له: طعمة بن أُبَيْرق، أحد بني ظفر بن الحارث، سرق درعاً من جار له يقال له: قتادة بن النعمان؛ وكانت الدرع في جراب فيه دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق. ثم خبأها عند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين؛ فالتمست الدرع عند طُعْمَة فلم توجد عنده، وحلف لهم والله ما أخذها وما له به من علم. فقال أصحاب الدرع: بلى والله قد أَدْلَجَ علينا فأخذها، وطلبنا أثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق: فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوه فقال: دفعها إِليَّ طُعْمَةُ بن أُبَيْرِق، وشهد له أناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر – وهم قوم طعمة -: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلموه في ذلك وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي، فهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل – وكان هواه معهم – وأن يعاقب اليهودي، حتى أنزل الله تعالى: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ} الآية كلها. وهذا قول جماعة من المفسرين.

ملخص الاية :

هو سبحانه محيط علماً لأنه هو الذي لا تخفى عليه خافية، ومحيط قدرة فلا يستطيع أن يفلت أحد منه إلى الخارج

-على الإنسان المسلم ألا يخشى الناس إن فعل أخ له شيئاً يشين المسلمين، بل عليه أن يأخذ على يديه ويردُه عن فعله. ونقول لمن يستتر عن الناس: أنت استخفيت من الناس، ولم تستخف من الله

تتحدث الاية عن:

1-إنهم يطلبون البراءة أمام الناس في أن ” طعمة ” لم يفعل السرقة، ولكن هل يملك الناس ما يملكه الله عنهم؟. إنه سبحانه أحق بذلك من الناس. فإذا كنتم تريدون التعمية في قضاء الأرض فلن تعموا على قضاء السماء. وهذه القضية يجب أن تحكم حركة المؤمن، فإذا ما فكر إنسان منسوب إلى الإسلام أن يفعل شيئاً يغضب الله فعليه أن يفكر: أنا لو فعلت ذلك لفضحت نفسي أو فضحت ولدي أو فضحت أسرتي أو فضحت المسلمين، وعلى الإنسان المسلم ألا يخشى الناس إن فعل أخ له شيئاً يشين المسلمين، بل عليه أن يأخذ على يديه ويردُه عن فعله. ونقول لمن يستتر عن الناس: أنت استخفيت من الناس، ولم تستخف من الله؛ لذلك فأنت غير مأمون على ولاية.

2-{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } و ” يبيت ” أي أنه يفعل أمره في الليل؛ لأن الناس كانت تلجأ إلى بيوتهم في الليل، ومعنى ” يبيت ” أن يصنع مكيدة في البيت ليلا، وكل تدبير بخفاء اسمه ” تبييت ” حتى ولو كان في وضح النهار، ولا يبيت إنسان في خفاء إلا رغبة منه في أن ينفض عنه عيون الرائين. فنقول له: أنت تنفض العيون التي مثلك، لكن العيون الأزلية وهي عيون الحق فلن تقدر عليها.
{  يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [النساء: 108]

3-حين نسمع كلمة ” محيط ” فلنعلم أن الإحاطة هي تطويق المحيط للمحاط، بحيث لا يستطيع أن يفلت منه علماً بحاله التي هو عليها ولا قدرة على أن يفلت مِنْه مآلا وعاقبة، فهو سبحانه محيط علماً لأنه هو الذي لا تخفى عليه خافية، ومحيط قدرة فلا يستطيع أن يفلت أحد منه إلى الخارج. وسبحانه محيط علماً بكل جزئيات الكون وتفاصيله وهو القادر فوق كل شيء. فإذا ما سمعنا كلمة ” محيط ” فمعناها أن الحق سبحانه وتعالى يحيط ما يحيط به علماً بكل جزئياته فلا تستطيع جزئيه أن تهرب من علم الحق. وسبحانه محيط بكل شيء قدرة فلا يستطيع أن يفلت من مآله شيء من الجزاء الحق.وبعد ذلك يقول الحق جل وعلا: { هَا أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا.. }

جزء تعليم القراءة والتلاوة

رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

الحمد الله رب العالميين حمدا كثيرا مباركا فية – اللهم دومها نعمة واحفظها من الزوال امين امين امين يا رب